نبذ ماكرون للتاريخ الاستعماري الفرنسي خطوة مهمة لـ«طي صفحة الماضي الأسود»

  • 12/23/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال سياسيون فرنسيون إن إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون بأن «الاستعمار كان خطأ جسيماً ارتكبته الجمهورية»، ودعوته إلى «فتح صفحة جديدة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في القارة الإفريقية» شجاعة تعكس إيمانه بضرورة أن تخطو فرنسا خطى حقيقية نحو غلق الملف الاستعماري القديم في القارة الإفريقية تحديداً، تبدأ بالاعتراف بجرائم الاستعمار خلال فترة استعمار الدول الإفريقية. وبحث سبل التعويض ـ قدر المستطاع ـ عن هذه الفترة، مؤكدين لـ«البيان» أن تصريحات الرئيس ماكرون منذ حملته الانتخابية عام 2017 تحمل دلالات جيدة على حسن النية والأسف الحقيقي عن الماضي الاستعماري لكن هذا وحده لا يكفي، سيما أن الدوائر السياسية النافذة في البلاد ترفض الاعتذار رسمياً عن الاستعمار . وما ارتكب خلاله من جرائم، لما قد يترتب عليه من خسائر مادية واقتصادية وسياسية ـ بحسب رأيهم ـ ورغم ذلك فإن تصريحات الرئيس ماكرون خطوة مهمة في طريق طي صفحة الماضي «الأسود»، حتى وإن لم يتبعها اعتذار رسمي أو تعويض مباشر عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الوقت الراهن. خطوة متوقعة وقال جان ليون لاتيور، أستاذ السياسة بجامعة باريس لـ«البيان»، إن تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون بأن الاستعمار كان «خطأً جسيماً ارتكبته الجمهورية»، خلال زيارته لساحل العاج، السبت، خطوة متوقعة في إطار سياسته الرامية إلى طي سجل الماضي «الأسود» لفرنسا مع مستعمراتها السابقة وخاصة في إفريقيا. وفتح آفاق تعاون حقيقي تعود بالفائدة على فرنسا والدول الإفريقية، تنظر للمستقبل أكثر مما تدقق في الماضي، وهذا ما أعلنه ماكرون صراحة خلال حملته الانتخابية عام 2017، وسبقه إلى ذلك الرئيس السابق فرانسوا هولاند. حيث ينتمي الرئيسان لجيل «المتنكرون للتاريخ الاستعماري الفرنسي»، وقد أكد ماكرون في وقت سابق عن أسفه عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر الذي دام 132 عاماً (1830 - 1962)، ووعد بفتح سجل المختفين قسرياً خلال حرب تحرير الجزائر، وتسليم جماجم المجاهدين الموجودة في متحف بباريس. كما أقر المجلس الدستوري الفرنسي أول عام 2018 قانوناً بتوسيع دائرة تعويضات حرب الجزائر لتشمل جميع الضحايا بعدما كانت محصورة على الفرنسيين، وكلها خطوات تؤكد أن ماكرون جاد في أسفه عن الحقبة الاستعمارية، لكن قرار الاعتذار الرسمي ليس قراره وحده، سيما أن جل أعضاء السلطة التشريعية والأحزاب السياسية النافذة يقفون ضد الاعتذار وهو ما يجعل الأمر شبه مستحيل على الأقل في الفترة الراهنة. جيل المناهضين للاستعمار وأضاف روجيه موران، أستاذ السياسة بجامعة «سوربون» وعضو الأمانة العليا لحزب الجمهورية إلى الأمام، إن جيل «المناهضون للاستعمار الفرنسي» والذي ينتمى إليه ماكرون وهولاند وكثير من الفرنسيين. قد لا يتمكن من الاعتذار رسمياً عن احتلال 61 دولة بعضها في إفريقيا، لأن الأمر محكوم بدستور وقوانين وقوى سياسية تتحكم في القرار. لكنهما بدآ خطوة الاعتراف الرسمي العلني والأسف عن ما مضى، والعمل ـ في حدود الصلاحيات - على تعويض الدول المتضررة من ذلك الاحتلال وخاصة الجزائر، عن طريق دعم جهود مكافحة الإرهاب ودعم الجيش وقوى الأمن والتبادل الاقتصادي مع المستعمرات السابقة، كخطوة أولى بالتأكيد سوف يتبعها مستقبلاً خطوات أخرى مهمة. لكن تظل خطوة الرئيس ماكرون الشجاعة بإعلان المسؤولية والاعتراف بالجرائم مفتاح الطريق الذي سوف يصل مستقبلاً وبكل تأكيد لتعويض دول إفريقيا التي عانت من الاستعمار الفرنسي مادياً وسياسياً، سواء كان نقداً بشكل مباشر لأسر الضحايا، أو بشكل غير مباشر عن طريق توجيه دعم مادي وعيني للدول لتحقيق الاستقرار والتنمية ومكافحة الفقر والمرض والاضطرابات المستمرة.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :