تحرك أوروبي متأخر لإنقاذ مسار مؤتمر برلين بشأن الحل في ليبيا

  • 12/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عطلت الخلافات الأوروبية البينية المضي إلى عقد مؤتمر برلين وقيادة جهود الحل السياسي لتفاجأ الدول الأوروبية الأربع المعنية (فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا) بالملف الليبي بالتدخل التركي المباشر في الصراع وإسقاط حظوظ الحل السياسي، لكنها قررت أن ترسل وزراء خارجيتها مع بداية العام الجديد إلى العاصمة الليبية على أمل إنقاذ مسار مؤتمر برلين. يأتي هذا في وقت تسعى فيه أنقرة إلى التعجيل بإرسال قوات إلى طرابلس واستباق الحسم العسكري من الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وجاء إعلان حكومة الوفاق الوطني، الجمعة، عزم وزراء خارجية إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا زيارة ليبيا في الـ7 من يناير المقبل، ليؤكد أن هذه الدول الرئيسية تحاول أن تلحق بالوضع في طرابلس على أمل أن تدفع باتجاه وقف إطلاق النار ومنع المواجهة العسكرية بانتظار توضّح معالم المرحلة المقبلة في العاصمة الليبية. وقالت وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، في بيان على صفحة الوزارة على “فيسبوك”، إن وزير الخارجية محمد سيالة أجرى اتصالًا هاتفيًا مع المسؤول السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تناول تطورات الأوضاع في الغرب الليبي وطرابلس. وتزامن مع هذا التطور، مع قيام حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بتقديم طلب عاجل لمشرّعين في البرلمان كي يكونوا مستعدين للنظر في اقتراح يسمح بإرسال قوات إلى ليبيا، طبقا لما ذكرته قناة “تي.آر.تي” التلفزيونية التركية. ونقلت وكالة “بلومبرغ” للأنباء السبت عن هذه القناة، قولها إن الاقتراح ربما يتم طرحه في البرلمان في الـ30 من ديسمبر الجاري (يوم الاثنين)، قبل أسبوع من الموعد المقرر وربما يجرى التصويت في الثاني من يناير المقبل، بدلا من يومي 8 و9 يناير، وهو الموعد الذي حدده أردوغان، عقب طلب حكومة الوفاق مساعدتها عسكريا، برا وبحرا وجوا. وقالت وكالة الأناضول إن “الخطوات المتسارعة بالبرلمان التركي” تأتي في ضوء طلب حكومة الوفاق في طرابلس الدعم العسكري رسميًا، إضافة إلى التطورات في المنطقة. وتعتقد أوساط دبلوماسية أن تحرك وزراء خارجية الدول الخمس، جاء “متأخرا جدا لرفع العتب السياسي عنهم أمام شعوبهم، فقد جرت تطورات الأزمة الأخيرة منذ أكثر من شهر ولم يُصدر أيّ من هؤلاء مواقف حاسمة من تحركات أردوغان التي تعد انتهاكا لقواعد القانون الدولي البحري في شرق المتوسط، والراغبة في التدخل عسكريا في أزمة أخفقت مبادرات عدة لإيجاد حل سياسي لها، وما تقوم به أنقرة يزيدها اشتعالا”. وأضافت الأوساط ذاتها لـ”العرب”، أن أردوغان انتبه لإمكانية أن يصدر عن هذا التحرك موقف سياسي من الدول الخمس، يتم توفير غطاء شرعي أكبر للضغط على حكومتي طرابلس وأنقرة، وسارع الرجل بتعجيل الحصول على موافقة برلمانه لإرسال قوات عسكرية ووضعهم أمام الأمر الواقع، ليفرغ أيّ تحرك سياسي لاحق من مضمونه الحقيقي. ورجّحت المصادر تأجيل زيارة وزراء خارجية الدول الخمس، أو الضغط على أنقرة بعدم التسرع في تصويت البرلمان. وفي الحالتين لن تتمكن هذه الدول من القيام بتحركات تبطل مفعول مذكرتي التفاهم البحري والأمني، وتنتج واقعا جديدا يمنح فرصة للحل السياسي من خلال عقد مؤتمر دولي في ألمانيا لحل الأزمة الليبية العام المقبل. وكشفت اللقاءات التي عقدت بين وفود الدول المعنية بالأزمة في برلين، عن عدم التوصل إلى تفاهمات للتسوية، وأثبتت الجولة الأخيرة في الـ10 من ديسمبر الجاري، العجز عن التفاهم حول ترتيب المسارات الرئيسية للقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، وصعوبة فتح كوة لتحريكها في الاتجاه الصحيح وسط التباين في الرؤى. وتحاول ألمانيا إنقاذ مؤتمرها الدولي، الذي لم يتحدد موعد له حتى الآن، من خلال هذه الخطوة التي ربما لأول مرة تجمع في خندق متقارب كلاّ من إيطاليا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، فلم يعد التنافس والصراع والنزاع مجديا في توقيت تقترب فيه تركيا من تهديد مصالحهم التاريخية في جنوب المتوسط، وتضعهم في اختبار يستلزم التوافق قبل أن تتسارع وتيرة التطورات وتفضي إلى أزمات مستحكمة. وأكد الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أحمد عليبة، أن الزيارة تبرهن على أن هناك أطرافا إقليمية تؤمن بأهمية المشاورات السياسية لوقف تدهور الأزمة الليبية وليس حلها بشكل كلي، في مواجهة رغبة تركية جامحة تعمل بلا هوادة لزيادة التصعيد، بما يتيح إمكانية عقد صفقات سرية مع الجانب التركي ربما لا تؤثر على مصالح كلّ منها. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الأدوار الأميركية والروسية تظل الفيصل في استمرار التسخين التركي من عدمه، وفي كل الأحوال لم ترتق المواقف الحالية بعد إلى مستوى الضغط المباشر على أنقرة ومنع وصول محادثات طرابلس إلى حد الحصول على نتائج تغير المشهد الحالي. وأشار إلى أن الفيصل في قدرة الدول الغربية يتعلق بطبيعة المصالح لدى كل طرف ومدى تأثره سلباً جراء التدخل العسكري التركي، الأمر الذي تترتب عليه زيادة وتيرة التصعيد في مجلس الأمن أو تشكيل محور سياسي يواكب التعامل مع تطورات الأوضاع الراهنة. وتتخوف دوائر سياسية كثيرة أن تسفر زيارة طرابلس عن خيبة أمل، ولا تتوقع أن تقود إلى تطور مفصلي يضخ دماء جديدة في عروق مؤتمر برلين، لأن الدول الخمس كان من المفترض أن تولّي وجهها نحو العاصمة التركية وليس العاصمة الليبية، فالأولى تملك المفاتيح الحقيقية للأزمة التي أدت إلى هذا الموقف الدقيق، وتحرّك الكثير من الأحداث وتدفع بها إلى مزيد من التصعيد، وتوظفها بالطريقة التي تحقق أهدافها الاستراتيجية. بينما تظل العاصمة الثانية رهينة العصابات المسلحة والميليشيات والجماعات الإرهابية والقوى التي تدور في فلك أنقرة، ولا يملك السرّاج قراره السياسي، بالتالي فأيّ ضغوط تمارس عليه أو تفاهمات يمكن التوصل إليها ستكون هي والعدم سواء.

مشاركة :