دعا الخبير الاقتصادي هشام قنديل دول أوبك أنه يجب أن تجلس على مائدة التفاوض في عام 2020 حتى يظل سعر النفط مستقرًا عند المستوى الحالي، موضحًا أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لم تكن ساخنة كما يخشى الجميع، بل سوف تبقى العلاقات الاقتصادية على نفس المستوى الذي كانت عليه.وقال قنديل في دراسة له: إذا كانت القوى العالمية قد تغلبت على الأزمة الاقتصادية السابقة، فإن النموذج الحالي للأزمة قد يمثل اختلالا في أكبر الاقتصادات، وقد يؤدي إلى توتر في العلاقات التجارية والتكنولوجية، على سبيل المثال يشكل فرض قيود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على التجارة مع شركات التكنولوجيا الصينية، ووضع اليابان وكوريا إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بالصادرات واتخاذ احتياطات ضد مخاطر "البريكزيت القاسي" تشير بوضوح إلى انخفاض فرص تحقيق أي نتائج إيجابية في 2020.وأشار إلى أنه وفي عام 2019، أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية، القاطرة التقليدية للاقتصاد العالمي، أكبر نمو لمؤشراتها الاقتصادية في 30 عاما، حيث حققت أكثر من 25% سنويًا، ولكن إذا ما قارنا المؤشرات الاقتصادية الأساسية لأكبر الشركات، فسوف نرى أن فترات النمو السابقة في الولايات المتحدة كانت مصحوبة بتغيرات نوعية في مؤشرات مثل نمو الدخل والأرباح وتوسيع السوق، يبدو الوضع الآن معاكسا تماما، بينما توقفت أرباح أضخم الشركات.وتابع: أن الاقتصادات المتقدمة سوف تتباطأ إلى 1.7% في عام 2020، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، بينما يتوقع أن يرتفع معدل نمو الاقتصادات والأسواق الناشئة إلى 4.6%، ويرتبط نحو نصف هذه الدينامية بانتعاش النمو أو ركود أقل حدة في دول الأسواق الناشئة، التي عانت من أزمات مثل الأرجنتين وإيران، وترتبط البقية باستعادة النمو في البلدان التي انخفض فيها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير عام 2019، مثل البرازيل والمكسيك والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني أن النمو الاقتصادي المتوقع لا يمكن إلا أن يسمى انتعاشًا بعد هبوط الأسواق المالية في الفترات السابقة.ويرى الخبير الاقتصادي، أن هناك تخوفات من وقوع أزمة مالية واقتصادية العالمية تبدأ عام 2020، موضحًا أن ما يحدد ذلك عدد من العوامل، منها أن الأزمة السابقة وقعت بين عامي 2008-2009، وقد مر 11 عامًا، وهي المدة المتوسطة لدورة الاقتصاد، بين الهزات الاقتصادية العالمية.وقال هشام قنديل في دراسة له: من ملامح الأزمة أنه قد تعززت الاتجاهات الحمائية حول العالم في التجارة المتبادلة بين اللاعبين التجاريين الرئيسيين في العالم، حيث تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكذلك الحصار الذي تفرضه منظمة التجارة العالمية، العقوبات الموقعة على أكبر الشركات العالمية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية (مجموعة بوينج مثلا)، العقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي، دول كومونولث التاج البريطاني، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا على روسيا، إلى جانب ذلك يستمر الحظر، والقيود الجمركية، المحاصصة.وأشار إلى أنه في الوقت نفسه تباطأت وتيرة الاقتصاد العالمي، وهو ما تؤكده بيانات البنك الدولي، ففي عام 2017، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.16%، وفي عام 2018 بلغ 3.04%، وأما في عام 2019 فمن المتوقع أن يكون أقل من 3%.وبين أن ديون الشركات في جميع أنحاء العالم تنمو وتقترب من مستوى 19 تريليون دولار، بينما تقترب ديون الحكومات إلى 80 تريليون دولار، وهو ما يمثل نحو 115% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي أن الإنتاج العالمي لن يوفر إجمالي الدين الخارجي للبلدان.. على سبيل المثال تبلغ احتياطيات الذهب في جميع دول العالم 34.5 ألف طن نهاية عام 2019.وأوضح، أن البيانات تشير أن العائد على السندات الأمريكية قصيرة الأجل تجاوز العائد على السندات طويلة الأجل، وهو عادة ما يكون إشارة على ركود مستقبلي، كما ويكفي لاندلاع الأزمة إعلان عن توقف الشراكة بين شركاء دوليين، أو توقف صندوق استثماري عن متابعة استثماراته الخارجية، لنكون بصدد ركود يمكن مقارنته بسنوات 2008-2009، أو حتى بالركود العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي.وأكد الخبير الاقتصادي هشام قنديل، أن الوضع الاقتصادي العالمي الجديد في 2020 سوف تحدده الانتخابات الأمريكية وبريكست الذي سيفاقم من زعزعة استقرار أوروبا، فإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سوف تعمق الحروب التجارية، وتدمر الأحلاف التجارية الموجودة الآن، وهو ما سيؤثر سلبًا ليس فقط على اقتصاد الولايات المتحدة، وإنما على الاقتصاديات الرائدة في العالم ككل، حيث ستتأثر الصين وأقرب جيرانها في محيط منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما سوف يسهم عدم الاستقرار في الغرب والسياسة الأمريكية التي لا يمكن التنبؤ بها في تقويض النمو الاقتصادي الأوروبي.وأضاف قنديل في دراسة له: أن العوامل التي يمكن تضعف الاقتصاد العالمي معروفة منذ زمن بعيد، وهي في المقام الأول الحروب التجارية، وارتفاع مخاطر الائتمان حول العالم، على الرغم من ذلك، فمع الأسف لا يمكن تحديد وقت محدد لاندلاع أزمة اقتصادية جديدة، أو بتعبير أقل حدة "ركود جديد"، بدقة عالية.وقال: هناك العديد من العوامل التي تؤثر على ذلك، بما في ذلك قرارات بعض السياسيين، ومع ذلك يمكننا أن نقرر بثقة أن دورة النمو الحالية للاقتصاد العالمي تقترب من نهايتها، وهو ما يزيد بشكل كبير من احتمال حدوث أزمة، أو تباطؤ حاد في الاقتصاد عام 2020.وأوضح بأنه عادة إذا ما ارتفع معدل نمو الاقتصاد في بلد ما، زاد هبوط نمو الاقتصاد، إذا ما تغيرت ديناميات الاقتصاد العالمي من النمو إلى الركود، ومن وجهة النظر هذه، فإن أسوأ وضع في الاقتصادات العالمية سوف يكون من نصيب جنوب شرق آسيا، بينما سيكون الوضع أفضل في الدول المتقدمة، ولكن بسبب عولمة الاقتصاد العالمي، فإن الجميع سوف يتأثر بدرجة ما.وأكد الخبير الاقتصادي، أنه وبالرغم من الاتجاه العام على مدى العشر سنوات القادمة هو بداية التباطؤ في الطلب على النفط لأول مرة في تاريخه الممتد عبر 150 عامًا، إلا أن التنبؤات هنا تبدو إيجابية على الأرجح بالنسبة لعام 2020.وأوضح الخبير الاقتصادي هشام قنديل: لقد ظلت أسعار النفط لعام 2019 مستقرة نسبيا، حيث تقلب سعر البرميل الواحد من خام برنت حول مستوى 60 دولارًا، وفي عام 2020 من المتوقع أن يستمر تأثير العوامل الرئيسية التي حددت موازين العرض والطلب في سوق النفط العالمية لعام 2019، وهي معدلات نمو الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية والاتفاق بموجب اتفاق "أوبك +".وأشار قنديل في دراسة إلى أن أكبر اللاعبين يستعدون لتصحيح الأسعار في الأسواق، لكن أحدًا لا يتوقع انخفاضًا كبيرًا في أسعار النفط، لذلك وعلى سبيل المثال، فقد تم تصميم ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2020، استنادًا لتقدير سعر النفط 60 دولارًا لبرميل خام برنت، وعلى الرغم من أن خبراء النفط في وكالة معلومات الطاقة الأمريكية يتوقعون انخفاضًا في أسعار النفط أوائل العام 2020، إلا أن متوسط القيمة السنوية لسعر برميل النفط خام برنت سيظل عند مستوى 60.5 دولار، أنه من المرجح أن تبدأ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية عام 2020.
مشاركة :