أثار اعتذارالمملكة العربية السعودية عن العضوية المؤقتة لمجلس الأمن وهي مكانة عالمية مرموقة تتطلع إليها كل الدول غير الأعضاء الدائمين بالمجلس الكثير من اللغط حول العالم بين مؤيد ومتحفظ و متحير ، المؤيدون يدفعهم ما هو معروف عن الأمم المتحدة عموماً ومجلس الأمن خصوصاً من ازدواجية في المعايير وانتقائية في تطبيق تلك المعايير لاسيما المادة السابعة من نظام مجلس الأمن والذي يخول المجلس إصدار قرارات بالتدخل العسكري في ما يعتبرونه مخلاً بالأمن والسلم العالمي ، خصوصاً عندما يكون المسلمون هم المعنيون ، بل ويصل الأمر إلى تهميش المنظمة والمجلس عندما تصر إحدى الدول الخمس الكبرى من الأعضاء الدائمين على المضي في مخططاتها دون الحصول على تلك القرارات التي كثيراً ما تكون جائرة تماماً كما فعلت إدارة الرئيس بوش الابن في غزو العراق عام 2003 م. جاء الموقف السعودي المشار إليه أعلاه رداً على تذبذب المواقف الأمريكية في ما يجري في المنطقة من أحداث وتبديلها أعداء الأمس الذين هم بالتحديد إيران والنظام السوري إلى دول وأشخاص من الممكن أن يكونوا حلفاء الغد. وهذا يعني بشكل أدق الاصطفاف مع المشروع الشيعي في ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي يراد له أن يكون ممزقاً إلى دويلات متطاحنة. وأمريكا منذ أن بدأت تتدخل في شؤون العالم عموماً ومنطقتنا العربية الإسلامية على وجه الخصوص عقب الحرب العالمية الثانية عرف عنها أنها ليس لها صديق دائم بل لها «مصالح» دائمة. و في مقولة مشهورة لوزير الخارجية الأسبق في ( السبعينيات من القرن العشرين ) أكد فيها على أنه ( أن تكون صديقاً لأمريكا أخطر بمراحل من أن تكون عدواً لها ) و ربما يفهم هذا التحذير بأنه يجب عدم الاطمئنان أبداً إلى «الصداقة» الأمريكية لأنه لا يمكن معرفة متى ستقوم بخذلان أصدقائها و حلفائها. وفي الفضيحة التجسسية التي انكشفت الأسبوع الماضي من تنصت المخابرات الأمريكية على ملايين المواطنين الفرنسيين والألمان حتى المستشارة الألمانية أنجيلا ميريكل لم تسلم من التجسس على مكالماتها و تواصلها الإلكتروني ، و لا تزال تداعيات فضيحة الجاسوسية الأمريكية على أقوى وأهم حلفائها الأوربيين في تفاقم. المسائل المعقدة التي دفعت المملكة إلى اتخاذ هذا الموقف المتبرم ، أو لنقل الاحتجاجي كثيرة منها موقف إدارة باراك أوباما من التمرد الشيعي بالبحرين ، التقارب مع و تقاسم الأدوار الإقليمية مع إيران ، المواقف المتقلبة من نظام البعث العلوي بسوريا ومن شخص الرئيس السوري بشار الأسد الذي تلطخت يداه بدماء ما يزيد عن 100 ألف مسلم غالبيتهم من أهل السنة بالشام والآن يتحدث الأمريكيون عن إعادة تأهيله و ما ذاك إلا لأنه من وجهة النظر الإسرائيلية يظل الأسد هو الخيار الأفضل مقارنة بالبديل الإسلامي المهيمن على كثير من البقاع السورية ، بينما ترزح القضية الفلسطينية للإجرام الاستيطاني الإسرائيلي المتغول على أراضي فلسطين و مياهها و هويتها العربية الإسلامية و ما قد يتسبب فيه ذلك من تقارب فلسطيني إيراني ، ناهيك عن استمرار التغاضي عن السلاح النووي الإسرائيلي بالمنطقة. أمريكا في علاقاتها المتدنية مع السعودية قد تخسر أكثر مما يتوقع الكثيرون ، فدول نفطية مثلاً تبيع نفطها حالياً بعملات غير الدولار ، والصين وهي أكبر دولة دائنة للولايات المتحدة تريد أن تعتمد عملتها في صفقاتها البترولية ، و لو أن المملكة اتخذت مساراً مماثلاً باعتبار أن الدولار لا يزال في انحدار متواصل بسبب المديونية العالمية الكبرى للولايات المتحدة لاستيقظ العالم على واقع مالي عالمي جديد لا يوجد فيه ما يسمى بالبترودولار. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :