تعقيباً على ما حدث في أحد البرامج الرياضية، واقتضى فتح تحقيق داخلي فيه، يؤكد كتاب صحفيون أن للحرية حدوداً، وأن الإعلامي لا يملك حصانة ضد المحاسبة عند التجاوز، وأن الرياضة تهذيب لا "تهبيب"، فيما يطالب أحد الكتاب بإبعاد الإعلاميين عن البرامج الرياضية، وإسنادها إلى مدربين وطنيين ولاعبين قدامى. أبعدوا الإعلاميين وتحت عنوان "أبعدوا الإعلاميين عن البرامج" بصحيفة "عكاظ"، يقول الكاتب الصحفي أحمد الشمراني: "إذا أردتم الراحة الكاملة من صداع برامج المساء والسهرة فأبعِدوا عن هذه البرامج كل الإعلاميين، وأولهم كاتب هذا المقال، وامنحوا غيرنا من مدربين وطنيين ولاعبين قدامى فرصة تولي المهمة مع التركيز في الاختيار على أصحاب الفكر والبعد عن أسماء من شاركوا الإعلام في حفلات الصراخ وأحياناً السباب والشتائم". ويضيف الكاتب: "أما قرارات الإبعاد أو الإيقاف المؤقت أو التحويل للتحقيق فهذه لم تؤتِ أكلها مع تنامي ظاهرة تزايد السقطات والتجاوزات التي آخرها جب ما قبله، فماذا ننتظر بعد (تجاوزات الألسن) وزلات أصحابها على الهواء.. جربوا هذه الروشتة وبعدها ثقوا أن الأمور ستتعدل وستظهر كل البرامج بشكل أنيق وخالية من عبط الإعلاميين وصراخهم". الرياضة تهذيب لا "تهبيب" وفي مقاله "الرياضة تهذيب لا (تهبيب)" بصحيفة "الجزيرة"، يروي الكاتب الصحفي يوسف المحيميد، قصة جاره الكوري الجنوبي، الذي كان يرسل له هدية كلما لعب المنتخب السعودي مباراة، سواء انتهت بالفوز أو الهزيمة، مؤكداً أن "هذا هو محور الرياضة، من حيث التشجيع والمؤازرة، الابتسامة عند الخسارة، والتواضع عند الفوز. أما ما يحدث لدينا من تعصب وكراهية وحزن وبكاء وفرح هستيري، انتقل من المدرجات إلى منازل العائلات، والبرامج الرياضية التلفزيونية، فهو أمر يجب ضبطه، والتحكم في توجهات هذه البرنامج التي تدار من الأندية الرياضية، إن لم تكن من رابطة الجماهير المتعصبة!". ويضيف الكاتب: "كثير من الأسر والعائلات هجروا بعضهم بعضاً لأسباب التعصب الرياضي، وازداد الأمر سوءاً مؤخراً مع وسائل التواصل الاجتماعي التي تستحق بجدارة مسمى «التنافر الاجتماعي»؛ فعقب كل مباراة تبدأ مقاطع الفيديو والسخرية والشتائم تنهال على أجهزة جوالاتنا المسكينة، حتى تكاد تنفجر من غوغاء البشر وانفعالهم المجنون". وينهي "المحيميد" مؤكداً مسؤولية الشخصيات العامة عن نشر الفهم والوعي بدور الرياضة الحقيق، ويقول: "لن نحاسب الجماهير؛ فهي في النهاية جماهير؛ فيها الغوغائية والفوضى، لكننا نحاسب الشخصيات العامة، من اللاعب على المستطيل الأخضر، الذي يجب ألا يستفز الجمهور الرياضي بتصرفاته، حتى مقدم البرنامج وضيوفه المحللين الذين يتحدثون إلى الملايين، ولا ينتهي حديثهم عند حدود البرنامج، بل تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع سخريتهم الممجوجة، وكلماتهم العبثية، التي لا يحكمها وعي ولا ثقافة، ولا شعور حقيقي بالمسؤولية، لدرجة أن المشاهد في داخله يتمنى أن ينتهي كل شيء عند (صافرة الحكم)، أو أن يكون التحليل راقياً ومهذباً؛ أسوةً بتهذيب الرياضة للنفس، لا تشذيب و(تهبيب) كما يقول إخوتنا المصريون"! لا حصانة لإعلامي ضد المحاسبة وفي مقاله "للحرية حدود!" بصحيفة "عكاظ"، يقول الكاتب الصحفي خالد السليمان: "كما أن الحرية في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة ليست مطلقة وتقيدها الأنظمة والقوانين، فإن الإعلامي أيضاً لا يملك حصانة مطلقة ضد المحاسبة عند تجاوزه أنظمة النشر، فهناك إعلاميون وكتاب رأي وفكر تحولوا إلى معاول هدم في مجتمعاتهم بداعي حرية التعبير، فعبروا عن آراء عنصرية وعرقية وعصبية هدامة وساندوا جماعات ومعتقدات تعمل على زعزعة استقرار المجتمعات وبث الكراهية وشن الحروب! هؤلاء لا يمكن أن يستتروا بالإعلام وحرية التعبير ليصادروا حرية الآخرين ويقمعوا آراء المخالفين". ويضيف "السليمان": "الإعلاميون وأهل الرأي والفكر يتحملون مسؤولية مضاعفة في تقدير الحرية والالتزام بحدودها القانونية، فهم من يقع على كاهلهم مهمة صناعة الرأي العام والتأثير في وعي المجتمع وحماية قيمه وأسس استقراره والدفاع عن أنظمته العادلة، وعندما يفشل أحدهم في هذا الدور فإنه يفقد صفته، وينبغي التصدي له؛ لأن حريته تصبح مكلفة على الإنسان والإنسانية".
مشاركة :