محاربة السمنة تبدأ برفع حسّ المستهلك بالسعرات الحرارية

  • 12/26/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يطالب خبراء الصحة والتغذية مصنعي المواد الغذائية بوضع معلومات دقيقة تهم محتوى المنتج الغذائي المعروض في السوق مثل تلك التي تحدد المواد والنوعية والكم ونسبة السعرات الحرارية لكي يعرف المستهلك قيمة الغذاء الذي ينوي استهلاكه ويقدر ولو نسبيا تأثيراته على جسمه وهل يناسب وضعه الصحي أم لا. ويطرح خبراء التغذية على المستهلك أسئلة من قبيل: هل ستتخلى عن كيس رقائق البطاطس المقلية الذي فتحته لتوك إذا أخبرتك أنه يحتوي على 170 سعرة حرارية؟ ماذا لو قلت لك إنك ستحتاج إلى الركض لمدة 16 دقيقة لتحرق السعرات الحرارية التي ستستهلكها إذا تناولت هذه الرقائق؟ ويتسبب الاستهلاك العشوائي لمواد غذائية لا يعرف المستهلك مكوناتها وعدد السعرات الحرارية التي تضمها في تجاوز القدر المناسب من هذه السعرات للجسم حيث تتراكم تدريجيا وتكون الشحوم وتسبب زيادة الوزن. وتُعرّف منظمة الصحة العالمية السمنة بأنّها تراكم الدهون المفرط بنسق يؤدي إلى الإصابة بالأمراض المزمنة مثل مشاكل القلب والأوعية الدموية والسكري والاضطرابات العضلية الهيكلية وحتى السرطان. لذلك، طالب خبراء الصحة بوضع علامات أوضح على المواد الغذائية لتمكين المستهلكين من اتخاذ خيارات أفضل لسنوات. وتتطلب اللوائح الحديثة في الولايات المتحدة، أن يكتب المصنّعون عدد السعرات الحرارية على العبوات بخط أكبر. وتضاف علامات حمراء وصفراء وخضراء لتشير إلى مدى صحية بعض الأطعمة في المملكة المتحدة، لكن مع ارتفاع معدلات السمنة باستمرار، يبحث المختصون في ما إذا كانت هناك أساليب أكثر فاعلية للحد من هذه المشكلة. اقترح بعض الخبراء إدماج المدة التي يجب أن يستغرقها المستهلك أو مقدار النشاط البدني اللازم لحرق السعرات الحرارية الموجودة في كل وجبة. على سبيل المثال، يمكن أن يكتب المصنّعون على عبوة الشوكولاتة أنها تحتوي على 230 سعرة حرارية قبل أن يذكروا أن حرقها يتوجب المشي لمدة 42 دقيقة أو الركض لمدة 22 دقيقة. ورغم ذكر نسبة السعرات الحرارية الموجودة على كل وجبة، يشعر الخبراء بأن الكشف عن هذه المعلومات لا يعني الكثير إذا كان المستهلكون لا يعرفون مقدار ما يجب أن يتناولوه في جميع الأحوال. وقد لا يفهم المستهلك مع نظام العلامات الملونة على عبوات الطعام، السبب الذي يجعل الإشارة حمراء، حيث لا تذكر ما إذا كان الخطر يكمن في الدهون أو في السكر أو في أي مكوّن آخر. وتقول أستاذة العلاج السلوكي في جامعة لوفبرا في المملكة المتحدة، أماندا دالي، إنها لا تجد قلة اهتمام المستهلكين بالعلامات المطبوعة على أغذيتهم أمرا مفاجئا. لكنها تعتقد بأن إدماج المدة التي يجب أن يستغرقها المستهلك لحرق السعرات الحرارية الموجودة في كل وجبة سيكون فعالا أكثر. وحثّت على منح الفرصة للمستهلكين حتى وإن كان البعض يعتقدون أنهم سيواصلون تجاهل هذه الإضافات. وتابعت “دعنا نمنحهم فرصة ليصبحوا قادرين على الفهم بسهولة أكبر على الأقل”. ولا يجد الجميع الفكرة مقنعة. ويرى الخبير في مشاكل السمنة في جامعة أوتاوا، يوني فريدهوف، أن الأمر قادر على تعزيز حدة المواقف السلبية المرتبطة بالتمارين بغض النظر عما إذا كان سينجح في جعل الناس يأكلون أقل وأوضح “لا أرى في فكرة التمرين كعقاب على الأكل طريقة جيدة لتعزيز الرغبة في ممارسة الرياضة أو اتباع نهج أكثر صحيا في ما يتعلق بتناول الطعام”. بدلا من البحث عن علامة لإقناع المستهلكين بالتوقف عن تناول الأطعمة غير الصحية، صرح فريدهوف بأنه يفضّل الترويج لضرورة خلق بيئات يكون اتخاذ خيارات جيدة فيها أسهل بالنسبة إلى الأشخاص العاديين. في الوقت الحالي، لا نعلم الكيفية التي سيؤثر بها ذكر حدة التمارين الرياضية المطلوبة لحرق السعرات الغذائية المستهلكة على خيارات المتسوّقين العاديين في العالم الحقيقي. ففي الأسبوع الماضي، نشرت المجلة الطبية البريطانية تحليلا شاركت دالي في تأليفه. وهدف التقرير إلى مراجعة الأبحاث الموجودة حتى الآن، والتي تعتبر محدودة في حد ذاتها. واعتبر تحليل المجلة الطبية البريطانية أن الطريقة المقترحة ستكون قادرة على التأثير في المستهلكين العاديين بطريقة تدفعهم إلى اختيار عناصر غذائية ذات سعرات حرارية أقل. وقال المؤلفون إن الإضافة تبقى أفضل من عدم وضع علامات على الإطلاق. لكن الأدلة كانت أقل وضوحا عند مقارنة تأثيرات وضع علامات تدل على مدة التمارين الرياضية المطلوبة لحرق السعرات الحرارية المحتملة مع تلك المترتبة على بدائل أخرى مثل ذكر عدد السعرات الحرارية الموجودة فقط. ويبدو هذا المفهوم حادا بطريقة لا تمكّنه من التحول إلى لائحة معتمدة على أرض الواقع. لكن، يشير خبير الصحة العامة بجامعة نيويورك، براين إلبيل، الذي يدرس حسابات السعرات الحرارية المذكورة على قوائم الوجبات في المطاعم، إلى أن بعض التدابير الأخرى كانت تبدو بعيدة المنال في يوم من الأيام. وذكر مثال ضرائب الصودا التي تعدّ معركة مستقلة في حد ذاتها. وفي هذا الإطار، أكد تقرير صادر عن مركز العلوم في المصلحة العامة الأميركية أن منتجي المشروبات الغازية المشبعة بالسكر يستثمرون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بكثافة لسد فجوة انخفاض المبيعات بالبلدان الغنية. وأبرز التقرير إنفاق الشركات للمليارات من الدولارات سنويا في دول مثل البرازيل والمكسيك لزيادة المبيعات إلى أقصى حد ممكن في ظل القيود التي تعاني منها في الدول المتقدمة. ورغم ذلك، أكد إلبيل ضرورة البحث في كل الخيارات المحتملة حتى وإن كان تطبيقها يبدو مستحيلا على المدى القصير.

مشاركة :