لم يكن يكف ساحات التظاهر في لبنان، سوى "فيديو" قصير انتشر كالنار في الهشيم قبل يومين ليشعل حالة من الغضب "الطائفي"، فنزل مناصرو حركة أمل (حزب يرأسه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري) وحزب الله، إلى جسر الرينغ المؤدي إلى وسط بيروت واصطدموا مع القوى الأمنية وعدد من المتظاهرين كانوا متواجدين هناك.وليل الثلاثاء تجددت أيضاً تلك التوترات، وتنقلت من وسط بيروت إلى طرابلس، والنبطية (جنوب البلاد)، وبعلبك (شرقاً) وفي التفاصيل، تجمع عدد كبير من مناصري "الثنائي الشيعي" (وفق ما يطلق محلياً على حركة أمل وحزب الله) في محيط جسر الرينغ وسط انتشار كثيف لعناصر الجيش اللبناني. وعمد عدد منهم إلى رمي مفرقعات نارية باتجاه عناصر الجيش اللبناني، ما دفع الأخير إلى الرد. إلى ذلك، حصل توتر في النبطية حيث عمد عدد من أنصار حزب الله وأمل إلى محاولة الاعتداء على عدد من التظاهرين في المدينة مساء الثلاثاء، إلا أن الجيش منعهم. كما عمد عدد من هؤلاء إلى التعدي على خيم نصبها المتظاهرون في البلدة. ولاحقاً أفيد بإقدام مجهولين على إضرام النار بما تبقى من خيمة حراك النبطية. وعملت عناصر من الدفاع المدني على إخماد الحريق. يذكر أن وسط بيروت كان خلال اليومين الأخيرين مسرحاً لاعتداءات نفّذها موالون لـ"حزب الله" و"حركة امل" تحت عناوين عدة تقاطعت غالباً مع شعارات دينية-سياسية ترفض المسّ بقيادات ورموز الحزبين. فقد شهد ليل الأحد والإثنين أعمال عنف في وسط بيروت، شملت اعتداءات على الأملاك العامة والخاصة. وعلى الأثر، تدخل عناصر قوى الامن الداخلي للتصدي لأعمال الشغب، ومنع وصول المحتجين الى ساحتي الشهداء ورياض الصلح. وأدت المواجهات في خلال تنفيذ عمليات حفظ الامن والنظام الى وقوع 25 إصابة في صفوف عناصر مكافحة الشغب، وتوقيف 3 أشخاص، بحسب ما أفادت وزارة الداخلية. فيديو واعتداءات متنقّلة غير أن ذروة تلك الغزوات كانت ليل الاثنين، وقد تمددت الى خارج حدود العاصمة بيروت بعد انتشار فيديو لشاب من مدينة طرابلس شمال لبنان مقيم في المانيا يتضمّن شتائم ضد "اهل البيت" ومقامات دينية من الطائفة الشيعية وزعيميها السياسيين، رئيس المجلس النيابي نبيه بري وامين عام حزب الله حسن نصرالله، كذلك فيديو آخر عن حرق ملثمين لعلم لحركة امل مجهول المصدر. وما أن انتشر الفيديو حتى تحوّلت ساحتي الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت الى حلبة صراع."رسائل سياسية" تعليقاً على أعمال العنف هذه، قال الناشط السياسي اللبناني لقمان سليم الذي كان شاهداً على ما حصل في بيروت لـ"العربية.نت" "إنها فضيحة ومحاولات سياسية لتشويه الثورة لاستدراجها إلى العنف ولاحقاً محاصرتها كحيثية امنية". واعتبر "ان هناك قراراً سياسياً ظهرت مفاعيله بشكل واضح في مختلف المناطق من اجل ايصال رسالة بان هذه الثورة "ممنوعة". ولفت سليم وهو ناشط سياسي شيعي مناهض لحزب الله تعرّض منذ أيام لحملة تخوين وشتائم من أنصار الحزب الله وحركة أمل إلى "أن الذين يفتعلون المشكلات لضرب الثورة معروفون بالاسم والهوية السياسية، ومن يأمرهم للقيام بذلك فرضوا أنفسهم منذ بداية الحراك بانهم "الحرس القديم" لهذا النظام". وسأل "هل هؤلاء يتصرّفون باسم الثنائي الشيعي ام بالوكالة عن كل أركان السلطة؟ أليس هناك قراراً امنياً سياسياً للسكوت عمّا جرى؟ وهذا أخطر ما في الامر". إلى ذلك، تابع متسائلاً: "لماذا لم يتحرّك الجيش لردع ما حصل الاثنين والأحد والذي استمرّ لساعات؟ هل الاجهزة الامنية كانت متواطئة مع المندسين كما في المرّات السابقة"؟ وختم قائلاً "قد ينجحون هنا وهناك للحيلولة بين الناس وتخويفهم من النزول الى الشارع، لكن الازمات الاقتصادية والمالية التي تواجه اللبنانيين ستدفعهم الى الساحات لدرجة ان السلطة ستكون عاجزة عن ردعهم، لان هناك افقاراً للبنانيين". يشار إلى أن كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري أعلنا أمس إدانتهما لأعمال العنف هذه، التي تهدف إلى خلق الفتنة بين أبناء الشعب اللبناني من كافة الطوائف والمذاهب.
مشاركة :