ابتكار ثوري للبطاريات يعد بتبديد فوبيا السيارات الكهربائية

  • 12/18/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يجمع المختصون في عالم صناعة السيارات على أن البطارية باتت المعركة الفاصلة للسيطرة على سوق صناعة المركبات الصديقة للبيئة، بعد أن أصبح الشغل الشاغل للشركات كيفية إيجاد حلول لإطالة عمر البطارية وجعل المستهلكين مقتنعين بجدوى السيارات الكهربائية. وقد يدفع ابتكار فريق علمي من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في مدينة غوتنبرغ السويدية سائلا خاصا يمكنه امتصاص طاقة الشمس وتخزينها لسنوات طويلة كوقود حراري، الشركات وخاصة النشائة منها إلى العمل على الاستثمار في هذا المجال، الذي سيعطي لمحة عن كيفية تطور هذه الصناعة رغم كل الظروف. ونشرت مواقع مختصة بالاكتشافات العلمية مطلع هذا الأسبوع مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة يقول فيه أحد الباحثين إن هذا السائل يعمل كبطارية قابلة لإعادة الشحن، ولكن بدلا من الكهرباء، تدخل أشعة الشمس وتخرج كحرارة عند الحاجة. ويؤكد رئيس الفريق، كاسبر موث بولسن، في الفيديو أن هذا الابتكار الثوري يعتمد على أجزاء داخل السائل يمكنها امتصاص الطاقة، وهي تتكون من ثلاث مواد هي الكربون والهيدروجين والنيتروجين. وأوضح أن المادة سائلة وتكون في درجة حرارة الغرفة وتمتص طاقة الشمس وتخزنها ليتم إطلاقها لاحقا عند الحاجة إليها من خلال جهاز خاص، خلال فترة زمنية قد تمتد إلى 18 عاما. واستغرق فريق البحث، بقيادة بولسن، ما يقارب عشر سنوات تقريبا من البحث وبتكلفة تقدر بنحو مليوني يورو في تطوير وحدة تخزين الطاقة الشمسية الكيميائية الجديدة. ويقول رئيس الباحثين إن هذا الابتكار الثوري سيصبح قادرا على تخزين الطاقة لمدة تزيد عن عمر بطارية ليثيوم أيون المستخدمة حاليا، التي تخزن بفترة تتراوح بين 5 و10 سنوات فقط. واستخدم الباحثون أنبوبا زجاجيا يمكن وضعه عل النافذة أو في سيارة، ليقوم بجمع الطاقة وإطلاقها لاحقا، مما يخفف من نفقات تدفئة المنازل أو المركبات. ويركز الفريق البحثي على استعمال هذه الطريقة لتوليد الكهرباء، والتي يعتقد أنها ستكون متاحة قريبا بعد رصد تمويلات بقيمة خمسة ملايين يورو. يخوض عمالقة صناعة السيارات من الشرق إلى الغرب سباقا محموما لطرح نماذج من الموديلات الصديقة للبيئة من مختلف الطرازات التي لا تزال أسعارها مرتفعة بشكل كبير، وهو ما يجعلها بعيدة عن متناول شريحة واسعة من الزبائن في العالم. ومع التطور التكنولوجي الكبير في عالم المركبات على وجه التحديد، تسعى الشركات لإيجاد حلول جديدة لإطالة عمر البطاريات بهدف توسيع قاعدة المشترين باعتبار أن الموديلات الكهربائية ستكون المسيطرة على الطرقات في المستقبل القريب. وربما كانت حوادث سيارات شركة تسلا الأميركية دافعا قويا لكي يغير المطوّرون نظرتهم الضيقة لكيفية ابتكار بطاريات لا تلحق ضررا بالسيارة قبل التفكير في سعتها وعمرها الافتراضي. وحتى تلملم الفوضى التي خلفتها بطارياتها، سارعت تسلا لإصدار تحديث للبرنامج الخاص ببطاريات سياراتها الكهربائية، في أعقاب حريقين نشبا في مركبتين من موديل أس في مدينتي شنغهاي وهونغ كونغ الصينيتين. وأكدت الشركة حينها أنه بدافع الحذر، قامت بمراجعة إعدادات الشحن والتحكم الحراري في سيارات الطرازين أس وإكس من خلال تحديث للبرمجيات من أجل المساعدة على توفير حماية أكبر للبطارية وزيادة عمرها. وشبّ حريق في سيارة تسلا بمرآب مركز تجاري في هونغ كونغ بعد نصف ساعة من توقفها، وهو ثاني حادث في غضون ثلاثة أسابيع لإحدى مركبات الشركة الأميركية. وأظهر مقطع فيديو سيارة تسلا وهي متوقفة، ثم انبعث منها الدخان فجأة، وقد تلاه اندلاع النار فيها خلال ثوان معدودة. كما أظهر المقطع أن احتراق السيارة أدّى أيضا إلى انتشار ألسنة اللهب في سيارتين أخريين كانتا بجانبها. وتقول الشركة الأميركية إن سياراتها تمتاز بأنها أقل عرضة للاحتراق بعشر مرات، مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين، وذلك على أساس أسطولها الذي يضم أكثر من نصف مليون سيارة، سارت أكثر من 10 مليارات كيلومتر. ومع ذلك كله، ما زالت السيارات الكهربائية تواجه بعض التحديات، التي تقف عقبة أمام انتشارها بالشكل المرغوب من قبل المصنعين، مثل مدى السير الكافي للبطارية والبنية التحتية القوية لمحطات الشحن. ونسبت وكالة الأنباء الألمانية لأندرياس راديكس من شركة بريليس ستراتيجي أدفيزور للاستشارات في مجال السيارات، قوله إن “السيارة الكهربائية تمتاز بانخفاض تكلفة وقودها، ألا وهو التيار الكهربائي، والذي يمكن التزوّد به من المنزل أو العمل، لكن يفضل استمداده من مصادر الطاقة المتجددة”. وتتمتع تلك النوعية من المركبات أيضا بصوتها الهادئ لدى السرعات المنخفضة مقارنة بالسيارات المعتمدة على محركات الاحتراق الداخلي، كما لا ينتج عنها أية عوادم، إلا الغبار الناعم الناتج عن احتكاك أجزاء المكابح والعجلات مع الطريق أثناء القيادة. وتثير مشكلة البطاريات في سيارات تسلا الكثير من الجدل، إذ منذ 2013 حصل ما لا يقل عن 15 حادث احتراق لمركبات الشركة، لكن معظم هذه الحوادث وقعت بعد الاصطدام. وبالنظر إلى تلك المشكلات، فإن معظم الشركات تعمل على تفادي حصول خلل في بطارياتها مهما كانت الظروف، لاسيما أنها تعد أداة أساسية للمركبات الكهربائية. وتطمح الشركات إلى حصة أكبر في هذه السوق، ولن يتحقق لها ما تريد ما دامت مشكلة نفاد بطاريتها وعدم قدرتها على السير إلى المدن ذات المسافات البعيدة تمنع البعض من التفكير في اقتنائها ويفضل عليها سيارات البنزين. حوادث سيارات تسلا دافع قوي لأن تغير الشركات نظرتها في ابتكار بطاريات لا تلحق أضرارا قبل التفكير في عمرها الافتراضي. ولطالما أكد الخبراء أن الشركات مطالبة بأن تعطي ضمانات على البطارية تصل إلى نحو 150 ألف كيلومتر كي لا تنشأ تكاليف جديدة بسبب تغييرها، خاصة أن سعر بطارية السيارة الكهربائية مرتفع بالنسبة إلى بعض المستهلكين. ولتجاوز هذا المطب، أطلق عمالقة الصناعة مبادرات لتبديد المخاوف المرتبطة بمدى السير الضعيف للسيارات الكهربائية بتوفير محطات الشحن والبنى التحتية اللازمة لها. وفي أحدث خطوات المعركة، أعلنت شركة جاك الصينية أنها تعكف على ابتكار بطارية بمواصفات متقدمة تجعلها واحدة من أكثر البطاريات تطورا في الأسواق. وستزود جاك سياراتها الكهربائية الكروس أوفر الجديدة ببطارية آي.إي.في.أس 4 سعة 66 كيلوواط/ساعة، وبوحدة تبريد السائل تمنع ارتفاع درجة حرارتها لأكثر من 35 درجة مئوية على الأقصى. كما ستزوّد الشركة هذه البطارية بتقنيات متطورة تسمح بشحنها في ظرف نصف ساعة فقط، لتتمكن المركبة من قطع نحو 500 كيلومتر في الشحنة الواحدة. وتمتاز البطارية عن باقي البطاريات المتوفرة في السيارات الكهربائية الأخرى بأنها تعمل لسنوات طويلة، وتكفي السيارة لقطع مسافة تصل إلى مليون كيلومتر، قبل أن يضطر المستخدم إلى استبدالها. وقبل ذلك، كشفت شركة أس.كي إنوفيشن، أكبر شركة لتكرير النفط في كوريا الجنوبية، عن خطط استراتيجية بعيدة المدى لاقتحام هذه السوق ببناء مصنع خاص لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية. ولم يقف التنافس عند ذلك الحد فقط، بل أكدت شركة فاراسيس الأميركية نيتها إقامة مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية في ولاية سكسونيا الألمانية بحلول نهاية 2022. ويقول الخبراء إن البطاريات الصلبة تمثل مستقبل السيارات الكهربائية بدلا من بطاريات أيونات الليثيوم، حيث أنها تعتبر أكثر قوة وأمانا وأقل سعرا. ويعتمد هذا النوع من البطاريات على مواد صلبة بدلا من الإلكتروليت السائل، وهو ما يساعد على زيادة كثافة الطاقة، مما يعني المزيد من مدى السير مع نفس الحجم. ولا تحتاج هذه البطاريات إلى نظام التبريد، وهو ما يقلل التكاليف والوزن، فضلا عن توفير المزيد من الأمان لعدم تسببها في نشوب حرائق شديدة عند وقوع حوادث. وسيستغرق ظهور هذه النوعية من البطاريات في الأسواق بعض الوقت، لكن من المتوقع أن تدخل البطارية برامج الإنتاج القياسي خلال العقد القادم. ودخل تحالف رينو الفرنسية ونيسان اليابانية خلال العام الماضي إلى هذا السباق للاعتماد على هذه البطارية المذهلة، وتتضمن خطتهما اعتماد هذه التقنية الجديدة بحلول العام 2025. وترغب شركة تويوتا اليابانية أيضا في تطوير بطارية الحالة الصلبة بحلول 2025، في حين يتوقع أن تسبقها شركة فيسكر الأميركية المصنعة للسيارات الكهربائية بعامين عن الموعد الذي حدده عملاق الصناعة اليابانية. باقة مميزة يتخلف منتجو البطاريات الأوروبيون كثيرا عن نظرائهم الآسيويين، خاصة في ما يتعلق بالبطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية. وتشير التقديرات إلى أن 80 بالمئة من البطاريات على مستوى العالم، يتم إنتاجها في آسيا، مقابل 3 بالمئة يتم إنتاجها في أوروبا. ولذلك قررت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي بضخ مليارات اليورهات في هذا المجال لمواجهة المنافسين. ويبدو الصراع على أشده اليوم للسيطرة على السوق مع وجود باقة من الموديلات الكهربائية الأكثر استخداما ومبيعا على مستوى العالم حاليا، وعلى رأسها كل من بي.أم.دبليو آي 3 وجاغوار آي-بيس ونيسان ليف ورينو زوي وسمارت فور تو إي.كيو وتيسلا موديل أس وفولكسفاغن إي-غولف. وتستهدف سيارات مثل أودي إي-ترون وكيا نيرو ومرسيدس إي.كيو.سي المستهلكين، الذين يولون الكثير من الأهمية للمساحة الداخلية. كما أعلنت شركة إي.جي.يو موبيل الناشئة عن اقتحام عالم السيارات الكهربائية بسيارتها الصغيرة إي.جي.يو لايف. وللأغراض التجارية تقدم نيسان سيارتها إي.أن.في 200، كما تخطط مرسيدس وفولكسفاغن لطرح سيارات خدمية تعتمد على الدفع الكهربائي. ويرى راديكس أنه إلى جانب السعر والتصميم هناك العديد من المعايير المهمة عند شراء سيارة كهربائية، منها مدى السير والبنية التحتية لمحطات الشحن وسرعة عملية الشحن. وأشار إلى أنه مع قوة الشحن الأعلى، والتي تصل إلى 150 كيلوواط، سيكون من الممكن تقليص فترات الشحن بشكل كبير عن السابق، علما بأن محطات الشحن المنزلية تتراوح قدرتها بين 3.7 و22 كيلوواط ساعة. ويعتقد خبير السيارات مارسيل موليش أن مدى السير يعد من أكبر التحديات، التي تواجه السيارات الكهربائية ومدى ملاءمتها للاستخدامات اليومية. وقال “لذا ينبغي التحقق من هذه النقطة قبل شراء سيارة كهربائية؛ حيث أن البيانات المعلنة من الشركة المنتجة قد تختلف على أرض الواقع”. وللتغلب على هذه المشكلة تتوفر للعديد من الموديلات بطاريات بسعات مختلفة، لكن لا بد من العلم أنه كلما زاد مدى السير، زاد سعر السيارة.

مشاركة :