تلقى الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، سؤالا عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " تقول صاحبته: " أشك بأن إحدى صديقاتي تنكر الحجاب وأنه فرض، وهو مجرد شك بسبب جملة عابرة سمعتها منها، علمًا بأنني لست متأكدة؛ فهل نحكم بكفرها واستهزائها بالدين، وماذا أفعل؟".رد عضو هيئة كبار العلماء على السائلة قائلًا: " المكفرات لابد من توافر ثلاثةُ أشياء فيها، أولًا: القصد، ثانيًا: العلم، ثالثًا: الاختيار. وأضاف" جمعة" في إجابته، أن من أمثلة المكفرات السجود للصنم عن قصد واختيار، فإذا كان يصلي شخص لله - عز وجل- وقام آخر بوضع تمثال أمامه؛ لم يكفر لعدم القصد.وأشار إلى أن النبى - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي فى الكعبة وحوله ٣٦٠ صنما، لكنه ينكر هذه الأصنام ولا يعبدها.وأضاف " أما الذي يسجد للصنم لأنه يعتقد فيه اعتقاد الوثنيين؛ فهذا كفر، منوهًا بأن الجهل مما نراه كثيرًا وعلى مرور السنين.وذكر أن الإمام اليوسي نص في عقيدته وهو صغير عندما كان جالسًا مع اثنين من عجائز مدينته، فقالت إحداهما للأخرى في أثناء الحديث " إن شاء الله " وردت الأخرى عليها قائلة " إن شاء من خلقه"؛ فهي تتصور هنا وجود تسلسلٌ في الألوهية. وأفاد المفتي السابق بأن هذا التصور الساذج لم يكفرها، وخصص في عقيدته فصلا عن مثل هذا الحد من الجهالة.وأبان " حكى لي الأستاذ زكريا علي يوسف، وكان صاحب مطبعة تسمى بالإمام وخادمًا للشيخ رشيد رضا من كبار علماء الأزهر الشريف، وتلميذ الشيخ محمد عبده، أنه حين وجوده معه في السوق لشراء بعض الخضروات والحاجات وإذ برجل يسب الدين لأخيه في السوق.وواصل " فقال له أحد المشايخ الذي انضم إليهم في هذا الوقت: يا إمامنا ما نحكم على مثل هذا الرجل: هل نكفره ونفصل بينه وبين زوجته ونحرم عليه الدفن في مقابر المسلمين، فرد عليه الشيخ رشيد رضا قائلًا: " أليس من باب أولى أن نعلمه الإسلام".ونوه " جمعة" بأن الشخص الذي يقوم بسب الدين؛ لا يقصد من فعله هذا الدين نفسه وإنما يريد الانتقام لنفسه من المتحدث معه لأذيته له أو ما شابهه، وكذا من يسب أبا الشخص أو أمه. واختتم أنه بناء على ما سبق جميعه؛ لا نستطيع أن نكفر أحدا من المسلمين ، حتى أنه لا يمكن للقاضي الذي ينفذ حكمه عند الناس ظاهرًا وعند الله باطنًا أن يحكم على مسلم بخروج عن الملة إلا إذا كان قاصدًا عالمًا مختارًا.- علي جمعة يكشف عن 4 كلمات تجعلك في أعلى شعب الإيمان :قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن أعلى شعب الإيمان "لا إله إلا الله"؛ فالإيمان بالله ومحله القلب يجعل القلب فوق العقل، ويجعل العقل فوق السلوك.وأوضح جمعة في منشور له، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن هذا يختلف اختلافا بينًا عما يتبناه كثير من الناس من أن السلوك هو الذي يتحكم في العقل، وأن العقل يمكن أن يسكت القلب.وأضاف أن ذلك بعد أن تحولت الأمور إلى مصالح ومنافع مادية ضيقة مات فيها الإنسان أمام الله ثم مات أمام نفسه، وتحول من كائن رباني تتجلى عليه الفيوضات إلى كائن بيولوجي لا يساوي قطعة لحم تقوم بنصف دولار في مواد تركيبها.وتابع: كما يقول عبد المحسن صالح في كتابه المانع (أنت أيها الإنسان كم تساوي؟)، مشيرًا إلى أن تنحية قضية الألوهية في مجال الطب قد أثرت كثيرًا؛ فلم يعد الطبيب يدرس المريض دراسة كلية، ولم يعد يعالج أسباب المرض، بل اهتم بالقضاء على أعراضه.وواصل أنه لم يعد يراعي أحوال البيئة، ولكنه نزعه انتزاعا منها، وأذهبه إلى المعمل، وتقلص الاعتماد على ما خلقه الله في هذه الطبيعة من غذاء ودواء، مبينًا أن علماء الطب اكتشفوا هذا المعنى، فحاولوا أن يبحثوا عن فنون العلاج في هيئة أخرى سميت بالطب البديل، وشعبت إلى نحو ثلاثين بندًا.وأكمل أن المدارس والأفكار والآراء بدأت تختلف حول ذلك؛ لأنها لم تنتظم في رؤية كلية واحدة، منوهًا بأن كثيرا ممن دخل إلى فنون العلاج دخلها من باب المادة وكثيرا ممن دخل من باب المادة دون أن يسيطر القلب على العقل، ولا العقل على السلوك لم يجد لها فائدة مثل ما في الطب الحديث من فوائد مادية مبشرة، وكأن فنون العلاج قد فقدت شرطها.ونبه أن المسألة أكبر من أن تحل من غير عودة العقيدة، فترى نظامًا يعتمد الإبر الصينية، وترى نظاما آخر يتهمها بالدجل، وعلى كل حال، فعندما استعمالها الصينيون استعملوها من خلال نظام متكامل، ليس من الحكمة أن ينزع منه، ثم نبحث عن النتائج مع فقدان الشروط.وأفاد بأن هذه الرؤية أثرت عندما فقد من منظومة التفكير قضية الألوهية في مجال الاقتصاد؛ الذي أصبح مجالا للزيادة الكمية ابتداء من تعريف المشكلة الاقتصادية بأنها كثرة الحاجات بإزاء قلة وسائل الإشباع النسبية، حيث سنرى مشكلات في تحديد معنى الحاجة، ومعنى الندرة، ومعنى النسبية، ما يترتب عليه جعل علم الاقتصاد قيميا يحتاج إلى القيم، ويمكن وصفه بالإسلامي أو البروتستاني أو الشيوعي كما فعل بعضهم.واختتم أنه كلما نزعت قضية الألوهية من مجال من المجالات رأيناه يغلق على نفسه، ويسير في اتجاه واحد، ويقطع ما بين الإنسان وما بين تراثه الإيماني، في حين أن الله -سبحانه وتعالى- قد خلق بعض العلامات حتى يدلنا بها على حقائق بسيطة أغفلها الكثيرون، ومنها الدائرة، فمن سار في اتجاه واحد فإنه يخرج عن حد الدائرة دون أن يشعر.
مشاركة :