أزمة أوكرانيا تعكر صفو علاقة كنيسة روسيا بنظيرتها المصرية

  • 12/28/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قرار الكنيسة الروسية بقطع العلاقات مع بطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس البابا ثيؤدورس الثاني بعد اعترافه بالكنيسة الأوكرانية المستقلة، يثير لغطا في الأوساط القبطية بمصر ويعمق الخلاف الديني بين موسكو وكييف. الكنيسة الروسية قطعت صلتها ببطريركية القسطنطينية بعد اعترافها باستقلال الكنيسة الأوكرانية عن موسكو. عبرت الكنيسة الروسية في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي باللغة الإنجليزية أمس الخميس، عن "حزنها العميق لقرار بطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا للروم الأرثوذكس البابا ثيودوروس الثاني الذي دخل في شراكة مع الانشقاقيين (الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المنشقة)"، معلنة الكف عن ذكر اسم بطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس البابا ثيؤدورس الثاني أثناء إقامة القداس. كان البابا ثيودروس الثاني بطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا للروم الأرثوذكس أعلن خلال القداس الإلهي الذي أقيم في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بكنيسة رؤساء الملائكة بالظاهر في العاصمة المصرية القاهرة، اعترافه بالأنبا أبيفانيوس متروبوليت كييف كرئيس للكنيسة الأوكرانية المستقلة. وأضافت الكنيسة الروسية، أنها لاحظت أن "قرار البابا ثيؤدورس الثاني لم يعرض في جلسة المجمع المقدس للبطريركية الإسكندرية الذي عقد في الفترة من 7 إلى 9 أكتوبر/ تشرين الأول، ولم يتم طرحه للتصويت، وصدر بطريقة غير مألوفة"، مؤكدة أنها ستغلق مكتبا تمثيليا لبطريركية الإسكندرية في موسكو وأن الإبرشيات الروسية الأرثوذكسية في أفريقيا لم تعد تحت إشراف البطريركية المصرية بل تحت قيادة البطريرك الروسي كيريل مباشرة. ولم يصدر تعليق من بطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية حتى كتابة التقرير، كما رفض الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث الرسمي للكنيسة بمصر الرد على أسئلة "DW عربية" متعللا بأنه غير مخول له بالتعليق. يأتي ذلك في خضم أزمة دبت في صفوف كنيسة الروم الأرثوذكسية على خلفية انشقاق الكنيسة الأوكرانية وانفصالها عن الوصاية الدينية الروسية عليها المستمرة منذ 332 سنة، حيث عقد رجال الدين الأرثوذوكس مجمّعاً واسعاً في كييف أكتوبر/ تشرين الأول 2018، لاتخاذ قرار تاريخي بإقامة كنيسة مستقلة عن الروس بدعم من بطريركية القسطنطينية التي هي مقر الزعيم الروحي العالمي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي. وأثارت الخطوة غضبا روسيا واسعا قررت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على إثره في أكتوبر/ تشرين الأول، قطع كل العلاقات مع بطريركية القسطنطينية المسكونية؛ احتجاجا على موافقتها على طلب أوكرانيا إقامة كنيسة مستقلة. ووصفت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ذلك بأنه أكبر انشقاق في المسيحية منذ ألف عام. وأصبحت كنيسة الروم الأرثوذكس في مصر، الكنيسة الثانية التي تعترف بالكنيسة الأوكرانية المستقلة بعد كنيسة اليونان التي اعترفت بها الشهر الماضي، وهو ما أدى أيضا إلى إعلان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، قطع علاقات الشراكة مع رئيس الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. وينبع الصراع على مستقبل أوكرانيا الروحي من تدهور العلاقات بين كييف وموسكو بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم إليها في 2014 واندلاع قتال انفصالي في شرق أوكرانيا أدى إلى سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل. الكنيسة الأرثوذكسية المصرية تدخل على الخط وأثار قرار الكنيسة الروسية لغطا في بعض وسائل الإعلام الكبرى، بسبب تشابه اسمي بطريرك الروم الأرثوذكس بالإسكندرية ثيؤدورس الثاني، مع بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا تواضروس الثاني، مما دفع بالكنيسة الأرثوذكسية المصرية تصدر بيانا تنفي علاقتها به. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر تقول إن لديها علاقات طيبة مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. وقال الناطق باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر القس بولس حليم إن العلاقات مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أخوية طيبة للغاية، نافيا ما تم تداوله عبر عدد من وسائل الإعلام الغربية بشأن قطع الكنيسة الروسية لعلاقاتها مع الكنيسة الأرثوذكسية في مصر. وقال القس حليم - في تصريح نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط - إن قرار الكنيسة الروسية الخاص بقطع علاقاتها مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية ليس له أساس من الصحة، وأن القرار الصادر عن المجمع المقدس للكنيسة الروسية خاص بكنيسة الروم الأرثوذكس. وتابع: "أنه حدث خلط بين الكنيستين نظرًا لأن بطريركية الروم الأرثوذكس وبطريركها يحمل اسم بابا الإسكندرية، ويتشابه اسمه مع اسم البابا تواضروس الثاني، وهو البابا ثيؤدورس الثاني، بطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس". وأضاف أن الكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية لم تتورط في القضية المثارة بين الكنائس الأرثوذكسية حول كنيسة أوكرانيا، وأنه يربطها علاقات جيدة مع الكنيسة الروسية ويتم تبادل الزيارات بينهما. وتعتبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الكنيسة المسيحية الرئيسية بمصر بجانب طوائف مسيحية أخرى، علما بأن عدد الأقباط في مصر يبلغ نحو 15 مليون شخص يشكلون قرابة 15% من الشعب المصري، وفق تصريحات صحفية سابقة للبابا تواضروس بابا الكنيسة المصرية. قضية سياسية وليست دينية وقال المفكر القبطي المصري كمال زاخر، إن اللغط نتج من أمرين الأول أن كرسي كنيستي الروم الأرثوذكس والقبطية الأرثوذكسية مقره بالإسكندرية، وكذلك تشابه اسم بطريرك الروم الأرثوذكس (ثيؤدورس الثاني) والتي تعني باليونانية "تواضروس" مع اسم بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تواضروس الثاني، الأمر الذي أوقع وسائل إعلام كبرى في الفخ. وأضاف زاخر، في حديث لـDW عربية، أن الكنيسة الأرثوذكسية المصرية لا علاقة لها بالكنيسة الروسية الأرثوذكسية وليست طرف في النزاع الدائر بين الروم الأرثوذكس. واعتبر زاخر، أن الأزمة السياسية المندلعة منذ 2014 بين روسيا وأوكرانيا وراء الشقاق الديني وانفصال الكنيسة الأوكرانية عن تبعيتها للكنيسة الروسية، متابعا: "هذا الشقاق نابع من قضية سياسية وليست دينية وبالتالي لن تؤثر على العقيدة أو الإيمان". أوكرانيا تتهم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بدعم الانفصاليين الروس شرق أوكرانيا. ويرى كثير من المسيحيين الأوكرانيين أن الكنيسة الروسية تفضل المتمردين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا. ونفت الكنيسة الروسية في موسكو أن يكون استخدم كأداة سياسية في أيدي الحكومة الروسية، وقالت إنها تحاول إحلال السلام في شرق أوكرانيا. وعن تداعيات القرار الأخير نحو قطع العلاقات مع بابا الروم الأرثوذكس بمصر، قال المفكر القبطي، إن الروم الأرثوذكس بمصر هم عبارة عن جالية أجنبية استقرت تاريخيا بمصر كغيرها من الطوائف وأن بطريرك الروم الأرثوذكس بالإسكندرية غير أجنبي الجنسية ولا يتم تعيينه من السلطات المصرية. ورأى أن "الخلاف دائر بين كنائس وبعضها البعض لن يؤثر بالطبع على العلاقات بين موسكو والقاهرة". محمد مجدي

مشاركة :