3200 ريال أول راتب تقاضيته من مهنة الطب

  • 5/22/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - عبدالمجيد حمدي : هو أول بروفيسور قطري فى كلية طب وايل كورنيل متخصص في أمراض الأطفال السريرية وحاصل على البورد الأمريكي في أمراض الرئة عند الأطفال وطب الأطفال وزميل للكلية الملكية البريطانية لطب وصحة الأطفال .. أسس وحدة الصدر بمؤسسة حمد الطبية بعد أن كان هذا التخصص غير موجود في قطر .. حصل على البورد الأمريكي من جامعة إلينوي فى طب الأطفال ثم انتقل للزمالة التخصصية في الأمراض الرئوية والصدرية للأطفال في هيوستن ومكث هناك 3 سنوات ونجح بامتياز وتوالت عليه العروض من عدة جامعات أمريكية، لكنه فضل العودة إلى قطر لرد الجميل إلى بلاده التي ابتعثته للدراسة بالخارج .. إنه الدكتور إبراهيم الجناحي استشاري أول ورئيس وحدة الصدر للأطفال بمؤسسة حمد الطبية رئيس مركز الأبحاث بالمؤسسة، التقيناه للتعرف على أبرز المحطات في تاريخة الحافل بالكثير من الإنجازات والنجاحات وكان الحوار التالي: > في البداية .. كيف كان اختيارك لمهنة الطب؟ - اخترت دراسة الطب منذ أن كنت في الصف الأول الإعدادي بعد أن قمت بزيارة تم تنظيمها للطلاب المتميزين من قبل وزارة التربية والتعليم آنذاك إلى جامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية، وكان من بين الكليات التي زرتها وأعجبت بها كلية الطب .. خلال الزيارة قمنا بتفقد كليات عديدة، لكن أكثر ما جذب انتباهي هي كلية الطب وتحديدا مختبر التشريح الذي أبهرني عندما رأيته، وكيف أنه يتم تشريح كل جزء من الإنسان لمعرفة كافة التفاصيل، فأردت أن أخوض غمار هذا العالم الجديد واتخذت قراري آنذاك بأن أبذل قصارى جهدي للالتحاق بكلية الطب، وكان ما أردت والتحقت بجامعة الملك فيصل ودخلت كلية الطب بها وتعلمت في مختبر التشريح الذي رأيت فيه أول جثه يتم تشريحها. خلال الزيارة شاهدت كيف يتم تشريح جسم الإنسان وكنت منبهرا للغاية بما أراه في هذا العالم الغريب الذي وقفت أمامه مندهشا لما أراه فكل جزء في جسم الإنسان يحتاج إلى ساعات للشرح والتدقيق لمعرفة أسراره وخلال رؤيتنا لعملية تشريح داخل المختبر لمسنا على أرض الواقع كيف أن هذا العالم الغريب داخل جسم الإنسان سوف يظل مجهولا وغريبا ومهما توصل العلم إلى تقنيات وتطور فإن جسم الإنسان كبير ومتسع يحتاج لعشرات السنين للوصول إلى تفاصيله وحقائقه، ومن هذا المنطلق فإن علم التشريح هو ما جعلني أكثر فضولا لاختيار مهنة الطب والبحث في أسرارها، فحب المعرفة والبحث عن المجهول كان دائما هو الدافع الأكبر لي نحو الاستمرار في الجهد والتحصيل للوصول إلى الهدف المنشود. بالإضافة إلى ما سبق فإن مهنة الطب تعتبر من المهن السامية التي تخدم البشرية والمجتمع وهذا أيضا من بين الأسباب الأساسية في اختياري هذه المهنة التي قد أستطيع من خلالها أن أنقذ حياة شخص ما، كما أن والدي ووالدتي شجعاني على هذه المهنة وأدين لهما بالفضل بعد الله تعالى، كذلك أعتبر زوجتي من بين العوامل الأساسية الهامة التي دعمتني في دراستي ووقفت بجواري منذ أن كنت أدرس في كلية الطب. > وهل شغلتك دراسة الطب عن حياتك الخاصة؟ - على العكس تماما .. فقد تزوجت خلال دراستي الجامعية وتحديدا في السنة الثالثة بالكلية حيث كان عمري 23 عاما، وكان للزواج المبكر أثر كبير في تحفيزي وتركيزي في الدراسة وحقق لي الاستقرار النفسي، وفي هذا الصدد فإنني أعتبر زواجي من أهم ما حدث في حياتي خاصة في السن المبكرة، وهو ما أنصح به الشباب خاصة إذا رزقهم الله تعالى بالزوجة الصالحة المتفهمة لظروف زوجها مثل زوجتي، فقد وقفت بجواري كثيرا وكانت تدعمني باستمرار، وقد رزقنى الله تعالى بأول مولود حينما كنت في السنة الخامسة من كلية الطب. > وماذا عن رحلتك المهنية بعد التخرج من جامعة الملك فيصل؟ - بعد التخرج عدت إلى الدوحة والتحقت بالعمل في مؤسسة حمد لإكمال سنة الامتياز، وكان ذلك عام 1992 كما عملت في إدارة التعليم الطبي بالمؤسسة بجوار عملي كطبيب حيث كنت أتدرب معهم خلال سنوات الدراسة منذ عام 1986 حتى التخرج ومن ثم عملت معهم في التدريب الطبي، وبعد إنهاء عام الامتياز قررت التخصص في طب الأطفال لأنني كنت أحب الأطفال بشكل كبير وكنت أرى في الاهتمام بهم الأساس في بناء الإنسان منذ الصغر فهي مرحلة التأسيس الصحي الجيد ومن ثم فالتركيز عليهم منذ الصغر سوف ينتج إنسانا يافعا سليم بدنيا. > وماذا عن دراستك في الخارج؟ - بعد الحصول على الامتياز والتخصص حصلت على البورد العربي في الدوحة بعد ستة أشهر وحصلت على مكان للتدريب في أمريكا في جامعة إلينوي ومكثت هناك 3 سنوات مع أسرتي وكان على نفقة مؤسسة حمد، وعندما سافرت كان ولدي الصغير (ياسر) عمره لا يتعدى 20 يوما وهو الآن في كلية طب وايل كورنيل .. حصلت على البورد الأمريكي من جامعة إلينوي في طب الأطفال ثم انتقلت للزمالة التخصصية في الأمراض الرئوية والصدرية للأطفال في هيوستن ومكثت هناك 3 سنوات ونجحت بامتياز وتوالت علي العروض للعمل من عدة جامعات أمريكية، لكنني فضلت العودة إلى قطر لرد الجميل إلى بلادي التي ابتعثتني للدراسة بالخارج. > وما هي أبرز المشاريع التي شاركت فيها بعد العودة للدوحة؟ - حينما عدت للدوحة لم يكن هذا التخصص (طب الصدر للأطفال) موجودا وقمت بتأسيس القسم في مستشفي حمد، ووصل مستوى القسم الآن والحمد لله إلى وضع يضرب به المثل، وبعد عام من تأسيس القسم تم إسناد طوارئ أطفال السد إلى عملي وتقلدت رئاستها بالإضافة إلى قسم صدر الأطفال لمدة سبع سنوات وقمت بعمل توسعات كبيرة في طوارئ السد حيث كان عدد الأسرة 6 أسرة فقط وحينما سلمت الطوارئ كان عدد الأسرة وصل إلى 42 سريرا كما كان عدد الأطباء 9 فقط عندما تسلمتها وعند تسليمها لمن بعدي وصل عدد الأطباء 54 طبيبا. ومنذ عام 2009 تم تكليفي برئاسة اللجنة الدائمة للتراخيص بالمجلس الأعلى للصحة ومازلت رئيسا لها حتى اليوم وهذه التراخيص هي الخاصة بالمنشآت والأفراد، فعندما ترغب أي منشأة صحية في استقدام أي خبير طبي من الخارج تقوم بالتقدم بطلب للمجلس الأعلى للصحة والذي يقوم بدوره بمراجعة الشهادات والأوراق الطبية الخاصة بالطبيب ويتم منحه إجراء مؤقت لمدة 6 أشهر لحين استكمال إجراءات الترخيص الدائم، موضحا أن هناك اشتراطات محددة لكل طبيب أو خبير يتم استقدامه من الخارج وترتبط بشهادات الخبرة، وهناك شركة دولية يعتمد عليها الكثير من دول الخليج وهي متخصصة في تتبع الشهادات العلمية وشهادات الخبرة المقدمة للتأكد من صحتها قبل الموافقة على استقدام أي طبيب. > وبالنسبة لمركز الأبحاث الذي تتولي رئاسته .. كم عدد الأبحاث التي يتم تنفيذها والميزانية الخاصة بها؟ - منذ عام 2013 وأنا أشغل منصب المدير التنفيذي لمركز البحوث الطبية بالمؤسسة وحينما تسلمت المركز كان يتم العمل على 400 بحث علمي وفي الوقت الحالي يوجد أكثر من ألف بحث فقد زاد العدد بشكل كبير ليس هذا فحسب بل تم التركيز أيضا على نوعية البحث وليس على الكم فقط .. هناك أشياء هامة يركز عليها المركز وهو العمل على تشجيع البحث النوعي لرفع مستوى الأبحاث التي يتم تقديمها للمركز حيث لدينا الآن قاعدة كبيرة من العلماء نستفيد منهم كمراجعين للأبحاث حيث لدينا شراكات علمية كثيرة مع العديد من الجهات العلمية المتميزة مثل جامعة وايل كورنيل ومركز السدرة ومركز قطر للأبحاث العلمية وجامعة قطر وكلية شمال الأطلنطي وجامعة كالجاري فنحن في شراكة علمية مع مركز الصحة الأكاديمي. > وكيف يتم تقييم الأبحاث قبل البدء في تنفيذها؟ - لدينا قاعدة كبيرة من العلماء على مستوى العالم نرسل لهم عروض الأبحاث المقدمة لنا قبل أن نوافق عليها بمركز الأبحاث ونوفر لها الدعم المادي والعلمي والمعنوي، حيث يقوم هؤلاء العلماء بمراجعة هذه الأبحاث من حيث المستوى العلمي، وهل ستضيف جديدا أم أنها أبحاث عادية ولن تضيف جديدا، فإذا تمت مراجعته وتم إقراره بأنه بحث يستحق الاهتمام والتنفيذ نقوم بتحديد أحد الخبراء الموجودين بالمركز ويقوم بالإشراف على تنفيذ البحث وبعد الانتهاء منه تأتي خطوة المراجعة النهائية من خلال لجنة علمية متخصصة تحدد إلى أي مدى يضيف هذا البحث لاستراتيجية الصحة 2016 ومدى توافقه مع رؤية قطر 2030 وبعد إقراره والموافقه عليه يتم تحديد الدعم المادي له. > وماذا عن كونك أول بروفيسور قطري في طب وايل كورنيل؟ - تعيينى في منصب البروفيسور بوايل كورنيل جاء بعد مروري بمراحل كثيرة بدءا من مدرس إلى أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك إلى بروفيسور وخلال هذه الفترة يجب أن يقوم المدرس بعمل أبحاث أو تدريس أو تعليم طبي أو دراسات طبية حسب متطلبات وايل كورنيل التي تعتبر من المتطلبات الصعبة، وقد بدأت العمل في وايل كورنيل منذ عام 2007 ولم أصل إلى درجة البروفيسور بين يوم وليلة ولكن بعد مجهود ومشوار طويل. > هل تعتقد أن هناك نقصا فى الكوادر الطبية؟ - عندنا نقص في كوادر الأطباء حيث يبلغ عدد الأطباء القطريين ما بين 350 -500 طبيب كما يوجد نقص أيضا في عدد الممرضات ومن ثم فلا بد من أن يكون هناك حوافز أكبر لتشجيع الشباب على دراسة الطب الذي عندما يذكر فإنه يتبادر إلى الذهن 20 عاما على الأقل ما زلت فيها متدربا من خلال كلية الطب التي تمتد 6 أعوام وفترات تدريب من 10-14 سنة أي 20 عاما بلقب متدرب ومن ثم فلا بد من حوافز كبيرة في سبيل ما يعتقده البعض تضحية. في الوقت نفسه لدينا كوادر طبية واعدة ومبشرة ولدينا في وايل كورنيل العديد من الأطباء القطريين على درجة أستاذ مساعد، أي أن الخطوة القادمة ستكون هي درجة الأستاذ أو البروفيسور، ما يؤكد إلى أي مدى هناك وعي واجتهاد من جانب الأطباء القطريين للوصول إلى أعلى مناصب العلم. > وماذا عن أول راتب حصلت عليه في عملك بالطب؟ وهل ترى هناك اهتماما ماديا ومعنويا بالأطباء؟ وما سبب عزوف الشباب عن دراسة الطب؟ - أول راتب كان 3200 ريال عام 1992 وكان راتبا مرتفعا، واعتقد أن هناك الكثير من الاهتمام بالطب على جميع المستويات ولكن على الرغم من ذلك فهناك حالة من العزوف بين الشباب القطري الذين يجدون فيه صعوبة كبيرة للسير في هذا الطريق الطويل فمن يلتحق بالطب سوف يجد نفسه إلى الأبد لا ينتهي من التعليم وأتذكر في هذا المقام قول والدي رحمة الله عليه حينما سألته عن الطب وأنني سوف ألتحق به فقال لي إنك إن دخلت الطب فلن تنتهي من دراسته إلا مع القبر، وبالفعل كان معه حق فالطب كل يوم في جديد ولا بد للطبيب أن يواصل الدراسة والبحث باستمرار في كل ما هو جديد ومتطور وألا يقف عند حد. من الممكن أن نزيل المخاوف لدى الشباب من دراسة الطب من خلال عمل مجموعات مساعدة لتشجيع الطلاب على دراسة الطب وإزالة الخوف لديهم وكذلك توفير الحوافز المادية والمعنوية التى تشجع الشباب على اقتحام هذا المجال، فيجب أن نوضح لهم أن الطبيب في المجتمع ينظر إليه كحكيم وكقائد بين أقرانه فدراسة الطب فرض كفاية وإن عزف عنه الجميع فإنهم يأثمون.

مشاركة :