"الصوفي العارف لا يرى حيثما توجه إلا الله"؛ هكذا يبدأ الدكتور مصطفى محمود الفصل الأول من كتابه "السر الأعظم"، موضحًا أن كل ما في الدنيا ما هي إلا تجلياته وتنزلات أسمائه الحسنى وصفاته، فكل مظاهر الكون رموز من حيث تشير إلى الخثائق الإلهية والتجليات الأسمائية.ويضيف "محمود" في فصله الأول الذي حمل عنوان "الهو" أن الدنيا كلها لدى الصوفي العارف محل عجب ودهشة، فكل ما يبدو له يحدث عنده ذكرا ويكشف حكمة ويجلو أمرًا، فهو أينما تلفت يقول مبهورا: الله.. الله.وينقل "محمود" عن المتصوف الأكبر محيي الدين بن عربي قوله: إن الشمس تتجلى في مرآة القمر وليس في القمر من الشمس شيء "ليس في الأمر حلول" كما أن نور الشمس من حيث عينها هي من تجلي اسمه "النور" من دون حلول.فجميع الخلق يطلبه.. ثم لم يظفر به أحدأحد ما مثله أحد.. بكمال النعت متفردويوضح "محمود" أنه لا يوجد تكرار في المظاهر الإلهية رغم الكثرة، لأن كل شيء له وجود خاص، يختلف به عن مثيله، وتجليات الحق في جدة دائمة وأولية مستمرة لتجدد الخلق على الدوام، فلا شيء يتكرر لأن الله ليس فقيرا، وكل نفس إلهي يأتي معه بجديد.ويتابع "محمود"، فكرة التجلي الإسلامية غير فكرة وحدة الوجود الهندية، فوحدة الوجود تقول بوحدة الخالق والمخلوق، فالقاتل هو عين المقتول، والرب عين العبد، والعارف عين المعروف، فاكل واحد.لكن الأمر يختلف عند ابن عربي - وفق رؤية مصطفى محمود- فلا تواز بين الأصل والصورة، والمظاهر ليست عين الذات الإلهية، فالذات مجردة عن ملابس الفروع وزينتها من ورق وثمر وزهر، الله في ذاته منزه عن كل ذلك.ولا يصح القول بأن الحق هو عين الخلق، فالدنيا عند ابن عربي حضرة تشبيه ولا شبيه، وحضرة تمثيل ولا مثيل، حيث يقول "أوصيك لا تحتقر أحدا ولا شيئا من خلق الله فإن الله ما احتقره حين خلقه".يشار إلى أنه تحل ذكرى ميلاد الدكتور مصطفى محمود، اليوم الجمعة، حيث ولد في 27 من ديسمبر من العام 1921، ورحل عن عالمنا في 31 أكتوبر من العام 2009، ومن أشهر برامجه في التلفزيون المصري "العلم والإيمان".
مشاركة :