انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة تقديم الاستشارات الطبية ووصف الأدوية عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. وبذلك اقتحم الإنترنت عالم الطب وحوله إلى «عيادات إلكترونية» يغلب عليها طابع العشوائية وعدم الدقة في التشخيص وفي وصف الأدوية، ما قد يؤدي لكوارث لا تحمد عقباها على الشخص طالب العلاج.«البيان» فتحت الملف للتعرف إلى خطورة الحصول على استشارات صحية ودوائية عبر الإنترنت، إلى جانب استعراض قصص مأساوية لمتردّدين على تلك المواقع. منها حالة لطفلة أصيبت بحكة وتورم في الجلد، فلجأت والداتها إلى الشبكة العنكبوتية، فأخبرها أحد «أطباء الإنترنت» بأن ابنتها تعاني مرض الأكزيما. ووصف لها دواء خطأ، لتتطور حالة الطفلة وتصاب بحروق في الجلد من الدرجة الثانية، إلى جانب حالة أخرى كانت تعاني ألماً في البطن مع أعراض أخرى مصاحبة، فلجأت إلى الاستشارات الطبية الإلكترونية ليصدمها أحد الأطباء بأنها ربما تعاني سرطاناً في القولون. فسيطرت عليها الهواجس، حتى كادت أن تصاب بالمرض بالفعل نتيجة الخوف والصدمة والقلق التي سيطرت على حياتها، لتكتشف بعد زيارتها لأحد المستشفيات عدم معاناتها أي مرض. وفي هذا الإطار حذر أطباء ومختصون من العيادات الإلكترونية، التي يلجأ إليها كثيرون، ويفضّلون الحصول على استشارة طبية مجانية، بغرض تشخيص أو علاج أية حالة مرضية من دون إشراف الطبيب. مشددين على ضرورة أن يتم التشخيص مباشرة من قبل الطبيب، ذلك أن تشخيص المرض يعتمد على استجواب مفصل لمعرفة تاريخ المرض وفحص سريري دقيق للمريض ووصف تحاليل مخبرية أو إشعاعية أو منظارية إن تطلب الأمر. وأكدوا أن طبيعة العلاج تختلف باختلاف شدة المرض وتاريخ الإصابة به والعوامل المسببة له وسن المريض، فتتغير الوصفات والمقادير بتغير الحالة الصحية للمريض، مؤكدين ضرورة أن يكون للأطباء الحقيقيين دور في تلك الشبكات للتصدي لأطباء الإنترنت الوهميين، للتمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة، إلى جانب تشديد الرقابة على تلك المواقع، وزيادة الوعي الصحي بين الجمهور. الإعلانات الصحية وقال الدكتور أمين الأميري، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص، إن دولة الإمارات الأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي نظمت عملية الإعلانات الصحية وأصدرت نظاماً خاصاً بها، وطورته عدة مرات بقرارات من مجلس الوزراء، كذلك دعمته بقانون تقنية المعلومات الذي صدر مايو الماضي، لحماية المعلومات الصحية وبيانات المرضى. وأضاف «اتخذت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتنسيق والتعاون مع كافة الجهات الصحية بالدولة، والقطاع الخاص، آلية خاصة للتعامل مع الإعلانات الصحية، ودعم القطاع الخاص والحكومي في إعلاناتها، التي تشمل المنشآت والمراكز الصحية، وممارسي المهن الصحية، وكذلك الإعلان عن المكملات الغذائية والمستلزمات الصحية، بحيث تخضع جميعها لرقابة وإشراف الوزارة. وتابع «في الوقت الذي ترصد فيه الوزارة بعض المخالفات من قبل بعض المؤسسات الصحية، تقوم الوزارة بإعطائها مهلة 72 ساعة لإزالة المخالفة، وفي حال تعمدت عدم إزالتها تتخذ الوزارة الإجراءات القانونية استناداً إلى التشريعات الصادرة في هذا الشأن. وأكد الأميري أن الوزارة لا تسمح لأي شخص أو جهة يعلن عن نفسه كطبيب أو مؤسسة تقدم خدمات صحية دون ترخيص من قبل إحدى الجهات الصحية بالدولة، وكذلك لا يسمح بالإعلان عن أي منتج طبي إلا إذا كان مسجلاً في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، لحماية مجتمع الدولة والحفاظ على صحته وسلامته». وأشار إلى أنه لوحظ مؤخراً قيام بعض الأشخاص بالإعلان والتحدث عن أمور طبية في الوقت الذي تعد هذه الأمور بعيدة عن تخصصاتهم، ومؤهلاتهم، لذا تحرص الوزارة بالتنسيق مع الجهات الصحية الأخرى على وضع بعض الإجراءات التي تحظر على غير ذوي الاختصاص بالتحدث في أمور في غير تخصصهم. وذكر أن جميع التشريعات الصحية شهدت خلال السنوات الأربع الأخيرة عملية تحديث، حيث تم تحديث 24 تشريعاً صحياً، من قوانين وقرارات صادرة عن مجلس الوزراء، بهدف دعم الخدمات الصحية في الإمارات. أفضل الممارسات وأكد الدكتور عامر الشريف المدير التنفيذي لجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية أن هناك خطة لإدراج مساقات ومواد في مناهج كليات الطب والعلوم الصحية حول أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وأخلاقيات استخدامها في الرعاية الصحية، لتدريب أطباء المستقبل على أفضل الممارسات في هذا القطاع. وإدراج تلك المواد في التعليم المستمر للأطباء، فضلاً عن الحاجة لإجراء دراسات حول استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الرعاية الصحية لمعرفة الوضع القائم، خاصة أن البعض يروج لمعلومات صحية خاطئة. وتابع ان الجامعة تعمل على مضافرة جهودها مع أكبر وأكفأ المؤسسات الطبية والعلاجية وكذلك الجهات الأكاديمية العالمية المتخصصة في مجال الرعاية الصحية، بما يخدم تبادل الخبرات والتعرف على التجارب العالمية الرائدة في هذا المجال البالغ الأهمية والذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة جل اهتمامها. وأوضح أن الجامعة قامت مؤخراً بتنظيم القمة العالمية للتواصل الاجتماعي بالتعاون مع «مايو كلينك»، في موضوع مهم وثيق الصلة بتطور محوري يعيشه المجتمع العالمي اليوم وهو الانتشار الكبير والواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، بهدف الوصول إلى تصورات تعيننا كمجتمع بحثي وأكاديمي وطبي على الاستفادة من تلك الميزة في تحسين مستوى خدمات الرعاية الطبية المقدمة للمجتمع. وينسجم بشكل كامل مع استراتيجية الجامعة ورسالتها الرامية إلى التحول إلى مركز عالمي للتعليم الطبي المتكامل والقائم على الحلول المبدعة، والبحوث المتخصصة في مجال الرعاية الصحية للمشاركة في خدمة الإنسانية. أسلوب مهني وأوضح الدكتور أنور الحمادي، استشاري الأمراض الجلدية والأستاذ المشارك في كلية الطب بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، والحاصل على جائزة رواد التواصل الاجتماعي عن فئة الصحة في العام 2015، أن الطبيب لا بد أن يكون له خطة واستراتيجية للوصول للأسلوب النموذجي في توظيف تواجده على منصات التواصل الاجتماعي بأسلوب مهني ناجح. مؤكداً أن تواجد الطبيب على منصات التواصل وتقديم النصح لمتابعيه لا يمكن أن يمثل مشكلة تحد من عدد مراجعيه في العيادة، مشيراً إلى أن الطبيب عليه دائماً التزام أعلى درجات المهنية بعدم تقديم أي وصفات طبية عبر منصات التواصل مع ضرورة تنبيه المتابعين إلى أهمية مراجعة العيادات الطبية للحصول على تشخيص طبي دقيق. واستعرض الدكتور الحمادي خبرته مع منصات التواصل الاجتماعي التي وصفها بأنها بدأت منذ نحو 8 سنوات مع إطلاق صفحته على موقع «تويتر»، مؤكداً أن شبكات التواصل شهدت على مدار العقد الماضي العديد من التطورات والتحديات، لاسيما فيما يتعلق بارتباطها بمجال الطب والرعاية الصحية، ومنها على سبيل المثال خصوصية المعلومات الخاصة بالمرضى. منوهاً بأن منصات التواصل الاجتماعي لها تأثير قوي على المجتمع، إذ يبقى من الملائم الاستفادة من هذا التأثير في تثقيف المجتمع حول الأمراض الأكثر شيوعاً وسبل تجنب الإصابة بها ومتطلبات علاجها. وحول تأثير تواجد الطبيب على منصات التواصل، قال الدكتور الحمادي إن هذا التواجد يفيد كل من طرفي التواصل سواء الطبيب أو المريض، حيث إنه يقوي العلاقة ويوطد الثقة في الطبيب، مع زيادة معرفة المريض به عبر ما ينشره من معلومات ونصائح، كما أن تواجد الطبيب على تلك المنصات مفيد له على المستوى المهني. حقوق المرضى وأشار الدكتور الحمادي إلى أن وصف الأدوية أو تشخيص المرض عن طريق الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي لا يجوز قانونياً ويتنافى مع وثيقة حقوق المرضى وواجباتهم أو حق الطبيب ولكن لا ضرر من الاستفادة من المعلومات الطبية كالقراءة عن طبيعة المرض وطرق الوقاية منه وما يجب تجنبه من الطعام، ولكن أن يصل الأمر إلى التشخيص والعلاج وتحصيل مبالغ مقابل هذه الخدمة فهذا خطأ كبير وتنطوي عليه مخاطر جسيمة. وتابع: لا يجوز للطبيب أن يصف الدواء من دون معرفة تفاصيل الحالة المرضية والتاريخ المرضي، وفي حالة الاستشارة عبر الإنترنت فإنها تبقى منقوصة وخاطئة، لأن المريض يكون غير قادر على تقديم شكوى على الطبيب في حال حدوث مضاعفات، ففي هذه الحالة يكون مقدم الاستشارة غير معروف وربما ليس بطبيب وإنما يقوم بتشخيص الداء ووصف الدواء عن طريق الإنترنت من دون أية دراية. وجه سلبي وقال الحمادي: إن الطبيب يحتاج لمعرفة نفسية المريض وهناك قاعدة التشخيص عن طريق العين بالعين، أي يجب على المريض إعطاء كافة المعلومات المتعلقة بالمرض والمدة الزمنية ومن ثم إجراء بعض التحاليل المخبرية وأحياناً قد يحتاج المريض إلى تنظير في حال قرحة المعدة أو يحتاج إلى الأشعة في حال وجود حصى الكلى وغيرها من الأمراض. وذكر ان الإنترنت ليس بديلاً للطبيب لأنه من الضروري جداً أن يتم التشخيص مباشرة من قبل الطبيب بكل دقة لمعرفة الحالة، وعلاجها، ولكن الاطلاع على بعض المشكلات الصحية من باب المعرفة والعلم لا يضر، وذلك بهدف الاستفادة من المعلومات. ولفت الدكتور الحمادي إلى أن للمواقع الإلكترونية وجهاً سلبياً يتجاوز فهم المريض لحالته الصحية، حيث إن هذه المواقع توفر المعلومة بشكل عام، وقد يكون لدى المريض أدوية أخرى، فيتسبب ذلك بتداخلات دوائية خطرة. لافتاً الى ان المواقع الطبية مساحة عريضة لتداول المعلومة الطبية، أما التشخيص فيلزم أخذ تقرير طبي تدرس فيه حالة المريض بشكل دقيق، من قبل طبيب مختص، ولا بديل عن معاينة الطبيب للمريض وجهاً لوجه، وأخذ التاريخ المرضي للحالة وإجراء تحاليل وأشعة حسب ما يتطلبه وضع المريض. تطوير ورأى الدكتور فارس تميمي، المدير الطبي لشبكة مايو كلينك للتواصل الاجتماعي، أن هناك علاقة بين الاحترافية والتواصل الاجتماعي. لافتاً إلى أن هناك فرصة لتطوير ونشر محتوى لمنصات التواصل يكون ذا قيمة مضافة للمستفيدين من خدمات الرعاية الطبية، والسبيل لتبني السلوك الاحترافي السليم في توظيف منصات التواصل في هذا المجال من خلال التعريف بالالتزامات تجاه الشركاء، والمفاهيم العامة التي تعين على تحقيق الاحترافية. وأشار الدكتور تميمي إلى مدى انتشار منصات التواصل في دولة الإمارات، وقال إنه وفقاً للإحصاءات حتى يناير 2019 فإن عدد سكان الإمارات وصل إلى نحو 9.61 ملايين نسمة في حين وصل عدد حسابات الهاتف النقال إلى 19.23 مليون اشتراك أي ما يزيد على 200% من عدد السكان، في حين بلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في الدولة 9.52 ملايين مستخدم. فيما سجل عدد الحسابات على منصات التواصل في دولة الإمارات الرقم ذاته، وبنسبة انتشار تقدر بنحو 99%، وهي الأعلى عالمياً، فيما يقدر عدد مستخدمي منصات التواصل عبر الهاتف النقال بنحو 8.8 ملايين مستخدم. وبين أن متوسط الوقت الذي يتم إمضاؤه على منصات التواصل من قبل المستخدمين في الدولة يتراوح حول معدل 3 ساعات يومياً، فيما شكل الشباب والشابات ضمن المرحلة العمرية ما بين 25 إلى 34 عاماً النسبة الأكبر من جمهور منصات التواصل في دولة الإمارات. تجارب وفي استعراض لقصص مأساوية لأشخاص وثقوا بالاستشارات الطبية عبر الإنترنت بدلاً من زيارة الأطباء، اضطرت شيبة حسنين إلى أن تستخدم المعلومات على شبكة الإنترنت بديلاً للنصائح الطبية أو التشخيص أو المعالجة المقدمة من الطبيب أو أي شخص آخر مؤهل لتقديم الرعاية الصحية. لأن ابنتها ليس لديها تأمين صحي، ولا تقوى على توفير فاتورة الأطباء، فدفعت فاتورة أكبر من صحة ابنتها وتعريضها للخطر. وتحكي لنا شيبة أن ابنتها أصيبت بحكة وتورم في الجلد، فلجأت إلى الشبكة العنكبوتية، بعد أن صورت الأماكن المصابة في قدم ابنتها وأرسلتها إلى أحد الأطباء عبر الشبكة، فأخبرها بأن ابنتها تعاني مرض الأكزيما، ووصف لها دواء عبارة عن حبوب ودهان للجلد، إلا أن حالة ابنتها تطورت وأصيبت بحروق في الجلد من الدرجة الثانية. كما اضطرت شيبة إلى أن ترسل صورة الإصابة الجديدة إلى طبيب آخر عبر الشبكة العنكبوتية، فأخبرها بأن هذا المرض ليس أكزيما وإنما حساسية، ووصف لها دواء آخر، مما أثر سلباً في حالة ابنتها، فاضطرت إلى اصطحابها إلى طبيب في أحد المستشفيات، فأخبرها أنها مصابة بفيروس في الجلد، ووصف لها العلاج المناسب، ولكن بعد أن تركت الحروق آثاراً ظاهرة في قدمها. حالة أخرى سددت فيها ريهام مراد ثمن الاستشارة عبر الإنترنت من صحتها، حين لجأت إلى محرك البحث «غوغل»، وكتبت «اسأل طبيب»، لتظهر لها عشرات المواقع من هذا النوع، منها ما هو عربي ومنها المواقع الأجنبية، فاختارت أحدها، وشرحت شكواها للطبيب عبر الموقع، إذ كانت تعاني ألماً في البطن مع أعراض أخرى مصاحبة، ليخبرها بأنها ربما تعاني سرطاناً في القولون، فسيطرت عليها الهواجس، حتى كادت أن تصاب بالمرض بالفعل نتيجة الخوف والصدمة والقلق التي سيطرت على حياتها. وأدت إلى فقدانها عدة كيلوغرامات من وزنها نتيجة التفكير الطويل وعدم النوم والأكل، وإصابتها بمرض ضغط الدم والهيستيريا، نتيجة تفكيرها الدائم في أبنائها ومصيرهم في حال وفاتها. حزمت أمرها وقررت الذهاب إلى طبيب مختص في أحد المستشفيات لإزالة الشكوك في مدى إصابتها بداء السرطان، فقررت هذه المرة أن تجري الفحوص اللازمة، وحين انتهت منها وظهرت النتائج تبين عدم معاناتها أي مرض، وأنها تعاني التهابات خفيفة بالمعدة فقط، تستدعي تناول أدوية مضادة للالتهابات. لائحة إرشادية لمحتوى الإعلانات الصحية عبر «وسائل التواصل» أكد الدكتور مروان الملا المدير التنفيذي لقطاع التنظيم الصحي في هيئة الصحة في دبي، أن الهيئة أصدرت لائحة إرشادية بشأن المحتوى الإعلامي للإعلانات الصحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستهدفت جميع المنشآت الصحية والمهنيين الصحيين المرخصين من قبل الهيئة، ونظراً لانتشار الإعلانات وترويج للخدمات الصحية عبر قنوات التواصل الاجتماعي. والتي تؤثر بشكل مباشر على المجتمع وأفراده، فقد برزت الحاجة إلى ضرورة ضمان مصداقية المحتوى الإعلامي بما يضمن سلامة المضمون وتوافقه مع عادات وتقاليد دولة الإمارات العربية المتحدة. وأضاف: حرصت اللائحة الجديدة على ضمان التزام المنشآت الصحية والأفراد المهنيين في تناول مضمون ومحتوى الإعلانات الصحية عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وذلك بتعزيز القيم الأخلاقية ومصداقية مصادر المعلومات للمريض أو المتلقي للرسالة. وذكر الملا أن اللائحة تتضمن عدة إرشادات منها الابتعاد عن تجريح طبيب أو مهني آخر في مواقع التواصل، وعدم الاعتماد على المعلومات المغلوطة، واعتمدنا على القوانين الاتحادية في هذا الشأن، وآراء المهنيين، بهدف توجيه المهنيين الصحيين للممارسة الأفضل في مواقع التواصل. زيادة الوعي الصحي عنصر أساسي للحد من العواقب الوخيمة قال الدكتور إبراهيم كلداري أستاذ الأمراض الجلدية في جامعة الإمارات، إن وصف الأدوية والتشخيص من خلال المواقع الإلكترونية جريمة وأمر منافٍ للأخلاق، ويجب على المجتمع أن يكون حذراً من المخاطر الكبيرة لهذه المواقع، فلكل حالة مرضية تشخيص مختلف وإن تشابهت أسماء الأمراض. فعلى سبيل المثال مريض السكري توصف له أدوية مختلفة عن مريض آخر بالمرض، حيث إن الطبيب ينظر للتاريخ المرضي لكل حالة على حدة، وهذا الأمر يغيب عن المواقع الإلكترونية فالتشخيص في أغلب الأحيان موحد للمرض. وبيّن أن زيادة الوعي الصحي داخل المجتمع نقطة الأساس للتغلب على هذه الظاهرة والحد من العواقب الوخيمة لها، حيث يجب توضيح أهمية أن زيارة الطبيب هي أفضل لتشخيص المرض بشكل دقيق بعيداً عن المعلومات والاستشارات عبر مواقع غير موثوق بها تقدم خدمات طبية تشمل تشخيص الأمراض ووصف علاجات وعقاقير لمن يقصدها. ومضى قائلاً: هناك الكثير من المواقع الإلكترونية التي تقدم وصفات عشبية ومكملات غذائية للتخلص من السكري أو التحكم في نسبة السكر في الدم وهذه كلها غير صحيحة، لأن مرض السكري من الأمراض المزمنة التي لم يتم التوصل لعلاج جذري لها حتى الآن، وهناك أدوية حديثة تساعد المرضى على المحافظة على نسبة السكر إذا ما اقترنت بالحمية الغذائية التي يصفها أخصائي التغذية. وأضاف كلداري: إن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هما وسيلتان هامتان لمساعدة الأطباء والمرضى، ولكن لا يمكن أن تكونا بديلاً عن الطبيب، حيث إن تشخيص الأمراض يعتمد على الفحص الإكلينيكي وتاريخ المرض والفحوص المعملية والإشعاعية، ولا يمكن التشخيص من دون فحص المريض. كما أن طبيعة العلاج تختلف باختلاف شدة المرض وتاريخ الإصابة به والعوامل المسببة له وسن المريض، مشيراً إلى أن المعلومات المتوافرة على الإنترنت لا يمكن أن تكون بديلاً عن استشارة الطبيب. خطر قاتل يتنافى مع أخلاقيات مهنة الطب أوضح الدكتور محمد سامح، رئيس قسم الصيدلة في مستشفى راشد، أن تشخيص الأمراض ووصف الأدوية عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يشكل خطراً قاتلاً، لأنه يتنافى مع أخلاقيات مهنة الطب، وبشكل عام المواقع الإلكترونية الطبية العربية ضعيفة المحتوى مقارنة بمحتوى المواقع الدولية باللغة الإنجليزية. وذكر أن الأسوأ من ضعف المواقع الإلكترونية، المعلومات الطبية المتداولة في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، ففي الغالب تكون مغلوطة أو غير دقيقة وارتجالية. وبين أن هناك إيجابيات لبعض المواقع الطبية منها وفرة وسرعة المعلومة، ومشاركة المرضى الآخرين تجاربهم، وخاصةً قصص الشفاء، وكذلك الآراء الطبية فيما يخص أعراض المرض أو العلاج والتشخيص، إلى جانب متابعة أفضل المراكز الاختصاصية والأطباء المتميزين والأدوية المتوافرة أو البدائل العلاجية. وأضاف: لا يمكن أن تكون المعلومات المتوافرة في الإنترنت بديلاً عن استشارة الطبيب، ولا يجب الانسياق وراء الإعلانات المضللة في بعض المواقع الإلكترونية، التي تروج لأطباء غير معروفين وتبيع أدوية ومستحضرات مجهولة المصدر. 07 أظهرت دراسة حديثة أن استخدام الفرد لأكثر من 7 منصات للتواصل الاجتماعي يضاعف ثلاث مرات من احتمال الإصابة بالاكتئاب والقلق، مقارنةً بمن يستخدم منصتين أو أقل، وفق باحثين في مجال الصحة النفسية. ووفقاً لمسح وطني أجراه فريق بحثي بقسم بحوث الإعلام والتكنولوجيا والصحة في جامعة بيتسبرغ بالولايات المتحدة الأميركية. فإن الإفراط في استخدام هذه المنصات يؤدي إلى تشتيت المخ بين مهام متعددة، وهو ما ينعكس سلباً على الصحة العقلية والقدرة على الإدراك والانتباه، وقد يتطور الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب وسوء الحالة المزاجية. 19 أكدت دراسة أن انخفاض مدة المكوث على منصات التواصل الاجتماعي لا يؤثر على مدى الرابط السلبي بينها وبين الاكتئاب. وذكرت الدراسة أنه «يتوجب على الأطباء النفسيين أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في أثناء فحص مرضى الاكتئاب». ووفق الدراسة المنشورة على دورية «أجهزة الكمبيوتر والسلوك البشري» في أبريل 2016، فقد جرى إخضاع عينة من 1787 شابًّا ينتمون للفئة العمرية 19 إلى 32 عامًا لاستبيان بهدف معرفة أي المنصات هي الأكثر استخدامًا، ما بين: فيسبوك، تويتر، جوجل، يوتيوب، لينكد إن، إنستغرام، بيانترست، تمبلر، فاين، سناب شات، وريديت. %60 توصلت دراسة حديثة إلى أن الوقت الذي يقضيه المستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم ارتفع بنحو 60 % في المتوسط على مدى السنوات السبع الأخيرة. وحللت مؤسسة «غلوبال ويب إندكس» البحثية في لندن بيانات من 45 من أكبر دول العالم في «أسواق الإنترنت». ورأت أن الوقت الذي يكرسه كل شخص لمواقع التواصل ارتفع من 90 دقيقة يومياً عام 2012 إلى 143 دقيقة في الأشهر الثلاثة الأولى من 2019. وثمة تفاوت كبير في الاستخدام على المستويين الإقليمي والوطني: ففي أمريكا اللاتينية، حيث أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل عالمياً، يبلغ متوسط الوقت المنقضي يومياً 212 دقيقة. %72 مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي، وُجد أن 72% من مستخدمي شبكة الإنترنت يبحثون عن معلومات متعلقة بالصحة، سواء بالنسبة للأمراض الشائعة، وسبل علاجها، فضلاً عن البحث عن أطباء أو مؤسسات تقدم خدمات العلاج والرعاية الصحية. وتعتمد القيمة والمردود للحوارات التي يدخلها المستخدمون من خلال منصات التواصل على أمرين مهمين وهما: القدرة على الوصول إلى مصدر جيد وموثوق للمعلومة، ونوعية المعلومات التي يتم مشاركتها. شراء الأدوية إلكترونياً.. سم قاتل حذر الدكتور علي السيد مدير إدارة الصيدلة في هيئة الصحة في دبي من شراء الأدوية عبر الإنترنت لما تشكله من خطر على الصحة لعدم توافر وسائل تأكيد الجودة والفاعلية للدواء، أو توافر تعليمات الاستخدام الخاصة به. ولفت إلى أن المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فإذا كان السائل يعرف من يسأل، وهو من الموثوق فيه وفي علمه، فإن الاستشارة هنا تكون مفيدة، ولكنها لا تغني عن زيارة الطبيب، ولا يجب الأخذ بها كعلاج. وأما إذا كان الذي يجيب شخص غير معروف تماماً للسائل، فلا يجب الأخذ بها حتى كرأي، وللأسف هناك الكثير من الأطباء لديهم مرض تقمص شخصيات وهمية، فتراه يسمي نفسه الطبيب الفلاني، وربما يقوم بتصميم موقع خاص به لهذا الغرض، ومن هذا المنطلق لا أنصح بالاعتماد على الاستشارات الطبية من خلال الإنترنت بل يجب أن تتم زيارة الطبيب المتخصص قبل أخذ أي دواء. ورأى الدكتور علي السيد أن وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تكون بديلاً عن الطبيب، فالطبيب سيبقى دوره محفوظاً ولا غنى عنه. وأعتقد أن شبكة الإنترنت تكون مساعدة فقط كمرجع أو للجوء إلى كتاب خارجي يمكن الاستعانة به، أما التشخيص والعلاج عن طريق الإنترنت فهذا خطأ كبير لأنه من الصعب تشخيص الحالة عن طريق الوصف الكتابي فقط من دون المعاينة والتشخيص بشكل عملي على أرض الواقع، فالمرض أو الحالة تختلف من شخص لآخر. وأردف قائلاً: تقديم الاستشارات ووصف الأدوية الطبية عن طريق المواقع الإلكترونية له عدد من الجوانب القانونية تتعلق إمّا بأهلية مقدم المشورة، أو متلقيها، أو بالعلاج الموصوف. وتابع: إن مقدم الاستشارة الطبية غير مصرح له بإجراء الفحوص أو العلاج خارج الأماكن المخصصة لذلك. دراسات وقال الدكتور علي السيد: لا يمكن أن نستخدم المعلومات على شبكة الإنترنت كبديل للنصائح الطبية أو التشخيص أو المعالجة المقدمة من الطبيب أو أي شخص آخر مؤهل لتقديم الرعاية الصحية، ولا يجب الاستناد إلى المعلومات الطبية المقدمة من أي موقع. وأشار إلى أنه قد تتغير المعلومات الطبية بسرعة وقد تكون المعلومة خاطئة أو ثبتت بالدراسات الحديثة أنها غير صحيحة أو انتهت صلاحيتها وخاصة في الطب البديل والعلاج العشبي، كما يجب ألا نستخدم أي معلومة طبية نجدها عبر المواقع الإلكترونية بغرض تشخيص أو علاج أية حالة مرضية من دون إشراف الطبيب. وأضاف: «لا يجوز أن يكون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بديلاً عن الطبيب، ولكن من الجائز أن يقوم طبيب أو فريق من الأطباء بمناظرة أو مناقشة حالة عن بُعد بالاشتراك مع زميل آخر يناظر المريض سريرياً من أجل الوصول إلى أفضل قرار وأفضل سبل العلاج، وهنا فقط يتوافر طرفا المعادلة للتحقيق عن بعد والتطبيق عن قرب». ولفت إلى أنه من هذا المنطلق لا يجوز استخدام الإنترنت والتواصل الاجتماعي نهائياً في مجال التشخيص بغرض العلاج، ولكن لا مانع من استخدامها بغرض التثقيف ونشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع. توصيات لمشاهدة الملف ..PDF اضغط هنا طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :