عراب الخراب.. ماذا يريد أردوغان من ليبيا؟

  • 12/28/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على مدار الأيام الماضية لم تتوقف وتيرة تصاعد أحداث الأزمة الليبية، منذ توقيع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني لاتفاقيتين مع تركيا، إحداهما في مجال التعاون الأمني والثانية في مجال المناطق البحرية، والتي قوبلت جميعها بالرفض الواسع سواء من الداخل الليبي ممثلا في الجيش الوطني الليبي والبرلمان الليبي الجهة الشرعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا.توقيع حكومة السراج للاتفاقية دون تصديق البرلمان عليها، بالمخالفة لاتفاق الصخيرات الذي حدد المسار السياسي في ليبيا، حمل الجيش الوطني الليبي لتكثيف التجهيزات والتحرك نحو العاصمة طرابلس لتحريرها من المليشيات المسلحة المدعومة من تركيا، وهى المعركة التي اعتبرها العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي معركة إقليمية لتحرير ليبيا من الأطماع التركية التي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة.الرفض الليبي للتدخلات التركيةتحرك الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس، واستغاثة فايز السراج الموالي لأنقرة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإنقاذه بعد تضييق الجيش الوطني الليبي للخناق عليه، وتمكنه من الحد من وصول الإمدادات التركية لمليشيات السراج المسلحة، والتي وجد فيها أردوغان تربة خصبة لتنفيذ مخططاته وموضع قدم في شمال أفريقيا، مما دفع الرئيس التركي للإعلان عن إرسال بلاده لقوات عسكرية لدعم حليفه الموالي له فايز السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي.وخلافا لما يعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن ما يفعله لمساعدة حكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج يهدف إلى النهوض بالدولة الليبية من خلال مزيد من التعاون المشترك بين البلدين فإن الأهداف الحقيقية لأردوغان في ليبيا، أولها الحلم التركي في وجود موضع قدم له في البحر المتوسط، والتحكم في إمدادات الغاز والنفط الواصلة إلى أوروبا عبر المتوسط.تبدد حلم أردوغان للتحكم في الطاقةأردوغان الذي كثيرا ما سعى لأن تصبح بلاده مركزا إقليميا للطاقة يكون بمقدورها السيطرة على الحكومات من خلال التحكم في موارد الطاقة، سرعان ما اكتشف ان حلمه تحول إلى سراب، خاصة بعد عدم تمكنه من نقل الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر سوريا أو عبر ايران نفسها بسبب العقوبات المفروضة على إيران لذلك سعى للبحث عن منفذ له على البحر المتوسط.وبعد فشل حلم أردوغان في السيطرة على الطاقة والغاز الإيراني والتحكم فيها، وجد نفسه أمام صفعة أجهضت حلمه نهائيا، نتيجة اتفاقيات مصر واليونان وقبرص بشأن ترسيم الحدود البحرية وتحول مصر لمركز إقليمي لنقل الطاقة إلى أوروبا عبر المتوسط، بدلًا من تركيا، ما أغلق أبواب الحلم التركي الأردوغاني بشكل كامل.لماذا اختار أردوغان ليبيا؟المطامع التركية لم تتوقف عند هذا الحد، لكنه سرعان ما فكر أردوغان في خلق نقطة للتسلل منها مناطق نقل الغاز في المتوسط، والذي سرعان ما وجد ليبيا تربة خصبة لتنفيذ مخططه بسبب أزمتها التي أرهقت الدولة الليبية، وحالة الخضوع التام التي لمسها في فايز السراج رئيس حكومة الوفاق في الطاعة والانصياع لأي من يوفر له المال والسلاح والميليشيات المرتزقة لمحاربة الجيش الوطني الليبي.ومن بين الأسباب الرئيسية التي مكنت أردوغان من التسلل إلى ليبيا وجود مليشيات إخوانية تنتمي إلى جماعة الإخوان الإرهابية المدعومة من تركيا وقطر، ووجود حكومة موالية للإخوان تعتمد في المقام الأول على المليشيات بهدف القضاء على الجيش الوطني الليبي في سبيل تحقيق حلمها في الانفراد بالسلطة.الهدف الأبرز لأردوغان في اختياره لليبيا، هو قرب الحدود البحرية الليبية من مناطق نقل الغاز خاصة وأن مصر أصبحت المركز الإقليمي لنقل الطاقة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، وهو ما يتيح لأردوغان موطئ قدم فيها يمكنه من المساومة على الكعكة التي كان يريد أن يلتهما بمفرده قبل ذلك بعد تبدد حلمه.وسيلة لتهديد أوروبا لتحقيق مطامعهعلى مدار كثير من العقود كانت لتركيا تطلعات وأحلام واسعة في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وأن تصبح تركيا أحد أعضاء الاتحاد، لكن يتم رفض هذا الطلب في كل مرة، وهو ما سببه حالة كبيرة من الإهانة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لذلك عمل على تحويل نفسه لمصدر قلق لدول الاتحاد الأوروبي، من خلال ملفات الهجرة غير الشرعية، فالرجل الذي كثيرا ما هدد الدول الأوربية فإنه سيفتح الباب لترحيل عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سوريا إلى أوروبا بهدف الضغط على الدول الأوروبية لمباركة تدخلاته السافرة في سوريا، و عدوانه الغاشم على شمال شرق سوريا، يسعى لاستغلال السيناريو ذاته في ليبيا.ليبيا التي تعد مفتاح عمليات الهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، وجد أردوغان منها المفتاح الذي يقلق الدول الأوروبية، وأنه في حال سيطرته عليها فإنه امتلك مفتاح تهديد الدول الأوربية بالمهاجرين غير الشرعيين وهو أكثر ما يزعج دول القارة العجوز، مما يمكنه من مساومة الدول الأوروبية وابتزازها، في سبيل إجبارها على تحقيق رغباته وتطلعاته مثلما يفعل حاليا مع اللاجئين السوريين والدواعش الذين يبتز بهم أوروبا.

مشاركة :