إنها ليست مجرد فقاعة إعلامية كما يعتقد البعض، والتي تلقيها إسرائيل بين وقتٍ وآخر إزاء ما تدعيه حول ممتلكات اليهود العرب الذين تركوها بعد مغادرتهم البلدان العربية منذ العام 1948، وضرورة التعويض عليهم، ذلك أن تزامن إطلاق هذه الخرافة ارتبط بإستمرار وبالبتوازي مع أي حدث سياسي يتعلق بتسوية ما على الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، فقد تم فتح هذا الملف مجدداً في العام 2002 مع إطلاق ما يسمى “خارطة الطريق” التي أعلنتها واشنطن مع الرباعية الدولية، ثم جرى تجديدها مع مفاوضات أنابوليس عام 2007، وتكرر فتحها أثناء المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية في ظل حكومة “أولمرت” ولم يعد الحديث عنها مجدداً إلاّ يشكلٍ عابر، واليوم، يعاد فتح هذا الملف على مصراعيه إثر تجديد التفويض الدولي عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” لثلاثة سنوات قادمة الأمر الذي شكّل صدمة لدولة الاحتلال فتم استدعاء هذا الملف من جديد، كما لا يمكن تجاهل استعادته مؤخراً في سياق تجدد الحديث عن قرب إطلاق إدارة ترامب لما يسمى “صفقة القرن” قبل إجراء الانتخابات الإسرائيلية الثالثة مع بداية آذار- مارس القادم، وكان هذا التزامن بين استدعاء ملف أملاك اليهود مع التطورات السياسية. كما اشرنا سابقاً، تم فتح هذا الملف بصورة أكثر جدية من أي وقتٍ مضى عام 2002، من خلال تقرير أشار بوضوح إلى استهدافاته عندما قال إنه “يأتي في سياق أي عملية سياسية موثوقة ودائمة – يجري الحديث هنا عن خارطة الطريق- إذ من الضرورية ضمان حصول جميع اللاجئين في الشرق الأوسط على معاملة متماثلة ومتساوية بموجب القانون الدولي، وأن أي نقاش حول حقوق اللاجئين الفلسطينيين سيقابله نقاش مماثل فيما يتعلق بحقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية”، هنا يمكن بسهولة التوقف امام ملاحظة هامة تناولها هذا التقرير عندما تجاهل متعمداً، اعتبار اليهود اللذين غادروا البلدان العربية إلى إسرائيل أن ذلك تم تلبية لما يسمى بــ”حق العودة إلى أرض الميعاد” إلى فهم مختلف متعارض تماماً لهذا الاعتبار، عندما وصف التقرير وصول اليهود العرب إلى إسرائيل كلاجئين وليس في سياق “حق العودة” المزعوم وذلك فقط كي يتم تناول المسألة من خلال حقوقهم كلاجئين مثلهم مثل اللاجئين الفلسطينيين، وقد تكرر هذا التزامن بين الحديث عن أملاك اليهود والأحداث السياسية بشكلٍ متقطع خلال الأعوام الماضية. قبل أيام تم استعادة هذا الملف من جديد وقد أوضح التلفزيون العبري، القناتان 12-13، أنّ اسرائيل قامت بإعداد ملف مالي بصورة سرية استعداداً وتحضيراً لخطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً بصفقة القرن بهدف التأثير عليها واختراقها وحسب هذا التوضيح فإن تل أبيب عاقدة العزم على المطالبة بالحصول على تعويضات من الدول العربية التي قامت خلال وبعد إقامة اسرائيل بطرد اليهود من أراضيها وسلبت كل ما كانوا يملكون، حسب المزاعم التي تضمنها الملف المشار إليه والذي يقدر هذه الأموال بحدود 250 مليار دولار. إنّ العودة إلى فتح هذا الملف ارتباطاً بصفقة القرن، قد يتعدى مسألة المساواة بين اللاجئين اليهود واللاجئين الفلسطينيين والمطالبة بالتعويض إلى صفقة مع بعض البلدان العربية “بالتعويض عن تعويض” اليهود مالياً إلى فتح ملف التطبيع مع العدو الاحتلالي الإسرائيلي، ولعل صفقة القرن تتضمن مثل هذا التعويض !
مشاركة :