تتسع طموحات الدول وخاصة العربية لاستقطاب المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، حيث تتصدر رهانات حكومات العالم لإنعاش النشاط الاقتصادي وتخفيف اعتمادها على الطاقة التقليدية. ويعتبر المنتدى الدولي السادس للاستثمار بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة الذي تنظمه الهيئة العربية للطاقة المتجددة (أريك) بمشاركة خبراء محليين وأجانب منصة مثالية لاستكشاف التحديات، التي يمكن تجاوزها لتطوير هذا القطاع الواعد. ويركز المنتدى الذي انطلق الثلاثاء بالعاصمة الأردنية عمّان على محاور الاقتصاد الأخضر والاستثمار بالطاقة ومخاطر مشاريع الطاقة والتأمين على المشاريع. وتواجه البلدان وخاصة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العديد من التحديات لتحقيق التحوّل إلى الطاقات النظيفة بالنظر إلى المشاكل السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والرأس مال البشري. ويرى خبراء أنه لمعالجة هذه التحديات ينبغي الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر بوتيرة أسرع والاعتماد بشكل كبير على الطاقة النظيفة في عمليات الإنتاج والتصنيع مستقبلا. ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية لأمين عام الهيئة العربية للطاقة المتجددة محمد الطعاني قوله “العالم الآن يشهد نقلة نوعية بالمدن الذكية والسيارات الذكية والطاقة الخضراء والشبكات الذكية”. وأكد أن التطور في التكنولوجيا والمعرفة والذكاء الاصطناعي يضغط على كل الحكومات تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. وأوضح أن هذا التطور يفرض احترام التخصص والإبداع، وتحقيق التنمية المستدامة للجميع من خلال الوصول إلى أمن الطاقة وأمن المياه بتعاون الدول على تحقيق هذا الأمن إضافة إلى الغذاء والحفاظ على البيئة. وتتوقع الهيئة العربية للطاقة المتجددة أن يصل حجم الاستثمارات العربية في الطاقة المتجددة إلى أكثر من 700 مليار دولار بحلول عام 2040. وقال الطعاني “نتوقع ازدياد الطلب على الطاقة الكهربائية إلى أكثر من 300 غيغاواط بحلول العام 2030 وشدد على الحاجة الماسة للعمل على بنية تحتية متكاملة ومتطورة ومؤسسات قوية وبناء مدن ذكية للأجيال القادمة. وتؤكد المؤشرات أن معظم المجتمعات ستتحول إلى مدن متطورة ذكية مستدامة كوسيلة وحيدة للحفاظ على البيئة خاصة مع الضغوط التي تمارسها منظمات الدفاع عن المناخ. وكانت الهيئة العربية للطاقة المتجددة قد وضعت قبل فنرة منهجية عامة لاستراتيجية الطاقة لكل الدول العربية كخطوة رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، التي تسعى إليه حكومات المنطقة. ولا تزال الطاقة المتجددة خصوصا منها الشمسية وطاقة الرياح، تساهم في الحد من ذروة الاستهلاك ولا تعتبر من الحمل الأساسي عدا الطاقة المائية مما يجعلها تلقى إقبالا لافتا على استغلالها. ويختلف ميزان الطاقة في الدول العربية تماما عن الدول الغربية حيث أن العديد من الدول العربية منتجة للنفط والغاز، ويتطلب منها مزيجا من الطاقة يراعى الاحتياط الاستراتيجي للطاقة التقليدية والتحول للطاقة المتجددة. وتؤكد سياسات الدول المنتجة للنفط والغاز وخاصة في الخليج أن السباق المتسارع نحو استثمار الطاقات المتجددة سيبقى بعيدا عن منافسة الوقود الأحفوري، الذي سيظل المصدر الرئيسي للطاقة لعقود طويلة. ولا يزال النفط شريان الحياة الرئيسي في دول الخليج، كونه مصدر نحو 70 بالمئة من الإيرادات الحكومية في المنطقة التي شهدت لعقود تدفق أرباح هائلة من عملية بيع “الذهب الأسود”. ويشير محللون إلى أن هناك علاقة كبيرة بين الطاقة المتجددة والتنمية الاقتصادية وفرص العمل تستدعي من الدول العربية التحول نحو الطاقة النظيفة وتعزيز فرص الاستثمار في هذا المجال. وقال أمين عام وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية بالوكالة زياد صبره إن “الطاقة المتجددة أصبحت أمرا واقعا يلامس حياتنا اليومية، وهو يساهم في خليط التوليد الكهربائي في العديد من الدول”. وأوضح أن بلاده ومنذ عام 2014 طورت بيئة تشريعية وتنظيمية جاذبة للاستثمار في مجال الطاقة البديلة مكنته من تطوير مشاريع طاقة متجددة. وهناك محاولات مضنية من الحكومات لمواجهة صعوبات أخرى تتعلق بالفقر والاستقرار وحكم القانون والفساد والبطالة والتعليم، وبطء النمو الاقتصادي وغياب الاستراتيجيات الاقتصادية. وتشكل العوامل المناخية عائقا إضافيا حيث يتسبب نقص المياه والتصحر والتغيير المناخي عوائق تحول دون التحول نحو الطاقة النظيفة . كما تمثل هجرة الكفاءات وضعف البحث العلمي حجر عثرة أمام بعض البلدان، مما يكبل نشاطها ومساعيها نحو تحقيق التنمية الشاملة في القطاع.
مشاركة :