القدس 20 ديسمبر 2019 (شينخوا) تسعى كل من إسرائيل وتركيا إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في المستقبل القريب، لكن عددا من المحللين الاسرائيليين استبعدوا حدوث ذلك قريبا، منوهين إلى أن تلك العلاقات تتسع فجوتها يوما بعد يوم. وعلى الرغم من استمرار العلاقات الاقتصادية بين البلدين، في ظل المحافظة على التبادل التجاري حتى هذه اللحظة يرى محللون سياسيون إسرائيليون، في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا))، بأن زمن "العلاقات الحميمة بين البلدين لن يعود قريبا". وأوضح المحللون، بأن إسرائيل وتركيا تحاولان جاهدتان للمحافظة على "الخيط الرفيع" الذي يربط بينهما في الوقت الراهن، بدلا من خسارة كل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والربحية إلى الأبد. وقال غابرييل ميتشيل، الباحث في معهد ميتفيم الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) " مؤشرات المواجهة بين البلدين، أكبر بكثير من التعاون الاقتصادي والسياسي، إلا أن الأطراف تحاول دوما أن ترسل إشارات متضاربة". وأضاف "تركيا تحاول أن تحظى بدور فاعل في الشرق الأوسط من خلال التدخل في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وأن تثبت بأنها لاعبا سياسيا رئيسيا في المنطقة"، منوها إلى أن هذا الأمر " يجعل من السيناريو المحتمل يتجه نحو التعقيد بين البلدين بدل من التوصل إلى تفاهمات تنهي الجمود في العلاقات بين الدولتين". وأوضح ميتشل لوكالة أنباء ((شينخوا))، بأن المصالح الاقتصادية بين البلدين، ليست كفيلة لإنهاء الخلافات السياسية المتجذرة بينهما، خاصة خلال العشر سنوات الماضية، بعد اندلاعها عقب استهداف الزوارق الإسرائيلية لسفن كسر الحصار عن غزة، وقتل 10 من المواطنين الأتراك في 2010. وقال "من غير المعقول افتراض أنه بسبب المصالح الاقتصادية، ستقوم الأطراف بتصحيح جميع خلافاتهم، والسؤال هو ما إذا كان بإمكانهم تصحيح ما يكفي من خلافاتهم". ونوه إلى أن سياسة "حافة الهاوية" التي تبناها كلا من الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، قد تؤثر سلبا وبشكل واضح على المصالح التجارية المشتركة بين البلدين، على الرغم من أن هذا الجانب قد يبدو قويا وكفيلا لإنهاء جميع الخلافات في الوقت الحالي. وقال ميتشل "كلما زاد الوضع سوءا، زادت احتمالية ضياع الفرص الاقتصادية، مشيرا إلى أنه كان قد تم اعتراض سفن تركية في الآونة الأخيرة لسفينة أبحاث إسرائيلية تحمل اسم "بات غاليم"، تابعة لمركز "أبحاث البحر" الذي يعمل ضمن صلاحيات وزارة الطاقة الإسرائيلية، كانت تبحر قابلة سواحل قبرص وأجبرتها على المغادرة. وتأتي هذه الحادثة للتأكيد على أن العلاقات بين البلدين ما زالت غير مستقرة ومهددة، وفق ما أكده محللون سياسيون إسرائيليون، منوهين إلى أن ذلك يعيد إلى الأذهان كافة التصريحات المتبادلة ما بين زعيمي البلدين، أردوغان ونتنياهو. وأوضح المحللون أن اتفاقهما على بعض القضايا في الشرق الأوسط، لم يشفع لهما للتغلب على خلافاتهما حول أهم القضايا الشائكة بين البلدين، خصوصا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتوقيع اتفاقية بحرية بين تركيا وليبيا، التي تسمح لتركيا في تحديد الصلاحيات البحرية. ووفق الاتفاقية المبرمة بين البلدين، فإن مصلحة إسرائيل تكون مهددة في احتمالية تصدير الغاز الطبيعي المكتشف حديثا إلى الدول المجاورة لها. ومن الممكن النظر إلى سلسلة الاجراءات التركية الأخيرة في مناطق صلاحيتها البحرية في المنطقة كإشارة تحدي لإسرائيل. بحسب المحللين. وفيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، يرى المحللون السياسيون بأن تركيا تسعى لتلعب دورا أكبر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وانتقدت إسرائيل مرارا تركيا لأنها تسمح لنشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالعمل على أراضيها. وبدأت العلاقات بالتوتر في عام 2009، بعد اتخاذ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مواقف متشددة ضد السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وفي عام 2010، وصلت العلاقات بين إسرائيل وتركيا إلى أدنى درجات التعقيد بعد مقتل 10 مواطنين أتراك على يد القوات البحرية الإسرائيلية على متن إحدى السفن في أسطول تركي كان يهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة. وفي محاولة لرأب الصدع، تم توقيع اتفاقية مصالحة بين إسرائيل وتركيا في عام 2016، أعيد بموجبها السفراء، لإعادة الأمور بين الدولتين إلى الطريق الصحيح. وبالرغم من ذلك، كان أردوغان لا يفوت أبدا فرصة لانتقاد السياسات الإسرائيلية في غزة، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دائما سريعا في الرد عليه. وفي عام 2018، اندلعت مواجهات دموية بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بعد إعلان الإدارة الأمريكية اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. ومنذ ذلك الوقت، تدهورت العلاقة مجددا بين الدولتين، وتم استدعاء السفراء مرة أخرى، ولم تتم إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ ذلك الحين. ومن جانبها، قالت الدكتورة غاليا ليندنشتراوس، باحثة في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب "إن تركيا خصم عنيد لإسرائيل، ولا توجد في هذه المرحلة محاولة لسد الفجوة". ووفقا لإحصائية رسمية اسرائيلية، حدثت زيادة في التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة، في الصادرات والواردات. وبعد سنوات من تجنب الإسرائيليون للمنتجعات الساحلية في تركيا، بدأت السياحة في الارتفاع وهناك العديد من الرحلات الجوية اليومية بين البلدين، حيث كثيرا ما يستخدم الإسرائيليون تركيا كبلد مركز يربطهم بمختلف وجهاتهم الدولية الأخرى. وقالت ليندنشتراوس " التجارة مثيرة للإعجاب، وقد تكون عاملا مساعدا لتعزيز العلاقات، مضيفة إن "الامكانات لم تتحقق بسبب العلاقات المتوترة". وأضافت ليندنشتراوس لوكالة أنباء (( شينخوا )) "هناك تفاهم واضح بأنه من أجل أن تكون تركيا صاحبة تأثير كبير في القضية الفلسطينية، يجب أن يكون لها خط اتصال مفتوح مع إسرائيل". وأشارت ليندنشتراوس إلى أن "هناك تفاهما في إسرائيل على أن تركيا لاعبا إقليميا حاسما، وإسرائيل ليس لديها أي مصلحة في جعل تركيا عدوا أكبر مما هي عليه بالفعل". ورأت أنه في أعقاب الانتخابات المقرر إجراؤها في مارس 2020، قد تتغير الأمور، ولكن مع وجود فجوة مفتوحة على مصراعيها منذ فترة طويلة، فإن العلاقات ستستغرق وقتا حتى تعود إلى ما كانت عليه قبل عقود.
مشاركة :