واصل النفط الخام تحقيق مكاسبه السعرية وسجل مستوى الأسعار أرقاما هي الأعلى على مدار شهر مدعوما بأنباء إيجابية عن مزيد من التقلص في المعروض العالمي، بسبب استمرار توقف الحفارات النفطية مع تحسن واسع في مستويات الطلب وفي نفس الوقت تراجع المخزونات الأمريكية على نحو حاد. وارتفع النفط الأمريكي فوق 60 دولارا حيث تغلبت أجواء الارتفاع على تعاملات السوق وزادت ثقة المستثمرين في السوق واتجه عديد من المؤسسات الدولية لزيادة توقعاته لنمو أسعار النفط الخام. ويقول لـ "الاقتصادية"، بيتر فنش المختص النفطي، "إن الأسعار تتجه بقوة إلى تحقيق ارتفاعات قياسية حيث زادت أول أمس بنسبة 3.8 في المائة ثم ارتفعت أمس لأعلى مستوى خلال الشهر"، مشيرا إلى أن العوامل الداعمة للأسعار أصبحت الأقوى والمهيمنة على السوق خلال الفترة الماضية لتسجل الأسعار أعلى مستوى على مدار العام الجاري. وأشار فنش إلى أن توترات الشرق الأوسط خاصة في العراق أسهمت في رفع الأسعار لمستويات قياسية بالتوازي مع استمرار تراجع الدولار الأمريكي وانخفاض المخزونات وتقلص المعروض النفطي وزيادة الطلب العالمي. من جهته، أوضح مايكل تورنتون المختص النفطي في مبادرة الطاقة الأوروبية، أن الارتفاعات القياسية المستمرة كانت متوقعة وفق متغيرات السوق التي تتجه بقوة نحو التعافي بعد فترة من الانخفاضات الحادة التي أثرت سلبا في المنتجين وفي الاستثمارات النفطية. وأشار تورنتون إلى أنه من المتوقع خلال الفترة المقبلة أن يعوض النفط كثيرا من خسائره الحادة السابقة وهو ما راهنت عليه منظمة أوبك ونجحت في تحقيقه حيث لم تهتم بأي مستوى سعري تصل إليه السوق وركزت على حماية الأسواق والحصص السوقية وهو ما جعل المعروض يتجه إلى التقلص بسبب صعوبة استمرار عديد من المنتجين الجدد في السوق في ضوء الأسعار المنخفضة. وأوضح تورنتون أن إنتاج السعودية والعراق وصل إلى مستويات قياسية في الشهور الأخيرة، فيما تتأهب السوق لضخ واسع من الصادرات النفطية الإيرانية وهو ما يمكن ترجمته بأن تحسينات كبيرة ستحدث في مستويات الطلب خاصة على مستوى الدول النامية، كما أن هذا الأمر يعكس مدى استعادة نفط الشرق الأوسط مكانته الرئيسية في سوق النفط العالمية. من جهته، قال رالف فالتمان المختص النفطي، "إن أسعار النفط الخام تقترب من مستويات قياسية في ختام النصف الأول من العام ومن المتوقع أن تحقق ارتفاعات أخرى جديدة في النصف الثاني بعدما اتجهت العلاقة بين العرض والطلب إلى تحقيق مزيد من التقارب والاستقرار النسبي". وأشار فالتمان إلى أن التراجعات الحادة في حفارات النفط الأمريكية التي وصلت إلى 60 في المائة من المؤكد أنها ستنعكس على انخفاض الإنتاج الأمريكي بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة وبالتالي تقلص المعروض العالمي لمصلحة النفط التقليدي. وأوضح فالتمان أن أجواء تفاؤلية تحيط بالاجتماع المقبل لوزراء منظمة أوبك والمشاورات التي تسبقه مع المنتجين من خارج المنظمة، متوقعا إقدام بعض الدول من خارج "أوبك" على تقليص الإنتاج للوصول إلى مزيد من الدعم للأسعار واستمرار موجة الصعود وتصحيح الأسعار في الفترة المقبلة، متمنيا أن ينعكس ذلك سريعا على تنشيط الاستثمارات النفطية. وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس بعد أن ارتفعت أكثر من 2 في المائة في الجلسة السابقة مدعومة بانخفاض مخزونات الخام الأمريكي والتوترات في الشرق الأوسط. وبحسب "رويترز"، فإن العقود الآجلة للخام الأمريكي تشهد أطول موجة صعود لها منذ بدء حفظ البيانات في 1983 بفعل تراجع في مخزونات الخام والمنتجات الأسبوع الماضي، ما يشير إلى تحسن الطلب في أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم. وبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط تسليم تموز (يوليو) 60.66 دولار للبرميل منخفضا ستة سنتات عن الإغلاق السابق لكنه يتجه إلى الصعود للأسبوع العاشر. ونزل خام برنت خمسة سنتات إلى 66.49 دولار للبرميل بعد أن أغلق مرتفعا 2.3 في المائة أمس الأول، وبذلك تسجل أسعار عقد أقرب استحقاق لخام برنت تراجعا طفيفا في الأسبوع المنصرم.
مشاركة :