غيب الموت، أمس الاثنين، رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع، عن 79 عاماً، وذلك بعدما نهض بدور محوري في تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن الحكم، وضبط إيقاع مرحلة ما بعد استقالة الرئيس السابق العليل، وحراسة دستور البلاد، وضمان الانتقال السلمي للسلطة، ومنع انفلات الأوضاع، وأعلنت الرئاسة الجزائرية الحداد ثلاثة أيام، وسبعة أيام في المؤسسة العسكرية، وعين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اللواء سعيد شنقريحة رئيساً لأركان الجيش بالنيابة، خلفاً للراحل العسكري الكبير. فقد أعلن التلفزيون الجزائري الرسمي، أمس الاثنين، وفاة رئيس أركان الجيش النافذ الفريق أحمد قايد صالح أحد أعمدة السلطة في الجزائر منذ 1962، عن 79 عاماً، نتيجة إصابته بسكتة قلبية. وتلت مذيعة في التلفزيون الرسمي بياناً لرئاسة الجمهورية، جاء فيه إن «نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش توفي صباح الاثنين بسكتة قلبية». وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، بأن الرئيس تبون قرر إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام، ولمدة سبعة أيام بالنسبة لمؤسسة الجيش. ونقلت الوكالة عن بيان للرئاسة أنه «على إثر وفاة المجاهد الفريق أحمد قايد صالح، قرر رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة عبدالمجيد تبون، إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام» كما أعلنت الرئاسة الجزائرية، أن الرئيس تبون عين اللواء سعيد شنقريحة رئيساً لأركان الجيش بالإنابة، بعد وفاة قايد صالح. وشغل شنقريحة منصب قائد الناحية العسكرية الثالثة التي تشرف على المنطقة الجنوبية الغربية للجزائر، ثم عينه قايد صالح في سبتمبر/أيلول من العام الماضي قائداً للقوات البرية في إطار تغييرات عديدة عرفتها قيادة الجيش الجزائري آنذاك. وتحدث جزائريون في الشارع إلى التلفزيون الرسمي، وأعربوا عن حزنهم لرحيل قايد صالح، وأشادوا بدوره الكبير في الحفاظ على سلمية الحراك الجزائري، وأكدوا أن الحراك رغم مطالبتهم الواضحة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي، فإنهم يحتفظون بالاحترام والتقدير لرئيس الأركان الراحل. وبعد وقت قصير من تفجر الاحتجاجات في بداية هذا العام، ألقى قايد صالح خطاباً عبر التلفزيون دعا فيه الرئيس بوتفليقة إلى الاستقالة، مما دفع الزعيم المخضرم المريض إلى التخلي بسرعة عن السلطة. وألقى الجيش بثقله وراء سلسلة من الاعتقالات لحلفاء بوتفليقة وكبار رجال الأعمال في حملة لمكافحة الفساد، استجابة لمطالب الحراك الشعبي. ورفض قايد صالح بمساندة الجيش الذهاب إلى فترة انتقالية بعد استقالة بوتفليقة، وأصر على إمضاء المهل التي ينص عليها الدستور عقب شغور المنصب الرئاسي، وأصر على المضي قدماً في إجراءات ملء الفراغ في رأس السلطة بما ينص عليه النظام الأساسي للحكم، خاصة أن الدستور الجزائري يعتبر الجيش الشعبي الوطني حارساً للدستور. وترك الجيش الذي كان يراقب الأوضاع، مهمة الحوار الوطني مع القوى السياسية للرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، وتشكيل لجنة عليا مستقلة للانتخابات الرئاسية، وهي التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول الحالي، وخاض المنافسة فيها ستة مرشحين، وذهب المنصب إلى الرئيس المنتخب بأغلبية الأصوات من الجولة الأولى عبدالمجيد تبون. ويجمع المراقبون على أن قايد صالح كان الرجل القوي في الدولة منذ استقالة بوتفليقة في إبريل/نيسان تحت ضغط التظاهرات، وحكم البلاد فعلياً حتى انتخاب تبون رئيساً في 12 ديسمبر. وبرز الدور المهيمن للجيش الأسبوع الماضي خلال حفل تنصيب تبون، حيث عانق قايد صالح ومنحه وسام الاستحقاق بعد أن أدى اليمين مباشرة. من جهة أخرى أعلن الرئيس الجزائري، إنشاء دائرة وزارية خاصة بالاقتصاد الرقمي والمؤسسات الناشئة، مشدداً على ضرورة البحث عن أسواق خارجية خاصة في دول الجوار. وتعهد تبون، خلال افتتاحه الطبعة ال28 لمعرض الإنتاج الجزائري بقصر المعارض في العاصمة الجزائرية، بتمكين الكفاءات الشابة من تسيير هذه المؤسسات. وأعلن تبون، عن إنشاء بنك خاص بالشباب، وتعهد ليس فقط بدعمهم، وإنما بتجسيد برامجهم، مضيفاً بالقول «نجاحكم هو نجاحنا وخسارتكم هي خسارتنا». كما نبه إلى أهمية اتباع استراتيجية لتشجيع المنتج الجزائري، داعياً إلى البحث عن أسواق خارجية خاصة في دول الجوار ودول الساحل. وأمر تبون، بالعمل على تقليص فاتورة الاستيراد، مشيراً إلى أهمية تغيير الصويا والذرة بمواد منتجة محلياً مثل الشعير، وضرورة إنشاء مزارع كبيرة لتقليص فاتورة استيراد الحليب. وشدد على ضرورة تسريع إنجاز المشاريع السكنية مع تحسين نوعية الأشغال، كما طالب شركة الخطوط الجوية الجزائرية بتعزيز رحلاتها الداخلية، وفتح كل المطارات الموجودة في البلاد. وطالب مقاولي القطاع الخاص باقتحام مجال الصناعات الميكانيكية، مثنياً على المستويات التي بلغتها الصناعة العسكرية الميكانيكية. وشدد الرئيس الجزائري على ضرورة تطبيق تعليماته في ظرف ثلاثة أشهر. إلى جانب ذلك، أمر القضاء الجزائري بالإفراج عن الممثل التلفزيوني، عبدالقادر جريو، بعدما جرى اعتقاله يوم الجمعة الماضي ببلدة تليلات بولاية وهران غربي الجزائر. ومثل جريو، بطل مسلسل «أولاد الحلال» الذي لقي رواجاً كبيراً في رمضان الماضي، أمس أمام محكمة وادي تليلات، حيث أمر قاضي الجلسة بإطلاق سراحه. وكانت قوة من جهاز الدرك الوطني الذي يتبع وزارة الدفاع، اعتقلت جريو الجمعة على خلفية مشاركته في التظاهرة الأسبوعية للحراك الشعبي الذي يطالب بالتغيير الجذري في الجزائر. (وكالات)
مشاركة :