قرر حزب الأصالة والمعاصرة المغربي (أكبر حزب معارض) إنهاء خلافاته الداخلية التي هددت وحدته ووصلت إلى القضاء، على إثر إعلان قياداته المصالحة وطيّ نهائي لصفحة الخلافات التي دامت أشهرا طويلة. وأعلن المكتب السياسي للحزب خلال اجتماع له عقد، الأربعاء، بدعوة من حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وفاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني عن التوصل إلى مصالحة بين قياداته، مشيرا إلى عمله على “التعبئة القصوى من أجل استعادة وهج الحزب ومكانته داخل الحقل السياسي الوطني”. وشدد الحزب في بيان توصلت “العرب” بنسخة منه، أنه “بعد مداولات مستفيضة، طبعها وعي حاد بجسامة المسؤولية، قرر المكتب السياسي التفاعل بشكل إيجابي مع المبادرات الداعية إلى تحصين وحدة الحزب ولمّ شمل مناضلاته ومناضليه”. وأشار الأمين العام للأصالة والمعاصرة، إلى أنه “كان دوما ولا زال مع وحدة الحزب، مُعربا عن رغبته الصادقة في دعم هذه المبادرة ومساندتها، واستعداده للتجاوب مع مخرجاتها بغية إنضاج كل الشروط لكسب رهان الوحدة الحزبية بعيدا عن لغة الغالب والمغلوب، وحسابات المنتصر والمنهزم، من أجل المصلحة العليا للحزب والوطن”. وكان الحزب قد تعرّض إلى حالة انقسام نتيجة خلافات بين أمينه العام، حكيم بنشماش، وقيادات عارضت استمراره على رأس أكبر حزب معارض في المملكة، قسمته إلى تيارين: الأول وهو تيار المستقبل المناوئ لبنشماش الذي يقدّم رؤية جديدة للحزب، بينما يركّز التيار الثاني، الذي يدعم بنشماش، على الشرعية المؤسساتية كأساس لأي تغيير محتمل ويرفض الانقلاب على كوادر المؤسسة. ثم، تصاعدت وتيرة الخلاف داخل الحزب بعدما قرر بنشماش عزل أحمد أخشيشن من منصب نائب الأمين العام للحزب، وإعلان شغور منصب الأمين العام الجهوي في تسع جهات (محافظات) من أصل 11، انتقاما من الأصوات المعارضة له. كما أعلن بنشماش عدم شرعية استمرار اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب. لكن، وعلى رغم حدة الخلافات تمكّن حزب الأصالة و المعاصرة من تجاوزها والتفاعل مع دعوات المصالحة، وتوجت مساعي الصلح مؤخرا ببلورة صيغة توافقية تقرّب وجهات النظر بين كل الأطراف على إثر الخلاف الذي تفجر بشأن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، وما تلاه من توترات وتجاذبات واصطفافات أثّرت بشكل سلبي على الأداء التنظيمي والسياسي للحزب. وبيّن عبداللطيف الغلبزوري الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بمدينة تطوان في تصريح لـ”العرب” أن “الخلافات بين التيارين لم تُطو بشكل نهائي وإنما سيتم ذلك تدريجيا، إذ ستشكّل لجنة داخلية من الطرفين للانكباب على حل ما استشكل من المشاكل وهذا يتطلب وقتا”. وفي ما يخص التفاهمات الرئيسية داخل الحزب فهي “ترتكز على حل الخلاف المتعلق باللجنة التحضيرية وهو أمر واقع لأن القضاء بتّ فيه والذي أعطى الشرعية لعمل اللجنة، وكذلك الاتفاق على عقد المؤتمر الرابع الأسبوع الأول من شهر فبراير في أقصى تقدير، والذهاب بشكل موحد للمؤتمر”، حسب تعبير الغلبزوري. وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة قد قضت مطلع الشهر الجاري بالحكم لصالح “تيار المستقبل” ضد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة حكيم بنشماش، وإلغاء قرار المحكمة الابتدائية القاضي ببطلان انتخاب سمير كودار رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للحزب. ويعتقد الغلبزوري، أنه “رغم الوهن الذي أصاب الحزب بعد الصراع الذي وقع بيننا فالحزب مستعد سياسيا وانتخابيا لمواجهة خصومه، لافتا إلى أنه “بعد انبثاق قيادة جديدة سيكون للحزب نفس جديد وقادر على المنافسة”. ومع التصدّع الذي بلغ ذروته مع اقتراب المؤتمر الرابع، والتنافس المحموم بين التيارين المنقسمين على الظفر بزعامته وتيسير شؤونه مستقبلا، جدّد بنشماش دعوته لكل قيادات الحزب لاستنهاض هممهم للتفرغ من جديد، بحسن نية وبروح إيجابية بنّاءة، للعمل على ما تأسس الحزب من أجله، في سياق وطني وإقليمي وجهوي ودولي لا يسمح بإهدار المزيد من الوقت والطاقات. وقرر الحزب المعارض التوجه “بنفس وحدوي دامج نحو المؤتمر الوطني الرابع، كمحطة تنظيمية سياسية ينبغي أن يقدّم فيها الحزب أجوبة واضحة لانتظارات الشارع وللتحديات المتربصة بالبلد”. ودعا المكتب السياسي للحزب الأصالة والمعاصرة اللجنة التحضيرية المصادق عليها من طرف المجلس الوطني والتي يرأسها سمير كودار للاجتماع بكامل أعضائها في الرابع من يناير القادم، من أجل تحديد تاريخ المؤتمر في أقرب الآجال والتحضير الجماعي لكل الاستحقاقات السياسية والبرنامجية والتنظيمية واللوجيستية المرتبطة به، بهدف الدفع بمبادرة الصلح والوحدة إلى كامل مداها.
مشاركة :