«اللغة العربية».. حفاوة «اليوم العالمي» لا تكفي

  • 12/23/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أكد المهتمون بالشأن الثقافي أن حبنا للغتنا العربية، ومحافظتنا عليها من كل ما يشوبها أمر يجب ألا يتوقف عند حدود المناسبات، أو الاحتفالات، بل يجب أن يكون من خلال الحرص على وجودها في كل مكان على المستويين الرسمي والمجتمعي وفي المطاعم والفنادق، مع ترسيخها لدى أبناء المجتمع بسن قوانين تفرض ذلك وتحافظ عليه، ومن ثم إلزام العاملين المستقطبين من الدول الأخرى بتحدث العربية، وهذا بدوه سيفرض إنشاء كليات لتعليم العربية في بلدانهم ويتيح انتشارها على أفق أوسع عالميًا.. «لغة الدين» وقال د. فهد البكر أستاذ النقد المساعد بكلية الآداب والفنون قسم اللغة العربية بجامعة حائل: تتميز اللغة العربية من بين سائر اللغات في العالم بمرونتها واتساع أفقها، وتنوع آدابها وثقافاتها، وهو ما جعلها تحتل المرتبة الرابعة من حيث الانتشار على مستوى العالم، متفوقة بذلك على كثير من اللغات كالألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والروسية وغيرها؛ وهذا التوسع والتفوق والانتشار يفترض أن يكون باعثًا على بذل مزيد من الاهتمام بهذه اللغة لتظل في المقدمة دائمًا وأبدًا، وربما تكون في يوم من الأيام أولى لغات العالم، وما ذلك على الله بعزيز. وإذا أردنا أن نعود إلى الوراء كثيرًا ندرك أن هذه اللغة لغة أصيلة شرفت بخاتم الرسل، والأديان، وأبت منذ فجر الإسلام إلا أن تكون لغة أصيلة؛ نبتت من صحراء قاحلةٍ، ثم سرعان ما أخذت تنمو وتسمو لتصبحَ دوحةً غنَّاءَ، وشجرةً وارفة الظِّلالِ، سامقةَ الأغصان، يانعةَ الثِّمَار، فَأَشرَقَتْ شمسُها ساطعة على بقاع الدنيا، وصارت بذلك أفصحَ اللغات، وأوسعَها، وأكثرَها تجدّدًا وتمدّدًا. واستطرد البكر قائلاً: ولقد أكّدَ القرآنُ الكريمُ فضلَ هذه اللغة في مواضعَ كثيرةٍ، فقال تعالى: «إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون»، وقال تعالى: «نَزَلَ به الروحُ الأمين على قلبكَ لتكون من المنذرين، بلسانٍ عربي مبين»، وقال تعالى: «وكذلك أوحينا إليكَ قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها»، وقال تعالى: «كتابٌ فصّلت آياتُه قرآنا عربيا لقوم يعلمون»، «لغة الوطن» فأيُّ شرفٍ أعظم من هذا الشرف؟! وأيُّ فخرٍ أكبر من هذا الفَخر؟!. إنَّ لُغتَنا العربيةَ هي لغةُ ديننا، ودنيانا، وهي الأساسُ الذي نتعلم من خلاله، وهي الهُوِيّةُ التي نفاخر بها، وهي اللغة الرسمية لهذه الدولة المباركة التي قامت على التوحيد، فإحياء هذه اللغة والاحتفاءُ بها هو ذروةُ سنام الرقيّ والتطوّر، وتهميشُها، وعدمُ الاعتناءِ بها هو سبب التأخر والتدهور، ولقد صدق الرافعي حين قال: «ما ذلّتْ لغةُ شعبٍ إلا ذَلَّ، ولا انحطّتْ إلا كان أمرُه في ذهابٍ وإدبار». وأكمل: إنه لجميل أن نحتفي بلغتنا كل عام في الثامن عشر من ديسمبر لإعادة الاهتمام بها، والتذكير بعظم شأنها، غير أن هذا الاحتفاء يصدق في حق من يحبون لغتنا، ويطربون لها، ويتوقون إلى تعلمها، ومعرفتها، أما نحن فيجب أن يظل اهتمامنا بها نابضًا بخفق قلوبنا، وأن نراعي حدودها، ونحترم مواثيقها وعهودها، ولا نهينها بسوء استعمالنا، أو بتغليب لغات أخرى عليها، أو الاستهزاء بمن يحافظ عليها، أو يدعو لحمايتها، والذود عنها. وإن حبنا للغتنا العربية، ومحافظتنا عليها من كل ما يشوبها أمر يجب ألا يتوقف عند حدود المناسبات، أو الاحتفالات، أو الشعارات، بل لا بد أن تكون همًا في دواخلنا، وهاجسًا نحمله في مشاعرنا وذواتنا، وأن نغرس حبها في أبنائنا وطلابنا؛ ليصبح الانتماء لها والاعتزاز بها مشعلاً يضيء للأجيال من بعدنا، وعز الأمم إنما يكون بعز لغاتها، وتطورها إنما يأتي من تعظيم شأن لغتها. «لغة التفرد» وترى الكاتبة والروائية نبيلة محجوب أن الاهتمام باللغة العربية من الأمور المهمة التي يجب أن تحظى بها، كونها لغة متفردة على جميع لغات الأرض، والاحتفال السنوي بها مطلب، ولكن الأهم كيف نرسخ في مجتمعنا التعامل باللغة العربية، ففي الإعلام مثلاً عندما يتحدث المذيع أو مقدم البرامج نجد أن نصف الكلام الذي يقوله المذيع والضيف ممزوج بين اللغة العربية وبعض مصطلحات اللغة الإنجليزية، وعند الذهاب للمطعم في أي منطقة من مناطق المملكة نجد أن لغة «منيو» قائمة الطعام مكتوبة باللغة الإنجليزية، في الوقت الذي لا يوجد فيه فرض على المطاعم والفنادق بالالتزام باللغة العربية، ويسري هذا على العاملين الذين يتكلمون باللغة الإنجليزية، والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف إذن نهتم باللغة العربية ونحن نفرض على مجتمعنا التحدث إجباريًا بلغات أجنبية متعددة، وسمحنا للعاملين لدينا بالتحدث بلغاتهم؟ ولذلك نحن بحاجة إلى قوانين رسمية تفرض على الجهات والمؤسسات توظيف من يتحدث اللغة العربية، وهذا سيجعل للغة العربية مكانة عالمية، بحيث إن كل الدول التي ترسل عمالتها عليها أن تؤسس لديها قسمًا لتعليمهم اللغة العربية أو بعض مصطلحات اللغة، ومع الوقت سيكتسبون إتقانها. وأكدت محجوب على ضرورة رفض الدولة والمجتمع بمختلف المؤسسات لكل رغبة تتجاهل وجود اللغة العربية في حياتنا، الذي يكون بمنزلة احتفال يومي للغتنا الأم، وكذلك عدم توظيف من لا يجيد اللغة العربية. نبيلة محجوب

مشاركة :