أمام أكوام من الحجارة المتناثرة التي خلفتها الحرب على مدار السنوات الثماني الماضية، يقف الشاب أحمد ليلتقط صورة سيلفي في أحد شوارع حمص المدمرة. متعمداً إظهار الأبنية المتهدمة ومظاهر الحرب القاسية، فالهدف تخليد المأساة كي لا تتكرر. أحمد الشاب الدمشقي الذي نشر هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، جاء من العاصمة بشكل خاص لزيارة هذا الجزء المدمر من مدينة حمص، كي يسترجع ذكريات قديمة له في مدينة زارها عدة مرات قبل الحرب. حجم الدمار صدم أحمد، في أول مرة يزور فيها حمص، وشعر أنها لا تشبه تلك المدينة التي كان يعرفها من قبل، وحين وقعت عيناه على شوارعها انهمرت دموعه بشكل لاشعوري، وشعر بغصة في حلقه، ولكنه واصل جولته وكرَّر الزيارة. استقطاب سياحي بعد انتهاء الحرب في عدد من المدن السورية، بدأ يظهر نوع جديد من السياحة الداخلية، يمكن تسميتها بسياحة الحرب لـ(المدن المدمرة)، التي لم تستقطب فقط السوريين، بل أخذت تستقطب الوفود الإعلامية والسياحية، إذ توافدت في الآونة الأخيرة العديد من المجموعات السياحية إلى سوريا للوقوف على مشاهد الدمار. أحمد ليس الشاب الوحيد الذي يروج سياحة الحرب، ومن بين هؤلاء الشبان أيضاً رهام عيد المقيمة في دمشق أيضاً، والتي قررت التوجه لحلب والتجول في أحيائها المدمرة وتوثيق كل ما تشاهد بالصور. وتوضح بأنها تأسف لعدم زيارتها حلب قبل الحرب، مضيفة بأنها بعد زيارتها هذه قررت تكرار التجربة في حمص ومناطق أخرى طالتها يد الحرب. حلب الحقيقية الشابان يوسف سابا ووسام قطماوي قرَّرا القيام بتجربة مختلفة، ولم يكتفيا بزيارة هذه الأماكن وتصويرها، بل قرّرا تصوير سلسلة فيديوهات من نوع الـVlog. وحملت الاسم نفسه، ويوضح يوسف، أنه اضطر لمغادرة حلب عام 2016، وانتقل إلى لبنان، ولكنه عاد بمجرد استقرار الأمور. وبعد جولات عديدة قرَّر العمل مع وسام على تصوير هذه الفيديوهات، ويقول عنها: «أردنا أن نسجل كيف تعيش حلب.. حلب الحقيقية، بعيداً عن الإعلام وما ينقله، المدينة القديمة تنبض بالحياة، في كل يوم يصادفنا أمر يستحق التوقف عنده». نجحت الفيديوهات التي نشرها الشابان في تحقيق رواج جيد، وخاصة الموجودين خارج حلب، وتناقلتها بشكل واسع وسائل التواصل الاجتماعي. ويوضح يوسف وهو متخصص بمجال الكيمياء، أن تداول مثل هذه الصور يثير ألم البعض، لكن البعض الآخر يرى فيها توثيقاً لذاكرة الألم للسوريين كي تتذكر الأجيال ماذا صنعت الحرب بسوريا والشعب السوري، ويضيف أنه رغم مشاهد الدمار لكن مدينة تاريخية مثل حلب لا تزال تنبض بالحياة. سياحة الحرب ظاهرة جديدة في سوريا، أخذت تستهوي العديد من الشباب بعد أن أصبحت تلك المدن المدمرة آمنة من غير حروب، ويتجه الشباب إلى صناعة العديد من الأفلام الوثائقية فوق الركام لتكون هذه الحرب عبرة لكل سوري.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :