استثمرت إيران على مدى العقود الأربعة الأخيرة الكثير من مواردها لصنع وإنتاج صواريخ باليستية كما فعلت الصين وكوريا الشمالية، وطورتها حتى بلغت مخزونا كبيرا استطاعت من خلاله إسقاط طائرة أميركية مسيرة في يونيو الماضي. ومع التصعيد والتوتر في المنطقة منذ إسقاط الطائرة الأميركية والهجوم على سفن تجارية في الخليج وعلى شركة أرامكو النفطية السعودية الذي اتهمت إيران بشنه، تثار تساؤلات حول إمكانيات الصواريخ الإيرانية في استهداف المدمرات أو حتى حاملات الطائرات الأميركية وما إذا كانت تمتلك القدرة على أن تغرقها فعلا. ذكر موقع “ناشيونال إنترست” الشهر الماضي أن إيران لديها الكثير من الصواريخ الباليستية، ومن الصعب تحديد قدرتها بدقة في هذا المجال، حيث أن المعلومات تحت سيطرة الدولة التي غالبا ما تبالغ في قدراتها العسكرية، وتشير تقارير إلى أن إيران تملك نحو 2500 صاروخ. واتجهت إيران إلى صناعة الصواريخ لأن تطوير قوة عسكرية جوية مكلف للغاية، بالأخص بعد ظهور مؤشرات واضحة على أن طهران تقوم بإعادة إنتاج نسخ مطابقة لمقاتلات أميركية تدعي أنها تبلغ القوة العسكرية ذاتها. وتعتبر طائرة “الصاعقة” التي كشفت عنها إيران مؤخرا، مثالا على ذلك، حيث حاولت إبقاء مواصفاتها بعيدا عن الأضواء، خوفا، ربما، من انكشاف حقيقة أنها مجرد طائرة أميركية قديمة. أما الصواريخ الباليستية فهي وسيلة غير مكلفة نسبيا، لإطلاق حمولات قد تكون بيولوجية أو كيميائية أو حتى نووية لمسافات طويلة، وفقا لناشيونال إنترست. كما يلفت إلى أن إيران تمتلك مجموعة من الصواريخ ذات الدفع الذي يعمل بالوقود السائل، وهي مجموعة “شهاب”، والتي يمكنها ضرب أهداف بين 300 إلى 2000 كلم. وتمتلك طهران أيضا مجموعة صواريخ “جوهر”، وهي تتميز بمكونات التنقل والتوجيه المحسنة عن بعد مثل صواريخ “قيام” و”غدر” و”عماد”. وذكر تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “س.أس.آي.أس”، أن إيران صممت محليا صواريخ تعمل بالوقود الصلب، وهي مجموعة صواريخ “الفاتح المبين” مداها بين 200 و2000 كلم، ووفقا لمصادر عسكرية حصلت عليها “الحرة”، فإنها صممت بناء على تكنولوجيا صينية. كما تمتلك إيران صواريخ “كروز”برية هجومية مثل “سومار” و”مشكاه”، ويبلغ مداها نحو 2500 كلم، و”زولفاغر”، التي يصل مداها إلى 700 كلم، والتي بإمكانها، وفقا للتقرير، إصابة أي هدف في السعودية ودول الخليج. لكن موقع “ناشيونال إنترست” استبعد احتمالية أن تصيب إيران ناقلة سفن أميركية بالأخص مع قدرات أنظمة التوجيه والمدى القصير نسبيا لتلك الصواريخ. ويعد استخدام هذه الصواريخ خيارا مفتوحا أمام طهران، لذا يتوجب التفكير في مراقبة عمليات الاستطلاع الإيرانية لحركة السفن وحاملات الطائرات. يجدر التركيز على مجموعات المراقبة والاستطلاع الإيرانية الموجودة في البحر، والتي تنتشر بقوارب صغيرة مسلحة وترسل إحداثيات ومعلومات عن المجموعات القتالية التابعة للبحرية الأميركية في مياه الخليج، ورغم افتقارها لأساليب استطلاع متطورة، إلا أنه من السهل أمام طهران أن تراقب السفن بسبب صغر عرض الخليج. وتوقع “ناشونال إنترست” أن تطلق إيران العشرات بل المئات من الصواريخ على كل حاملة طائرات، حتى لو كانت فرصة إصابة الهدف قليلة، وحينها ستكون دفاعات مجموعات حاملات الطائرات في حالة تأهب وسيتم إطلاق صواريخ الدفاع الجوي SM-6 لصد الصواريخ الإيرانية. وفي كل الأحوال، يعد خيار إغراق طهران حاملة طائرات أميركية أمرا مستبعدا إلى الآن، بالأخص مع القدرة الصاروخية التي تملكها إيران حاليا، إذ أن صاروخ “الفاتح المبين”، الذي تعتبره طهران أفضل ما تملك، يملك رأسا صغيرا ويتحرك ببطء، ويتيعن عليه أن يحمل رأسا نوويا كي يشكل تهديدا حقيقيا لسفينة حربية يبلغ وزنها مئة ألف طن. لكن حتى فكرة وتكنولوجيا إضافة الرأس النووي لصاروخ “الفاتح المبين” أمر تفتقر إليه إيران حتى الوقت الراهن. لكن هذا لا يستبعد أنها ستواصل سعيها على تطوير أسلحتها لتهدد القوات الأميركية في الخليج على المدى الطويل.
مشاركة :