ملحمة وطنية في بلدي، تقودها الأجهزة المختصة بإرادة ملكية لمكافحة الفساد، إدراكًا أنه لا تنمية مع فساد؛ فالهيكلية الجديدة لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد دليلٌ على توجُّه القيادة لتطهير طريق الرؤية من كل الاتجاهات.. إعادة هندسة الإجراءات والرقمنة، ثم تطوير الأنظمة، كلها تأتي متوافقة مع لائحة وكالات التصنيف الائتماني، والقوانين واللوائح الدولية الأخرى ذات الصلة. بفضل الله لسنا بذلك السوء في قوائم الدول الأكثر نجاحًا بإدارة الحوكمة وتعزيز الشفافية؛ إذ لا يوجد من يعترض سبيلك في نقاط العبور والموانئ يطلب رشوة، كما لا يوجد موظف، ممرض ومهندس يساومك في حقوقك.. كذلك لسنا معصومين؛ فمنا قيادات نزيهة، لكنها تعمل تحت ضغوط؛ إذ إن الاعتلالات التنظيمية هي ما يدفع القيادات لتقديم تنازلات.. للأسف تكون على حساب المستفيدين وجودة الخدمة.. وربما ارتهن نجاحهم بالتقاطع مع مصالح آخرين. سياسة الإفصاح عن الدخل والإقرار بتعارض المصالح قد تجدي نفعًا في ضوء عمل منظومة متكاملة.. المراجعة الداخلية، وتأكيد الجودة.. إنما الثراء الفاحش يأتي عبر وسطاء.. فهلا وضعت الرقابة يدها على مفاصل الفساد؟ لقد كشف مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية6 الدولية لعام 2018 عن الفشل المتواصل لمعظم الدول في الحد من الفساد على نحو فعال.. بينما حققت السعودية المركز الـ58 عالميا من أصل (180) دولة، وبدرجة (49/ 100) ضمن قائمة أفضل دول العالم في مؤشر مدركات الفساد، فيما حلت في المرتبة الـ(11) بين مجموعة دول العشرين الاقتصادية. المهتمون بالأمر يلاحظون أن النزاهة ومكافحة الفساد منظومة متكاملة؛ إذ ترتبط النتائج في مؤشر مدركات الفساد بالحوكمة وتحسين البنية التحتية للاتصال الحكومي. كذلك معالجة البطالة والسكن.. وصولاً إلى الترفيه والسعادة.. لدينا في السعودية فرص مشجعة لتحسين مراكزنا في مؤشر مدركات الفساد العالمي طالما نحن الأسرع عالميًّا في التحول الرقمي، بيد أني لا أتوقع القضاء على جميع حالات تعارُض المصالح، ولكن إذا فعَّلنا قواعد السلوك المهني، وعالجنا عوار بعض الإجراءات، ثم أصبحت الشفافية ثقافة عامة.. حينها سوف نحقق التفوق المستدام.
مشاركة :