استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب هدوء التعاملات مع بدء عطلة الميلاد والعام الجديد في أوروبا والولايات المتحدة وأغلب دول العالم، بينما تماسكت الأسعار عند أعلى مستوى في ثلاثة أشهر جراء التفاؤل بتوقيع قريب لاتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والصين بما يعزز توقعات النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط الخام. وتتلقى الأسعار دعما قويا آخر من استعداد المنتجين في "أوبك" وخارجها خلال أيام لبدء مستوى أعمق من تخفيضات الإنتاج بنحو 2.1 مليون برميل يوميا للتغلب على وفرة المعروض المتوقعة في الربع الأول من العام الجديد، بينما ذكرت روسيا أن المنتجين في اجتماعهم المبكر في آذار (مارس) المقبل سيعيدون تقييم وضع السوق قبل انتهاء الربع الأول مع احتمال اللجوء إلى تخفيف تخفيضات الإنتاج مرة أخرى، وهو ما قاد إلى المساهمة في تراجع الأسعار. وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، "إن انخفاض الأسعار جاء طفيفا وسرعان ما استقرت أسعار النفط الخام عند مستويات جيدة هي الأعلى في ثلاثة أشهر كما حققت أسعار النفط ثالث مكسب أسبوعي على التوالي". وأشاروا إلى أن انتعاش الأسعار كان له مردود سريع على الإنتاج الأمريكي حيث عزز منتجو النفط الصخري عمليات وأنشطة الحفر مرة أخرى بعد فترة سابقة من التباطؤ. وأوضح روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، أن توقعات حدوث زيادات واسعة في المعروض النفطي العالمي خلال الربع الأول تضغط على الأسعار وتحول دون استمرارية المكاسب، خاصة إذا أخذ في الحسبان توقعات بعض البنوك والمؤسسات المالية أن الفائض في المعروض في الربع الأول قد يفوق حجم التخفيضات الإنتاجية بعد تعميقها بنحو 200 ألف برميل يوميا. وأكد أن زيادة أنشطة الحفر في الأسبوع الماضي تأتي في ضوء توقعات بانتعاش الأسعار وزيادة جاذبيتها لزيادة الاستثمار خاصة في قطاع النفط الصخري الأمريكي. وأشار إلى أحدث بيانات شركة بيكر هيوز عن الأسبوع الماضي كشفت عن زيادة عمليات الحفر بأكبر قدر خلال عامين وهو ما يعزز من توقعات وفرة العرض ويؤكد أهمية صفقة "أوبك+" الأخيرة التى تستهدف السيطرة على تخمة المعروض من خلال ضوابط صارمة لخفض الإنتاج. من جانبها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، "إن أجواء إيجابية متفائلة تم بثها في سوق النفط مع تسجيل تقدم إيجابي للغاية في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين"، عادّة التوقيع الوشيك على صفقة جزئية تحد من مخاطر نزاعات التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم ستكون له انعكاسات واسعة وإيجابية للغاية على النمو العالمي وعلى مستويات الطلب على النفط . وذكرت أنه منذ توصل المنتجون في "أوبك" وخارجها في أوائل ديسمبر الجاري إلى صفقة تعميق التخفيضات الإنتاجية الحالية بأكثر من 500 ألف برميل يوميا من 23 دولة منتجة و400 ألف برميل طوعية من السعودية وحدها، زادت صناديق التحوط من الرهانات الصعودية للأسعار في الأسبوع الأخير لتسجل أعلى مستوى في أكثر من سبعة أشهر وهو ما يعكس الثقة بانحسار المخاوف من ركود الاقصاد العالمي علاوة على استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام. من ناحيته، أوضح ألكسندر بوجل المحلل في شركة "جي سي بي إنرجي" الدولية، أن وفرة الإمدادات المتوقعة في العام الجديد 2020 تقودها -من دون شك- دول من خارج تحالف "أوبك+"، مشيرا إلى أن الوفرة المتوقعة يرى البعض أنها ستكون قاصرة على الربع الأول بينما يرى البعض الأخير أنها قد تمتد إلى النصف الأول أو العام بأكمله. ولفت إلى أن روسيا على قناعة بقدرة المنتجين على احتواء الوفرة في الربع الأول والعودة إلى تخفيف قيود خفض الإنتاج في اجتماع مارس المقبل. وذكر أن عقد اجتماع قريب للمنتجين قبل نهاية الربع الأول يأتي في إطار تكثيف جهود تتبع تغيرات السوق وتقييم الامتثال لخطة خفض الإنتاج في ضوء الشكوك المحيطة بأداء بعض المنتجين وبهدف متابعة متغيرات السوق التي باتت سريعة التطور. وأشار إلى أن زيادة منصات التنقيب عن النفط العاملة في الولايات المتحدة بنسبة 18 في المائة في الأسبوع الماضي إلى 685 يؤكد أن الإنتاج الأمريكي هو الأسرع في الاستجابة لتحركات الأسعار صعودا وهبوطا. بدوره، ذكر بيتر باخر المحلل ومختص الشؤون القانونية للطاقة، أن قضايا المناخ صارت العنصر الأكثر ضغطا على منتجي الطاقة الكربونية خاصة النفط الخام، مشيرا إلى إعلان "أوبك" المستمر عن الالتزام الكامل باتفاق باريس لمكافحة تغير المناخ وتعضيد كل الجهود الخاصة بالكفاءة والابتكار لتقليل الانبعاثات وفي الوقت نفسه تلبية احتياجات المستهلكين خاصة في الدول النامية. ولفت إلى أن المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة يرون أن صناعة الطاقة يمكن أن تلعب دورا رئيسا في الحد من آثار تغير المناخ، مبينا أن شركات الطاقة تسعى بالفعل إلى إجراء تغييرات إيجابية قابلة للقياس في انبعاثات غازات الدفيئة داخل الصناعة للمساعدة على الحد من تغير المناخ ورفع كفاءة الإنتاج والحد من البصمة البيئية. وأشار إلى أن ضغوط المناخ لن تحول دون بقاء النفط الخام في صدارة مزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة بالتوازي مع النمو في موارد الطاقة المتجددة. وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط اليوم، بعد أن قالت روسيا "إن "أوبك" وحلفاءها قد يبحثون تخفيف القيود المفروضة على إنتاج النفط العام المقبل، لكن الأسعار تماسكت قرب أعلى مستوى في ثلاثة أشهر وسط آمال بأن الولايات المتحدة والصين ستبرمان اتفاق تجارة قريبا". وانخفض خام برنت 19 سنتا بما يعادل 0.29 في المائة إلى 65.95 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:10 بتوقيت جرينتش وسط تعاملات محدودة قبل عطلة الميلاد. وهبط خام غرب تكساس الوسيط 29 سنتا أو 0.48 في المائة إلى 60.15 دولار للبرميل. وقررت "أوبك" وحلفاؤها، ومن بينهم روسيا، هذا الشهر الإبقاء على القيود المفروضة على إنتاج النفط وتعميق خفض المعروض في الربع الأول من 2020. لكن ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي قال اليوم "إن "أوبك" وحلفاءها من الدول الرئيسية الأخرى المنتجة للنفط قد يبحثون تخفيف القيود المفروضة على إنتاج الخام في اجتماع يعقد في آذار (مارس) المقبل. أدى تراجع حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى تحسن الثقة بقطاع الأعمال وعزز توقعات النمو الاقتصادي والطلب على الخام. وقال ستيفن إينس، كبير محللي السوق الآسيوية في أكسي تريدر، "ستواصل أسعار النفط الاستفادة من التطورات الإيجابية للتجارة بين الولايات المتحدة والصين". وقد تتوقع شركات الحفر الأمريكية صعود الأسعار أيضا، إذ سجلت في الأسبوع الماضي أكبر زيادة في عدد الحفارات في أسبوع منذ شباط (فبراير) 2018. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي "إن شركات الحفر النفطي أضافت 18 حفارا على مدار الأسبوع المنتهي في الـ20 من كانون الأول (ديسمبر) الجاري، ليصل إجمالي عدد الحفارات قيد التشغيل إلى 685 وهو الأكبر منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي".
مشاركة :