متابعة: ضمياء فالح تصدر بطل الفنون القتالية المختلطة المقاتل الداغستاني حبيب نورمحمدوف (31 عاماً) العناوين الرياضية العالمية في عام 2019 بعد إنجازات عدة، وشجار كبير شب عقب فوزه على غريمه الإيرلندي كونور ماكجريجور في مدينة لاس فيجاس الأمريكية، لكن القليل من الناس يعرفون بأن ما فعله حبيب يعكس تماماً روحية أسطورة داغستان إمام شامل الذي قفز في حرب مراد عام 1832 في وسط منطقة الروس وقام منفرداً بمهاجمتهم.في تلك الليلة من النزال التاريخي بمواجهة ماكجريجور، أمضى حبيب الملقب ب «النسر» (لأنه ينقض على فريسته) الساعات في زنزانة بالمدينة الأمريكية، وكذلك شامل قبل 187 سنة نجا بجروح في صدره من المعركة مع الروس، وكلا المحاربين من داغستان التي تلقب ب «أرض الجبال» حيث يسري حب المصارعة في الجينات.حبيب يبث الرعب في قلوب خصومه وهو أسرع من صعد على عرش المصارعة العالمية وأسلوبه في القضاء على خصومه أشبه ب «ركض ثور في محل خزف صيني»، كما وصفته الصحافة البريطانية، ومهما حاول خصومه فك أسراره يشعرون بالصدمة فور دخولهم الحلبة كما حدث مع ماكجريجور. حبيب نفسه لغز لأنه لا يجري الكثير من المقابلات مع وسائل الإعلام لضعف إنجليزيته كما أن الوصول لبطل الوزن الخفيف صعب في أغلب الأحيان وكي نفهم المزيد عن البطل الذي لم يقهر منذ 28 نزالاً علينا أن نجمع القصص التي رويت عن نورمحمدوف.التعرف إلى عبد المنيب والد حبيب يشكل مفتاحاً للتعرف إلى المصارع الداغستاني، فهو جندي سابق متخصص بالجودو والسامبو، له باع طويل في تدريب المصارعين، ولعب عبد المنيب دوراً كبيراً في صعود نجم ابنه منذ أن بدأ المصارعة بسن الثامنة. لا يخشى عبد المنيب من وضع ابنه في بيئة صعبة لرفع مهاراته بل وضعه مرة أمام دب روسي ليختبر قوته وهو طفل ويعلق: «يرغب كل طفل في إظهار قوته أمام أبيه، كان اختبار الدب إظهاراً لقوة الشخصية أكثر منه تدريباً». خرج حبيب من صراع الدب بلا خدش ومنحه ذلك شعوراً متنامياً بالشجاعة وحرية التحدي. ويتذكر حبيب في مقابلة سابقة كيف قفز في أول مرة تعلم فيها السباحة في نهر شديد الخطورة قرب مسقط رأسه في كيروفول حصد أرواح 6 من أصدقاء طفولته ويضيف: «اعتدنا أنا وأصدقائي السباحة هناك، من لا يعر ف السباحة يغرق وأنا تعلمتها بنفسي في النهر، عليك أن تغطس وأحياناً تواجه خطر الموت». ارتفاع الجبال ارتفاع جبال داغستان جعل الظروف مثالية لتدريب النسر حبيب إذ كان يركض ذهاباً وإياباً ثم يتصارع مع والده في «الجيم» ويذهب للمدرسة بعدها، كان هذا طقسه اليومي الذي فرضه عليه والده كي يكون بطلاً لا يقهر. صنع حبيب اسمه في روسيا أولاً ثم خطف أنظار أبطال المصارعة العالمية «UFC» لكن كانت هناك مشكلة واحدة: لا يمكن مرافقة والده له في الدخول لأمريكا بسبب مشكلة سابقة مع شرطة الحدود، لذا لم يكن عبد المنيب (58 عاماً) حاضراً في أي من نزالات ابنه في الولايات المتحدة. اضطر حبيب للاستعانة بمدرب أمريكي من أصول لاتينية يدعى خافيير مينديز من أكاديمية الكيك بوكسنج في سان خوزيه/ ولاية كاليفورنيا.يتذكر مينديز المرة الأولى التي التقى بها بالنسر الداغستاني، ويقول: «متوحش ومرعب ومتفوق ذهنياً وكل هذا بفضل التدريب الذي حصل عليه من والده. واجهنا صعوبة في البداية لأنه لا يعرف اللغة الإنجليزية لذا لا يفهم تعليماتي، قال لي بعد تعلمه جانباً من اللغة إنه فهم لماذا كنت أصاب بالجنون عندما كان يضرب بقوة أكبر بعدما أقول له خفف». نزال أبوظبي حقق حبيب أمنيته بمشاهدة والده قرب القفص عندما دافع عن حزامه في سبتمبر/ أيلول الماضي بالعاصمة الإماراتية أبوظبي. وقد قفز حبيب على سياج القفص بعد فوزه كما فعل الأسطورة شامل في عام 1832 ليحضن والده عبد المنيب رفيق رحلته الطويلة بدءاً من مصارعة الدببة والقفز في الأنهار والجري بين الجبال وصولاً لأضواء العالمية كبطل لا نظير له في المصارعة الحرة. ويحيط حبيب نفسه بكادر من مواطنيه يلقبهم ب «أشقائي» وعلاقته بهم متينة إلى أبعد الحدود ويتذكر دانييل كورمييه بطل الوزن الثقيل السابق كيف أوشك فريق حبيب على مهاجمته بعدما جرح رقبته في التدريبات، ويقول: «كادوا يضربونني، أحاطوا بي من كل الزوايا. هؤلاء لا يمزحون إطلاقاً، فريقه لا يمزح وهو لا يمزح، إنه فعلاً جوهرة تاج هذه الحلقة، يحبونه كثيراً ونحن كلنا نحبه». بيد أن شعور كورمييه يختلف عن شعور خصوم حبيب إذ يقول عنه أل اياكينتا الذي صمد أمامه 5 جولات كاملة في إبريل/2018: «إنه وحش، هناك القليل من الخصوم الذين تشعر بثقل جسمهم عليك، صعد فوقي وسمع مدربي يعطيني نصائح وقال له «هذه هي أفضل نصيحة». كان مجنوناً».
مشاركة :