الجزائر - وكالات: تعهد الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون بُعيد تنصيبه أمس بإصلاحات سياسية؛ تشمل تعديل الدستور قريباً بما يحصن الجزائر من الحكم الفردي، وتحقيق مطالب الحراك الشعبي، وتنويع الاقتصاد، ومكافحة الفساد. فخلال مراسم أقيمت في قصر المؤتمرات بالعاصمة، أدى تبون (74 عاماً) اليمين الدستورية رئيساً للسنوات الخمس المقبلة، وذلك بعد أيام من تأكيد المجلس الدستوري فوزه بانتخابات الرئاسة التي أقيمت في 12 من الشهر الجاري منذ جولتها الأولى وبنسبة 58%. وأدى الرئيس الجديد القسم أمام الرئيس الأول للمحكمة العليا الجزائرية ليباشر بذلك مهامه رسمياً، وجرت المراسم بحضور حشد من المسؤولين الجزائريين، بينهم الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، والفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش، والمرشحون لانتخابات الرئاسة، كما حضرها السفراء الأجانب. وفي خطاب ألقاه عقب أدائه اليمين الدستورية، وأشاد فيه بالجيش وقائده، أعاد تبون التأكيد على وعود والتزامات سبق أن وعد بتنفيذها لتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية. وفي هذا الإطار، تعهد الرئيس الجديد أمس بتعديل الدستور خلال أشهر، وربما خلال أسابيع فقط، بما يحقق المطالب المعبر عنها في الحراك الشعبي، في إشارة إلى الاحتجاجات المستمرة منذ فبراير، والمنادية بتغيير سياسي جذري. وقال إن تعديل الدستور هو حجر الزاوية في الجمهورية الجديدة، وأوضح أن هذا التعديل سيتيح تحديد الفترات الرئاسية بفترة قابلة للتجديد مرة واحدة، وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، بما يحصن الجمهورية من حكم الفرد. كما قال إنه يجدد التزامه بتحقيق مطالب الحراك الشعبي في إطار التوافق الوطني وقانون الجمهورية، داعياً في الأثناء الجزائريين بمختلف توجهاتهم السياسية والثقافية للتوحد ونبذ الخلافات. وذكر تبون أن الدستور المعدل سيحصن الجزائر من السقوط في الحكم الفردي، ويحقق الفصل الحقيقي بين السلطات، ويحدد حصانة الأشخاص، ولا يمنح للفاسد أي حصانة في الملاحقة القضائية، ويحمي الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام وحق التظاهر. كما تعهد بإضفاء صبغة أخلاقية على الحياة السياسية، وإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة من خلال قانون انتخابات جديد يحدد شروط الترشح للمناصب بوضوح، ووعد بأن تمول الدولة حملات المترشحين من الشباب لضمان عدم وقوعهم فريسة للمال الفاسد، حسب تعبيره. وتشمل الالتزامات التي أشار إليها الرئيس الجزائري الجديد تجريم تدخل المال في العمل السياسي وشراء الأصوات، وعدم السماح بالعبث بالمال العام. وفي السياق، تحدث عن ضرورة تجاوز الوضع السياسي الراهن، وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد عبر انتهاج استراتيجية شاملة ومبنية على رؤية سياسية واضحة تهدف إلى استعادة الشعب ثقته في دولته والالتفاف حولها لضمان استقرارها. وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية تهدف أيضاً إلى استعادة هيبة الدولة عبر الاستمرار في مكافحة منتظمة للفساد وسياسة الإفلات من العقاب، وممارسات التوزيع العشوائي لعائدات بيع النفط. وفي سياق الحديث عن حزمة الإصلاحات المطلوبة، تعهد تبون بأن تسعى السلطة الجديدة في الجزائر لبناء اقتصاد وطني متنوع يصنع الرفاه الاجتماعي ويحصن البلاد من التبعية، بالإضافة إلى إصلاح النظام الضريبي. كما وعد بأن تعمل الدولة على زيادة الدعم للقطاع الصحي، وضمان حصول المواطنين على رعاية صحية نوعية، وتطوير نظام التعليم، قائلاً إنه يتعين أن يشعر الجزائري بكرامته وانتمائه لوطنه. وفي ما يخص السياسة الخارجية، قال الرئيس الجزائري إن الدبلوماسية الجزائرية ستضع مصلحة الوطن أولا، مضيفاً أن بلاده ترفض التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل. وفيما يخص الأزمة الليبية، أوضح أن الجزائر هي أكبر المعنيين باستقرار ليبيا، وقال: لن نسمح بإبعادها عن جميع الحلول المقترحة للوضع في ليبيا، داعياً الليبيين لنبذ خلافاتهم وتوحيد صفوفهم. وأضاف إن الجزائر تمد يدها لجميع الدول للإسهام في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وتحدث أيضاً عن القضية الفلسطينية التي قال إنها من ثوابت السياسة الخارجية للدولة الجزائرية، قائلاً إن بلاده تساند الفلسطينيين في حقهم في بناء دولتهم وعاصمتها القدس.
مشاركة :