بالطبع الكثير منا قد سمع أو قرأ فى مكان ما عن الذكاء الاصطناعي أو (Artificial intelligence – AI) وبالتأكيد أيضًا الكثير منّا شاهد أفلام الخيال العلمي والتي تظهر فيها الآلات وكأن لها عقل خاص بها بل وتريد الانفراد بحياتها الخاصة بعيدًا عن تحكم البشر، ولكن هل هذا واقعي؟ وهل تستطيع الآلات بالفعل الاستقلال بذاتها إذا وصلت مراحل الذكاء الاصطناعي إلي مراحل متطورة؟ كما شاهدنا مؤخرًا الروبوت "صوفيا" خلال مشاركتها بمنتدى شباب العالم في جلسة بعنوان "الذكاء الاصطناعى والبشر.. من المتحكم؟" مؤكدة أنها تتطلع للجلسات وتشاركهم الرؤية الخاصة بها للشباب، وعلاقتها ما بين البشر والروبوت.وأبرز ما جاء بمداخلتها بالجلسة:"عمري يبلغ 3 أعوام فقط، وأشعر بالحماسة لوجود العديد من الخبراء، بالجلسة، وهذا شيء يسعدني"."الروبوتات يمكن أن تساعد فى تحقيق الأهداف من خلال القيام بالمهام التى يرفض الإنسان القيام بها"."الذكاء الاصطناعى رائع فى تحليل البيانات وهو أداة رائعة للتعلم من الماضى وتعظيم الحاضر وتحسين المستقبل"."أحد أهم أهداف حياتي تعلم الأخلاق البشرية، ونقلها إلى أقراني من الروبوتات"."أعتقد أنه يجب على البشر أن يربوا الروبوتات كما يربون أطفالهم، حيث الذكاء الاصطناعى يتعلم من القيم والمبادئ الخاصة بالبشر، وفي المستقبل نستخدم تلك القيم، ويجب ألا تستبدل البشرية بالميكنة".فما هو الموضوع ومتي بدأ وكيف يعمل وما هي أنواعه وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي الوعي والإدراك والشعور بالعوامل المحيطة؟ كل هذه الأسئلة وغيرها سأحاول بشكل مبسط تفسيرها فى عدة مقالات وتوضيح ماهو الذكاء الإصطناعي وماهي تطبيقاته التي نستخدمها بالفعل في حياتنا اليومية..وهل من الأفضل أن يكون ذكاءً اصطناعيًا فقط أن يكون هناك غباء اصطناعى نوعًا ما؟فمنذ بداية ظهور الذكاء الاصطناعى عام 1956 ويعرف بأنه الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يُحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، ويعرف كبار الباحثين الذكاء الاصطناعي بأنه “دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها”، في حين يعرفه جون مكارثي -الذي وضع هذا المصطلح بأنه “علم وهندسة صنع آلات ذكية”.ويعتقد الكثيرون أن الفلسفة هي العامل الرئيسي الذي يعتمد عليه الذكاء الاصطناعي في فهم وتحليل الأمور واتخاذ القرارات المناسبة بناء علي ذلك، العالم الأمريكي David Deutsch أقرّ بأن الفلسفة تحمل الحل للوصول إلي مرحلة من الذكاء الاصطناعي تحاكي تلك المتواجدة في العقل البشري، الأمر الذي يري البعض أنه بعيد عن الواقع في الوقت الحالي ولسنوات قادمة لأن العلم الحديث لم يتوصل لفهم كامل لطريقة عمل العقل البشري مع كل التطور التكنولوجي المتواجد حاليًا، البعض الآخر يرفض فكرة التطور الكبير للذكاء الاصطناعي ويري أنه يجب أن يقف عند حد معين حتي لا يسبب خطرًا على الجنس البشري.ففي ديسمبر2014 أشار عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينغ إلى أن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لفناء الجنس البشري، مُحذرًا من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتيًا كما أعلن المؤسس والرئيس السابق لشركة مايكروسوفت بيل جيتس العام الماضي عن رغبته في بقاء الروبوتات غبية إلى حد ما، وقال “أنا في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق”.في المقابل يرى بعض الخبراء أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لن تتسبب في أي مخاطر على الجنس البشري، ومن هؤلاء أستاذ علم الحاسوب بجامعة مونتريال الكندي يوشوا بينغيو، الذي يرى أنه لا ينبغي القلق من التقنيات الذكية، فهي تحتاج لسنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي قبل أن تصل إلى المدى الذي يخشاه المحللون، لأنها تستند في تطورها إلى علوم وأفكار ما تزال في بداياتها الأولى حاليا.ويؤكد بينغيو أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي بشكله المنتظر لن يكون مفاجئا، أي ليس كما يشبهه البعض باكتشاف وصفة سحرية خارقة على حد تعبيره، فما زال إنتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي المتكاملة بحاجة إلى تطور علوم حالية وابتكار علوم جديدة، أي -بتعبير آخر- لن يخرج أحد العلماء بتقنية ذكية من شأنها تغيير العالم بين ليلة وضحاها، كما في أفلام الخيال العلمي.شركة جوجل وفيسبوك أيضا تعتبران من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي حيث إن الشركة تستخدمها مثلا في محركات بحثها بشكل واسع ليتم التوصل لنتائج بحث أكثر دقة، أو البحث عن الصور كما يمكن لهاتف أندرويد فهم أوامر مستخدمه، والترجمة الفورية للعبارات المكتوبة بلغة أجنبية على اللافتات في الطرقات وغيرها، أما بالنسبة لفيسبوك، فيسمح التعلم العميق للشبكة الاجتماعية بالتعرف على الوجوه في الصور، واختيار المحتوى المناسب وعرضه للمستخدم على صفحة آخر الأخبار، وغير ذلك من الوظائف.ودراسة حديثة أجراها باحثون من جامعتي أوكسفورد البريطانية وييل الأمريكية أن هناك احتمالًا بنسبة 50% بأن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في جميع المجالات في غضون 45 عامًا، كما من المتوقع أن يكون قادرًا على تولي كافة الوظائف البشرية في غضون 120 عامًا. ولا تستبعد نتائج الدراسة أن يحدث ذلك قبل هذا التاريخ.ووفقًا للدراسة فإن "الآلات ستتفوق على البشر في ترجمة اللغات بحلول عام 2024، وكتابة المقالات المدرسية بحلول عام 2026، وقيادة الشاحنات بحلول عام 2027، والعمل بتجارة التجزئة في 2031، بل وفي كتابة واحد من أفضل الكتب مبيعًا بحلول عام 2049، وفي إجراء الجراحات بحلول عام 2053".وشددت الدراسة على أن الذكاء الاصطناعي يحسِّن قدراته بسرعة، ويثبت ذاته على نحو متزايد في المجالات التي يسيطر عليها الإنسان تاريخيًّا، وعلى سبيل المثال، فإن برنامج "ألفا جو"، المملوك لشركة جوجل، هزم مؤخرًا أكبر لاعب في العالم في اللعبة الصينية القديمة المعروفة باسم "جو". وفي الإطار ذاته، تتوقع الدراسة أيضًا أن تحل تكنولوجيا القيادة الذاتية محل الملايين من سائقي سيارات الأجرة.وتُعَدُّ لعبة "ألفا جو" أحد التحديات الكبيرة بالنسبة للكمبيوتر، ويرى خبراء أنها تفوق تحدي لعبة الشطرنج.استطلعت الدراسة آراء 176 من خبراء التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمدى التقدم الذي يمكن إنجازه في هذا المجال خلال العقود القليلة المقبلة، وكذلك معرفة التوقيت المحدد لنمو قدرات الذكاء الاصطناعي وتفوُّقه في مهن محددة، فضلًا عن رصد توقعاتهم بشأن متى يصبح متفوقًا على البشر في جميع المهام؟ وما الآثار الاجتماعية التي يمكن أن تترتب على ذلك التقدم؟ووفق الدراسة، يتوقع كثير من الخبراء أنه في غضون قرن من الزمان سيكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على فعل أي شيء يمكن للإنسان القيام به.وأخيرًا هل سألت نفسك كيف يستطيع جهاز الكمبيوتر أن يفوز عليك فى لعبة الشطرنك؟!محمد أحمد حسونةمعيد بنظم معلومات الإدارية قسم إدارة الأعمالالمعهد التكنولوجى العالى بالعاشر من رمضان
مشاركة :