نستعيد قصصهم وحكاياتهم، نعيدهم بيننا ليعيدوا إلينا البهاء والشموخ، نستعيد بيوتهم وأماكن بوحهم، نقرأ أسرارهم في زوايا النسيان، نراقب من ذاكرتهم كيف بنوا وكيف صنعوا وكيف أسسوا لحياة جميلة. المواقع الأثرية التي تنشر على التاريخ وجه الفجيرة تؤكد لزائرها أنها مدينة عريقة، بأهلها وإرثها الحضاري وتاريخها الشامخ شموخ التاريخ.كما أن إعادة البهاء لهذه القلاع يؤكد أننا لا نزال نرتبط بأهلها حباً وتيمنّا وجذوراً راسخة في عمق الأرض كجذور هذه القلاع. لابد من إعادة الاعتبار لها وإعادة إلباسها لباساً جميلاً كما كانت لنقرأ في جنباتها قصص أهلنا الذين ذهبوا وبقي إرثهم، وتعد القلاع والحصون التاريخية بالفجيرة التي تقوم هيئة الفجيرة للسياحة والآثار على إعادتها سيرتها الأولى وتأهيلها وترميمها من خلال أعمال الترميم، شاهداً على عراقة وتاريخ امارة الفجيرة، وتشكّل هذه المباني التاريخية سجلاً تاريخياً، إذ عرفها التجار والقادة والحكام منذ آلاف السنين، لذلك حملت تفاصيل حياة كل منطقة توجد فيها ، فمنذ نشوئها سكن الناس فيها وإليها التجؤوا في الحروب. سعيد السماحي مدير هيئة الفجيرة للسياحة والآثار يقول: تولي الهيئة القلاع والحصون، اهتماماً كبيراً نظراً لقدمها، وما تبرهن عليه من حقائق للسياح والأجانب، وهناك العديد من تلك القلاع والحصون التي شملها الترميم وإعادة التأهيل منها قلعة البثنة ومسافي وحصن الحيل والعمل جار الآن على ترميم قلعتي سكمكم ودبا الفجيرة. وعن أعمال الترميم في قلعة البثنة يقول السماحي: استغرق ترميمها أكثر من عام، وخلال ذلك تم إصلاح كافة أركان القلعة التي تتكون من مبنى رئيس مخروطي الشكل من ثلاثة طوابق تعلوها أجزاء هرمية الشكل، لغرض الدفاع والرقابة، ويدخل في بنائها الحجر والصاروج والطين وجذوع وسعف النخيل والليف والسميم، كما أعيد ترميم أحجار الجرانيت والأحجار النارية التي تمت في عمليات التشييد، وجميعها جلبت من منطقة البثنة نفسها التي تحتوي جبالها على مختلف أنواع الأحجار وهي من أكثر قلاع الفجيرة تميزاً وشهرة، بعد قلعتها الرئيسية، نظراً لبنائها الفريد ومكانها المطلّ على الشارع الرئيسي في مدخل مدينة الفجيرة. أما عن أعمال الترميم في قلعة مسافي يقول السماحي استخدمت في ترميم وإعادة تأهيل قلعة مسافي مواد من البيئة المحلية في عمليات الترميم الخاصة بها لضمان تجانسها الكامل معها، وتم تأهيل وترميم القلعة وبرجها بالكامل وملاحقها المجاورة لها، وتعد قلعة مسافي من القلاع التي تم تشييدها على أحد التلال الصغيرة ذات الارتفاع المنخفض نسبياً، وتأخذ شكل مربع، وتضم برجاً واحداً دائري الشكل من الناحية الجنوبية الغربية بارتفاع 7 أمتار وطول قطره يصل إلى نحو 5 أمتار ويحتوي على غرف متعددة داخل فنائه الخاص، مؤكداً على أن خلال عمليات التنقيب والتأهيل التي قامت بها الهيئة اكتشفت قناة مائية تحت القلعة تعدّ من أندر المكتشفات خلال السنوات الأخيرة، حيث نجح فريق من المنقبين الأثريين اليابانيين في اكتشاف هذه القناة المائية التي تجري أسفل القلعة في الجهة الشرقية من برج القلعة، بمسافة تصل إلى بضعة كيلو مترات.وتمرّ باتجاه الجنوب الغربي، وتصب فيها قناتان مائيتان أخريان.وتقوم الهيئة الآن بترميم وتأهيل بيت الشيوخ في مسافي وأصبح في المرحلة الأخيرة من إعادة الترميم. كما تم الانتهاء من ترميم حصن ومربعة الحيل التي تقع وسط سلسلة من الجبال في منطقة الحيل حيث تم ترميم وتأهيل وحدة بنائية تمثل مجمعاً سكنياً كبيراً يحتوي على قاعات للاستقبال وللاجتماعات وغرف للنوم ومخازن ومطبخ ومحاط بسور حصين مزود بفتحات لرمي الأسلحة الكبيرة والصغيرة، وجدرانه من الداخل المزينة بديكور بديع وفيها كوات جميلة المنظر، وصبغت بعض القاعات من الداخل بالجير الأبيض،كما تم ترميم المجلس الذي يقع خارج المجمع الذي كان يستخدم للضيوف والزوار ، كما أعيد تأهيل وترميم برج المراقبة الذي يقع على قمة الجبل ليطل منها على القصر والقرية، وبنيت قلعة الحيل من الطين والطابوق والحصى والعروق الخشبية. وعن أعمال الترميم بقلعة دبا الفجيرة يقول السماحي: تعتبر قلعة دبا من القلاع التاريخية ذات الماضى العريق الذي يتميز بالعديد من الحروب القديمة بين العرب والفرس، وتمت إعادة ترميم كافة أجزاء القلعة وترميم أبراجها لكي تصبح كما كانت عليه في الماضي مستخدمين في الترميم والتأهيل المواد المحلية الاصيلة التي بنيت منذ مئات السنين و تتميز القلعة بموقعها الفريد المطل على السواحل البحرية للمنطقة. ويؤكد السماحي: أعمال الترميم والتأهيل لتلك المواقع جاءت ضمن خطة الهيئة الرامية لإعادة ترميم المواقع الأثرية في الإمارة التي تتمثل في تفعيل وتوظيف السياحة الأثرية في الإمارة لاستقطاب الكثير من السياح والزوار، مشيراً إلى أن أعمال الترميم تعتمد المواصفات العالمية المدرجة من اليونيسكو بحيث تستخدم المواد المحلية من صخور البازلت والطين المحروق في أعمال الترميم وتأهيل تلك القلاع والحصون. وأضاف: الهيئة تسعى إلى إدخال المواقع الأثرية الأخرى أيضاً ضمن خطتها السياحة الأثرية الطموحة لتنال قدراً من الاهتمام والترويج والمشاهدات اليومية.
مشاركة :