تحقيق : سومية سعد تحول تطبيق «واتس آب» من وسيلة للتقارب بين الناس والأصدقاء إلى دليل إدانة لهم في حالة الخصام، يصل بهم إلى المحاكم لجرائم يعاقب عليها قانون مكافحة سوء استخدام تقنية المعلومات، فهذه الرسائل أصبحت وسيلة يستغلها ضعفاء النفوس للإيقاع بآخرين واستدراجهم إلى المحاكم.كما باتت طريقة لتخفي الوجوه الحقيقية لبعض الأشخاص، ليظهروا بصورة مغايرة، متخفين وراء هواتفهم يخرجون حقدهم ويتفننون في الخصومة مع من تخاصموا معه، بهدف إظهار دليل إدانتهم، ليدخلوا معهم في سباق داخل أروقة المحاكم. في التحقيق الآتي نستعرض بعض شكاوى الأشخاص داخل مراكز الشرطة، من سوء استخدام تلك الرسائل:أكد النقيب عبدالله الشحي، نائب مدير إدارة المباحث الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، أن عدد البلاغات التي تلقتها إدارة المباحث الإلكترونية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية بلغ 9 آلاف بلاغ، خلال عام، تنوعت بين جرائم تهديد وابتزاز إلكتروني، واختراقات إلكترونية، وبلاغات نصب واحتيال إلكتروني.وقال إن الرسائل التي تحتوي على صور أو فيديوهات فاضحة أو عبارات مرفوضة اجتماعياً، وترسل من الهواتف عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل «واتس آب»، إلى أشخاص آخرين، توقع مرسلها تحت طائلة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، سواء أرسلت بالخطأ أو العمد.ويقول علي سالمين: لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أن تصل الأمور بيني وبين صديقي المقرب لهذه الدرجة، بعد فتح بلاغ في مركز الشرطة، وبناء عليه جرى توقيفي بل وتحويلي إلى المحاكمة، لإدانتي على خلفية إرسال مقاطع فيديو مخلة من باب «الوناسة»، وكان يرسل لي مقاطع مشابهة، ولكن لعلمه بأنني فقدت هاتفي، ولم يعد لدي المقاطع التي أرسلها لي، وبعد خلاف نشب بيننا، ذهب إلى مركز الشرطة وقدمها كدليل لإدانتي، وتم تحويل الموضوع إلى المحكمة. وتقول «ل. ن» زوجة وأم، إنها لم تقف في المحكمة على جريمة فعلتها بحسن نية مع زوجها ووالد أطفالها، ويكون هو الشاهد الذي يعتد به أمام المحكمة على رسائل في واتس آب، ويصبح دليل إدانة صريحاً على ارتكابها سباً وقذفاً قبل الطلاق، ليلجأ إليهما بعد الطلاق للتهديد حتى تتنازل عن حقوقها المادية. الحظ السيئ أما سلمى عادل فقادها الحظ السيئ إلى إرسال رسائل مسيئة عبر «واتس آب» بعد أن حدثتها ضرتها بكلام جارح وتغلق بعدها الهاتف، لترسل لها رسائل مسيئة تعبر بها عن غضبها وترد على كلامها في المكالمة الهاتفية لتوقعها تحت طائلة المساءلة القانونية، بعد شكوى الضحية وتقديمها رسائل «واتس آب» وصلتها على هاتفها المحمول، إلى جهات التحقيق كدليل قانوني.وطالب «هاني.ك» الجميع بإعادة الحسابات ويقول: هذه المشكلة جعلتني أعيد حساباتي قبل نشر أي شي على واتس آب، حيث قمت بإرسال صورة لأصدقائي لامرأة وقعت أثناء السير كنوع من الفكاهة، وإذا بالصورة تنتشر كالنار في الهشيم لتصل لأهل هذه السيدة، وإذا بالشرطة تطلبني وأدخل في قضية كلفتني المال والجهد إلى أن خرجت منها. أخت زوجي مطلقة وتقول «نبيلة. ص»: بعد أن تزوجت بفترة واستقرت حياتي جاءت أخت زوجي مطلقة عندنا وتحول البيت الهادئ إلى بركان كلما رأتني تحرجني، وتبرز عيوبي أمام الجميع، وتعاملني بلا احترام وكأنني خادمة، ولم تفلح شكواي لزوجي في شيء، وكل يوم تسبني إلى أن جاء يوم واشتد الخلاف بيننا وتركت المنزل وتركتها، وإذا بها تلاحقني عبر الهاتف وتتصل بي، وعندما لم أرد عليها أرسلت لي رسائل سب على الواتس آب، ما جعلني أقدمها إلى الشرطة. وتتأسف «مجيدة. س» على فعلتها مع صديقتها حينما كانت معها في المنزل وصورتها وهي تطهو إحدى الأكلات، وإذا بالأكلة تصبح غير صالحة، فقمت بنشرها على أحد «القروبات» لتتداول الأكلة وطريقتها، وتصبح موضع سخرية من قبل أعضاء القروب، ويتم تعميمها على عدة مواقع، فقامت صاحبتي برفع قضية ضدي. وتكررت القصة ذاتها مع «حسن. ص»، الذي قام بتنزيل فيديو لصديقة على شكل مزحة وهو يغرق في حمام السباحة، ما أدى إلى إصرار صديقه على التعامل بطريقة قانونية بعد أن اعتبر الفيديو «إهانة» في حقه. الحساب الشخصي أما محروس علي فيقول إنه في أحد الأيام نسي هاتفه في المكتب، ولأن معه خطاً آخر طلب من زميله في العمل أن يضع هاتفه في مكتبه للصباح، فإذا به يستغل الأمانة ويدخل على حسابه الشخصي ليستغله لطلب مال من أصدقائه بحجة أنه في مأزق، ما يتطلب حفظ الحساب الشخصي. ويتفق إسماعيل حربي معه بأنه تعرض أيضاً لموقف صعب حيث طلب منه شخص في الشارع أن يتحدث في هاتفه لنفاد رصيده، حيث يستغل الفرصة ويرسل رسائل شتائم لصديق له، وفي اليوم التالي تقوم الشرطة باستدعائه لسبه وقذف أشخاص برسائل من هاتفه الشخصي. التسامح واجب وناشدت الدكتورة باسمة موفق العمري خبيرة تدريب، أن نعيد الحسابات وأن نسامح في عام التسامح ونقتدي بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونتذكر قوله «التسامح واجب».. واجب عليك أيها الإنسان لأن خالقك يسامح فأين أنت منه؟ سامحوا واغفروا وتجاوزوا عن أخطاء بعضكم، لا تبيعوا الصداقة بحفنة من الأوراق النقدية مقابل موقف سلبي قد يحدث بينكم. وتطلب من الجميع مراجعة حساباتهم التي أضاعها الإنترنت فكم من صديق كان لك أخاً لم تلده أمك، يفرح لسعادتك ويغتم لحزنك، ويتبدل الحال إلى عداء بسبب سوء استخدام الواتس آب. الناحية الأسرية والاجتماعية وتؤكد نجلاء قويدر مدربة أسرية، أهمية الاستخدام الإيجابي لبرامج تقنية المعلومات، من دون القيام بالاعتداء على خصوصية الآخرين أو توجيه عبارات السب والقذف أو تداول مقاطع فيديو مخلة أو من شأنها أن تحض أو تزدري الآخر، وتؤكد دور الأسرة في تعليم أولادها سلبيات الواتس آب وإيجابياته وأن يتحرى الصدق والأمانة في أية معلومة أو رسالة وأن ينتبه لأي شيء يقوم بإرساله.وطالبت موزة سيف العامري مديرة مركز التنمية الاجتماعية في دبي، الأسر بتربية أبنائنا على الدين والفضيلة ومحاسن الأخلاق، وأن تغرس فيهم مقومات الشخصية السوية، المسلمة، الفريدة في سموها، والسامية في أخلاقها. ويجب نشر القِيَم السلوكية الصحيحة في تلك الوسائل، وتوعية الشباب من الجنسين بخطورة سلبيات مواقع التواصل، وخَلْق ثقافة الحذر من الوقوع في أخطاء تصل به إلى غياهب المحاكم، وتوعية رجال الدين للشباب بالمراقبة وخشية الله تعالى ظاهرًا وباطنًا. حرام شرعاً يقول الدكتور علي مشاعل كبير المفتين في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، إن نشر الصور والمقاطع المخلة حرام شرعاً، وهو أمر مخالف وفيه معصية ويؤدي إلى نشر الفساد في المجتمع، ونشرها من الناحية الدينية حرام ونشر السيئات يستمر ولا يتوقف بموت صاحبها، بل تبقى وتجري عليه الذنوب حتى وهو في قبره، لذا لا بد لكل عاقل ألا ينشر فاحشة أو صورة أو أية رذيلة. الناحية القانونية طالب المحامي عمر زكي الجميع بالانتباه والتفكير قبل إرسال أية رسالة عبر مواقع التواصل، والتي قد تنتهي إلى الانزلاق إلى سبّ، أو قذف، أو تهديد الآخر، فقد تنتهي محادثة عبر «الواتس أب» بتلك الطريقة، والتي يعاقب عليها القانون ويشدد عقوبة السبّ والقذف والتهديد إذا وقعت الجريمة عبر وسيلة إلكترونية.
مشاركة :