أزمة تمويل الأمم المتحدة تبلغ ذروتها وسط تجاهل أعضائها

  • 12/20/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال محادثات تتناول نزع السلاح في مقر الأمم المتحدة بجنيف، الشهر الماضي، دقت أجراس الإنذار في القاعة معلنة أن المندوبين تجاوزوا قواعد خفض المصروفات الجديدة التي تقيد طول الاجتماعات. ووفقا لوصف أحد الحاضرين انطفأت الشاشات وتوقفت مكبرات الصوت عن العمل لتجبر السفراء على إلقاء كلماتهم بصوت مرتفع، وساد الاجتماعات “هرج ومرج وحالة من التشويش والضوضاء” وخشي البعض أن يكون الدور على الأضواء. وقال رئيس الجلسة الباكستاني خليل هاشمي “شعرت فعلا بالقلق على الإضاءة”. وتمكن هاشمي في نهاية الأمر من الحصول على موافقة محدودة من الحاضرين بعد أن جمعهم حوله. وتعد هذه التدابير التي نُفذت في مناسبتين على الأقل نتيجة للإجراءات الاستثنائية لخفض التكاليف بمراكز الأمم المتحدة مثل جنيف ونيويورك. ودخلت التخفيضات الآن شهرها الثالث لحل وضع وصفه أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بأنه “مزعج للغاية”. ويبلغ العجز 768 مليون دولار في موازنة الأمم المتحدة العامة البالغة 2.85 مليار دولار لأن 51 دولة لم تسدد التزاماتها، من بينها اثنتان من كبار الممولين هما الولايات المتحدة والبرازيل. وتقول الدولتان إنهما تعتزمان سداد معظم التزاماتهما، لكن حتى في حالة السداد سيظل تأثير المتأخرات من أعوام سابقة قائما على الموازنات المقبلة. ويقول دبلوماسيون ومحللون إن أزمة السيولة تشير إلى ضعف التزام بعض الدول بدبلوماسية التعددية مثلما حدث في تعليق أعلى محكمة استئناف بمنظمة التجارة العالمية في جنيف، وتوصل محادثات المناخ التي نظمتها الأمم المتحدة في مدريد، الأسبوع الماضي، إلى اتفاق محدود. وقد أطلقت فرنسا وألمانيا “التحالف من أجل التعددية” لدعم الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات. وقال ريتشارد جوان الخبير في شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية إن نقص السيولة يمثل عرضا من أعراض أزمة أكبر في “الثقة السياسية” بالمنظمة. وأضاف “أغلب أعضاء الأمم المتحدة لا يكترثون للمشاكل المالية التي تواجهها المنظمة”. ويقول بعض المنتقدين إن الأمم المتحدة يمكنها إنفاق مبالغ أقل على مرتبات كبار مسؤوليها والمعفية في الكثير من الأحيان من الضرائب. وقال مارك ليمون الدبلوماسي السابق والمدير التنفيذي لمجموعة الحقوق العالمية “ثمة هدر هائل في الأمم المتحدة، بدلا من التركيز على تفويض الأمم المتحدة. والأمم المتحدة تنفق الكثير من المال على مرتبات مرتفعة في حالات عديدة”. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إنهم لا يريدون في الوقت الحالي تقليص مرتبات العاملين الدائمين ويركزون على خفض التكاليف في مجالات أخرى. وبني قصر الأمم المتحدة الضخم قبل قرابة 100 عام في جنيف ليكون مقرا لمنظمة عصبة الأمم التي سبقت إنشاء الأمم المتحدة، وتُعقد فيه الآلاف من الاجتماعات كل عام لبحث كل شيء من حقوق اللاجئين إلى السلام في سوريا، وقد بدأت أعراض القدم تظهر عليه. وقد كثرت فيه أكشاك الهاتف واصفرت زخارف واجهته. كما أن عملا فنيا تبرعت به مؤسسة وودرو ويلسون يحتاج إلى معالجة ما أصابه من تآكل. وقدمت سويسرا قرضا قيمته 800 مليون دولار لتنفيذ هذه الأشغال. وتوضح إشعارات معلقة في الممرات أن أزمة السيولة تسببت في إغلاق مصاعد وسلالم كهربائية. وتم تقليل الإضاءة في الممرات وأحضر بعض الدبلوماسيين دفايات كهربائية بعد تقليص أعدادها رغم الشتاء. ومع ذلك يقام معرض في المكتبة للاحتفال بمرور 100 عام على التعددية الدولية عندما انطلقت عروض في جنيف احتفاء “بمدينة السلام” الجديدة. ويتكهن البعض بأن إجراءات تقليل النفقات التي يعتقد أنها تمثل مبلغا بسيطا من تكاليف تشغيل المبنى البالغة 14 مليون دولار سنويا، تهدف إلى إزعاج الدبلوماسيين حتى يطالبوا حكوماتهم بالسداد. وينفي المسؤولون في الأمم المتحدة ذلك ويقولون إن الإجراءات ضرورية. ويشكك بعض المنتقدين في جدوى متابعة اجتماعات في الأمم المتحدة مثل محادثات الأسلحة النووية التي وصلت إلى طريق مسدود، ويشيرون إلى أن الدول المنتجة للسلاح تعمل على تخفيف أي اتفاقات يتم التوصل إليها.

مشاركة :