شعراء وكتّاب يقدمون شهادات عن الشاعر أمجد ناصر في حفل تأبين بعمّان

  • 12/26/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أقامت وزارة الثقافة الأردنية، مؤخرا، حفل تأبين للشاعر والروائي الراحل أمجد ناصر في المركز الثقافي الملكي بعمّان، رعاه وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي، وشارك فيه الشاعر نوري الجراح، والناقد فخري صالح، ومدير مركز القدس للدراسات الكاتب عريب الرتناوي، والشاعر زهير أبوشايب، والشاعرة زليخة أبوريشة، ورئيس رابطة الكتّاب الأردنيين الشاعر سعدالدين شاهين. وحضر حفل التأبين جمع غفير من الأدباء والكتّاب، وذوو الراحل وأصدقاؤه ومحبّوه. وقال راعي الحفل وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي في كلمته “نجتمع في هذا الحفل الرمزي لنستذكر ونكرّم قامة أردنية عالية؛ أبدع في الثقافة والأدب والصحافة والحياة أيضا، فقد رحل أمجد ناصر على عجل، رحل مثل غيره من المبدعين الكبار الذين توقفوا عن النبض في منتصف الدرب، وآثروا أن يتركوا إبداعهم وما سطروه من بوح وفرح، وشجن واغتراب في كل مكان حولنا، نقف اليوم استذكارا لأمجد ناصر (يحيى النميري النعيمات)، هذا الشاعر الذي غادر الوطن الأردني أول مرة مبكرا فكانت مواعيده مع الغربة والرحيل والمحطات البعيدة مبكرة، كما كانت مواعيده مع الإبداع والتفرد والتجديد مبكرة أيضا، وكان نزوعه القومي للمقاومة والاشتباك مع الرغبة في التغيير أصيلا ومبكرا، كما هو رحيله المبكر“. وأكد الطويسي أن أمجد ناصر “كان مغايرا ومختلفا في مسيرته الإبداعية التي تكللت بالابتكار والتجديد في قصيدة النثر على مستوى الشكل والمضمون، فاجترح البناء الدرامي والمشهدية، والعودة إلى أماكن الطفولة على حافة الصحراء، حيث الإبل البيضاء وأمطار تشرين والجدات العتيقات”. وأشار الطويسي إلى أن وزارة الثقافة عملت على إصدار مجموعة من أعماله الشعرية، وهذا العام نال قبل وفاته -عن جدارة واستحقاق- جائزة الدولة التقديرية، كما أعادت الوزارة هذا العام طباعة ديوانيه “حياة كسرد متقطع” و”حياة متوسطية.. وعندما تكون في بلاد ماركيز”، وتم اختياره الشخصية الثقافية لمعرض عمان الدولي للكتاب في دورته الأخيرة لعام 2019، حيث أُقيمت على هامش المعرض ندوة نقدية مهمة تناولت مجمل أعماله النثرية والشعرية. وألقى الشاعر نوري الجراح، رفيق درب أمجد ناصر، كلمة حميمة ابتدأها قائلا “الشعراء لا يموتون، الشعراء زوار يأتون من المستقبل، وعندما نتفقدهم ولا نجدهم بيننا نكتشف أنهم قفلوا عائدين من حيث أتوا. كنت أريد أن أقول هذا لأمجد، وأنا أكشف الغطاء عن وجهه، لكنه كان نائما، ونومه منشغل بأنوار تتلألأ في بهو قصيدته”. واستذكر الجراح علاقته بالراحل قائلا “منذ أن خرجنا أحياء من حصار بيروت صيف 1982، وقد كنا لاجئين عربيين يقطنان خيمة فلسطينية، وحتى لحظةِ العناق الأخيرة تلك في أوسترلي، كل ما بقي لنا هو ضوء الأمنية التي رافقت صداقتنا المترعة بالأسى والفرح والأمنيات، بالغضب والرضى، بالحب والفقد، بالحروب التي التهمت الأصدقاء والأعداء، وبالثورة على كل ما بدا ليفاعتنا باطلا. صرفنا الوقت ننتصر للشعر بوصفه الحرية، وللإنسان بوصفه القصيدة، وصرفناه بالشغف -أولا وأخيرا- بالكلمات، الكلمات، الكلمات؛ سلاحِ الشاعر في العالم. أمجد كان رفيق تلك الرحلة من بيروت إلى نيقوسيا إلى لندن، وصداقتنا في أطوارها المختلفة كانت صداقة المغامرة في اللغة والمنفى الاختياري، وقد اقتسمنا معا، صحبة شعراء آخرين، رغيف الخبز وساحة المعركة. وختم الجراح كلمته قائلا “كانت فكرتنا الفلسطينية الوتدَ الذي رفع خيمة القصيدة وخيمة المنفى للهاربين من مدن الاستبداد العربي. وكنا في تلك الخيمة شقائق نعمان الشام بأعمار قصيرة وأبصار تطارد الأنجم”. وجائت كلمة الناقد فخري صالح بعنوان “أمجد ناصر: يليق به المديح” قال فيها “لا أريد أن أرثيه، فالرثاء لا يليق بالصديق الراحل أمجد ناصر (يحيى النعيمي)، يليق به المديح لخصاله العديدة، للصداقة التي ربطت بيننا، وستبقى، رغم رحيله، ميراثا يتغلَّب على النسيان، ويمكننا، نحن أصدقاءَه وقراءَه وعارفي منجزه الحي الباقي، من التعرُّف عليه أكثر في ضوء الغياب الساطع الذي يجعل الأشياء واضحة، كما لم تكن من قبل، وينبِّهنا إلى تميُّز ما أنجزه أمجد وعلوِّ كعبه في الشعر والنثر، كما في الموقف الإنساني والثبات على هذا الموقف الذي يؤمن بالناسِ وسعيِهم الدائب إلى النضال من أجل حريتهم وكرامتهم الإنسانية. وأضاف الناقد صالح “لقد زاوج أمجد بين هذا الموقف الإنساني وتجديد دم الثقافة العربية، وتطوير الحداثة الشعرية. وهو رغم مشوار العمر القصير الذي خطاه على هذه الأرض، ترك ميراثا من الشعر والنثر، من القصائد والروايات وكتب الرحلة، من المقالات السجاليَّة التي جعلته واحدا من بين أفضل كتاب المقالة العرب الذين تنوس كتابتهم بين السياسة والثقافة”. وتحدث مدير مركز القدس للدراسات عريب الرتناوي عن علاقته بالراحل مشيرا إلى أنه لم ينتظر يوما، ولم يخطر له على بال أن يقفَ هذا الموقف، فلطالما ظنُ أن أمجدَ باق في حياته وعوالمه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. وقال الرنتاوي “حين رأيته يُوارى الثرى في موطن الأهل والأجداد، أحسست أن جزءا مني ينسلّ إلى تلك الحفرةِ الضيقة.. ذهب أمجد وذهبت معه انتظارات كثيرة ومواعيد لم نضربها، لنواصل ما اعتدنا على فعله، جلسات تصل الليل بالنهار، يختلط فيها الهزل بالجد، والرأي بالنميمة التي تواطأنا على وصفها بـ”المنعشة”. حين التقيْتُه لأول مرة، والبداية كانت من مقهى الأردنِ بوسطِ البلد، وكان ذلك في منتصف سبعينات القرنِ الماضي، جمعتنا حينها الرغبة الجامحة بالتمرد على الأسرة والعشيرة والمجتمع والسلطة. وعن تجربة ناصر السياسية، كشف الرنتاوي أنه لم يكن شغوفا بـ”السياسة اليومية” بقدر ما كان معنيا بالسياسة بما هي قيم عليا ومثل سامية ومبادئ لا تعرف التجزئة والقسمة. وقدم الشاعران سعدالدين شاهين، وزليخة أبوريشه، شهادتين في تجربة أمجد ناصر ألقيا من خلالهما الضوء على قدرته في تكوين الأصدقاء، وخلق العلاقات الإنسانية الحميمة مع الشعراء العرب وفي العالم. وتناول الشاعران قصيدة أمجد ناصر وتأثيرها في المشهد الشعري العربي، وقدرته على التجريب والتطوير في سياقات الحداثة وما بعدها، مؤكدين أن ناصر زاوج بين الموقف الإنساني وتجديد دم الثقافة العربية وتطوير الحداثة الشعرية. وختم الشاعر زهير أبوشايب حفل التأبين بقراءة قصائد مختارة من شعر الراحل أمجد ناصر.

مشاركة :