طورت الكثير من البكتريا طرقا مضادة للوقاية من المضادات الحيوية، فباتت أغلب الأدوية لا تستطيع مجاراة انتشار المواد المقاومة للمضادات الحيوية. علماء ألمان طوروا أدوية مضادة للسرطان لكي تستخدم ضد البكتريا. فهل نجحت العملية؟ بعض سلالات البكتريا أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية والأدوية تحمل أغلب الأدوية آثارا جانبية، بعض هذه الآثار قد تكون مفيدة أيضا، كما هو الحال مع عقار مضاد لسرطان، والذي يعمل كمضاد لبعض الجراثيم العنيدة والخطيرة مثل بكتريا "المكورة العنقودية الذهبية". تطوير أدوية خاصة ضد هذه الجراثيم يعتبر أمرا معقدا ويحتاج لوقت طويل ولكثير من الأموال والبحث العلمي. لذلك اختار علماء ألمان في مركز هيلمهولتس لبحوث العدوى في براونشفايغ وفي الجامعة التقنية في ميونيخ طريقا مختلفا. وذكرت البروفيسورة إيفا ميدينا، مديرة مركز هيلمهولتس، في دراسة علمية نشرها المركز، أن "التطور الصناعي لمضادات حيوية جديدة متوقف حاليا ولا يمكنه مواكبة انتشار المواد المقاومة للمضادات الحيوية. نحن بحاجة ماسة إلى طرق مبتكرة لتلبية الحاجة لعلاجات جديدة ضد الإصابة بالعدوى لا تؤدي على الفور إلى تطور مقاومة حيوية ضدها". واختار فريق البحث العلمي بقيادة البروفيسور شتيفان زيبر دواءً لعلاج السرطان تمت الموافقة عليه بالفعل للاستخدام، ويحمل تأثيرا معتدلا على بكتريا "المكورة العنقودية الذهبية". يشار إلى أن الكثير من سلالات البكتريا المنحدرة من هذا النوع أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية والأدوية المستخدمة ضدها، مثل مضاد ميثيسيلين، كما ذكر موقع قناة "N-TV" الألمانية. ويعرف عن بكتريا "المكورة العنقودية الذهبية" بأنها تعيش بشكل شائع كمستعمرات في الجلد والأغشية المخاطية للبشر والحيوانات. وتسبب بعض أنواع هذه البكتريا الأمراض المعدية وفي مناطق مختلفة في الجسم، وأشدها -وفي أسوأ الحالات- هي الإصابة بعدوى المكورات العنقودية الذهبية. وهذه العدوى مقاومة للعديد من المضادات الحيوية وهو ما يجعل علاجها صعبا أو حتى مستحيلا. وأخذ الباحثون مادة "سورافينب" النشطة التي تستخدم في العادة ضد أمراض السرطان وطوروها كيميائيا لكي تصبح فعالة بصورة أكبر ضد عدوى المكورة العنقودية الذهبية" وأطلقوا على المركب الجديد تسمية "PK150". وفي التجارب الأولى حمل المركب فعالية بنسبة 10 مرات أكثر ضد البكتريا. وعلى عكس المضادات الحيوية المعروفة مثل البنسلين أو الميثيسيلين، والتي تعطل تكوين جدار الخلية، فإن مركب PK150 له تأثير غير مباشر على الخلية. ويعمل المركب على التدخل في عمل إفراز البروتين في البكتريا. وهو ما يجعل البكتريا تنتج بروتينات التحكم في جدران الخلية وبصورة أكبر من المعتاد ومن ثم تتحطم الخلايا والذي يعني موت البكتريا. وتمكن مركب PK150 حتى الآن من إثبات نفسه على عدة مستويات في الاختبارات، كان فعالا في التجارب مع الفئران وفي أنسجة مختلفة. كما تمكن الباحثون من إظهار أن المكورات العنقودية غير قادرة على تطوير مقاومة للمركب الجديد. PK150 قادر أيضا على اكتشاف وقتل البكتيريا والجراثيم "النائمة" التي تختبئ في الأغشية الحيوية. ويمكن تناول المركب عبر الحبوب ويكون فعالا في الحسم لعدة ساعات، نقلا عن الدراسة التي نشرت أيضا في دورية "Nature Chemistry" العلمية. لكن وقبل طرح المركب الجديد إلى الاستخدام يجري العلماء تحسينات كيمائية عليه لمعرفة فعاليته مع البشر. ز.أ.ب
مشاركة :