وجه قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، أمر اليوم إلى العسكريين، لمناسبة الذكرى الخامسة عشرة للمقاومة والتحرير، قال فيه: «يطل عيد المقاومة والتحرير هذا العام، على وقع احتدام الأزمات الإقليمية، واستمرار الفراغ الرئاسي، والتحديات الداخلية على أكثر من صعيد. لكنكم في موازاة ذلك، كنتم على قدر هذه التحديات، فتابعتم مهماتكم الوطنية بمنتهى الشجاعة والاندفاع، تحمون بصمودكم وإلى جانبكم شعبكم المقاوم، إنجاز التحرير من السقوط في مخططات العدو الإسرائيلي، وتحافظون بالتزامكم وتضحياتكم المعمّدة بدماء رفاقكم الشهداء، على الاستقرار الوطني من عبث الإرهاب المتربّص شراً بالوطن. مقدّمين من خلال ذلك كله، مثالاً عن الوحدة الوطنية، التي طالما شكلت علة وجود هذا الوطن وقوة استمراره، سيّداً حراً مستقلاً». وأضاف قهوجي: «الحفاظ على صيغة العيش المشترك والالتزام بالميثاق الوطني والولاء الكامل للبنان، أهداف سامية طبعت مهمات مؤسستكم طوال السنوات الماضية، فأثبتت بما لا يقبل الشك أن هاجسها الوحيد هو بقاء الوطن، وأن لا مكان في صفوفها للفئوية والتجاذبات السياسية أو للحسابات الخاصة مهما كان شأنها، لذا أدعوكم إلى الاستمرار على هذا النهج الوطني الجامع، الذي وحده يحمي لبنان، ويمنع أعداءه من استدراجه إلى أتون الفوضى والتشرذم والانحلال. إن المصاعب أمامكم كبيرة، والمطلوب منكم الكثير، لكنني على ثقة تامة بقدرتكم على تخطّيها، كما تخطيتموها من قبل». ولفت قهوجي الى أنه «بعد أن كان الجنوب ساحة مفتوحة للعدوان الإسرائيلي، وبوابة لرياح الفتنة إلى الداخل، أصبح واحة أمان واستقرار، بفضل إرادة أبنائه، وجاهزيتكم للدفاع عنه، ومساندة القوات الدولية لكم تنفيذاً للقرار 1701. واليوم، وبعد أن شكك البعض في قدرتكم على التصدي للتنظيمات الإرهابية، نجحتم بقوة في كسر شوكتها وإحباط أهدافها التخريبية، ما رسّخ ثقة اللبنانيين بكم، وشكّل محطّ إعجاب الدول الصديقة، التي بادرت ولا تزال، الى تقديم الدعم العسكري النوعي الى مؤسستنا». وخاطب قهوجي العسكريين قائلاً: «في هذه المناسبة الوطنية العزيزة، أستذكر وإياكم بإكبار وإجلال، أرواح شهداء لبنان وشهداء الجيش الذين بذلوا أرواحهم على مذبح الوطن، وأحيي رفاقكم الأبطال المختطفين لدى التنظيمات الإرهابية، وأعاهدهم بأن قضيّتهم ستبقى أمانة في أعناقنا حتى تحريرهم وعودتهم محفوظي الكرامة الى عائلاتهم ومؤسستهم، وباسمكم أيضاً أعاهد اللبنانيين، أننا لن نستكين حتى تحرير آخر شبر من ترابنا الوطني المحتلّ، وأن نحافظ على وطننا، أرضاً وشعباً ومؤسسات، وأنا واثق بأنكم لن تبخلوا بعرق ودم لتستحقوا شرف هذه المهمة النبيلة». إلى ذلك، وزع مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني الذي نظم المؤتمر الإقليمي الخامس بعنوان «الشرق الأوسط في ظل متغيرات السياسة الدولية» وشارك فيه شخصيات وطنية وديبلوماسية وعسكرية وباحثون واكاديميون من لبنان وبلدان عربية وإقليمية ودولية، كلمات الافتتاح. وألقى قهوجي كلمة رأى فيها أن المشكلات الأمنية والسياسية التي تعصف بالمنطقة، لا يمكن فصلها عن التدخلات الخارجية والمصالح الدولية، كما عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها شعوب المنطقة، شكّلت ولا تزال، بيئة خصبة لممارسة العنف والفوضى وصولاً إلى الإرهاب». أضاف: «أصبح الإرهاب خطراً شاملاً ونحن حققنا إنجازات كبيرة، تجلّت في محاصرة التنظيمات الإرهابية وعزلها على الحدود الشرقية، وشلّ قدرتها على التحرك أو التسلل الى لبنان، بالإضافة إلى تفكيك معظم خلاياها في الداخل». وشدد على أن «الجيش يؤكد، التزامه التصدي للإرهاب بكلّ قوة وحزم، ومنعه من استدراج الفتنة، والتزامه أيضاً الحفاظ على رسالة لبنان وصيغة العيش المشترك. مستندين في ذلك، إلى قدرتنا والتعاون العسكري الوثيق مع الدول الصديقة، وثقة المجتمع الدولي بدور مؤسستنا، وقبل كل شيء إلى رفض الشعب اللبناني، لهذا الجسم الغريب عن نسيجه الاجتماعي وقيمه السمحاء». وقال: «إننا نتطلع بأمل كبير إلى الدعم العسكري النوعي الذي بدأ يصل تباعاً إلى الجيش، خصوصاً من خلال الهبة السعودية الكبرى المقدمة له، ومساعدات الولايات المتحدة الأميركية وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، بما سيضاعف بالتأكيد، من قدرة الجيش على مواجهة الإرهاب، وبالتالي قدرته على حماية الاستقرار الداخلي، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي».
مشاركة :