حصل ما كان منتظرا منذ فترة، فقد وقع السويدي زلاتان إبراهيموفيتش عقدا لمدة ستة أشهر سيعيده مجددا إلى نادي ميلان الإيطالي. لقد عاد إلى إيطاليا ابن الثامنة والثلاثين، عاد الأسد إلى العرين، عاد كي يعيد الهدوء ويضخ قليلا من قوته في “البيت اللومباردي” الواهن. فرحة عارمة غمرت معسكر الميلان، كل الأحباء والأساطير الذين مروا في السابق على الفريق سعدوا كثيرا بهذه العودة المهيبة، فالتعاقد مع “إبرا” رغم تقدمه في السن، يبدو وكأنه يشبه ذلك “الغريق” الذي يصارع وسط المحيط، فأهدته الأمواج المتلاطمة طوق نجاة. إيه نعم، هو هكذا سيكون زلاتان مثلما كان، هو المنقذ وصمام الأمان، هو الأنسب والأجدر قد يعيد الثبات في الأركان، أركان بيت ميلان لم تعد مستقرة بفعل الهزات الارتدادية التي ضربت المكان لأكثر من عقد من الزمان. وحده زلاتان هذا الأسد المتحفز وهذا السلطان من يملك كل الوصفات التي قد تساهم في الخروج من حالة التيه والضياع التي أصابت الميلان فحولته من أقوى الفرق، ليس في إيطاليا بل في أوروبا، إلى فريق متواضع يعاني من الكبوات والأزمات. أليس من تألق في بداياته مع أياكس أمستردام هو قادر على أن يختتم مسيرته بتألق مماثل؟ أليس من ترك بصمته مع باريس سان جرمان ومانشستر يونايتد ثم لوس أنجلس غلاكسي الأميركي بقادر على استثمار كل هذه التجارب الناجحة كي يعيد الهيبة المفقودة صلب الميلان؟ أليس من خبر جيّدا ملاعب إيطاليا ونجح بشكل باهر مع اليوفي والإنتر وكذلك الميلان، يملك كل المقومات التي تقوده إلى مواصلة هذا النجاح حتى وإن بلغ من العمر عتيّا؟ إبراهيموفيتش هذا اللاعب الألمعي يملك في اسمه ورصيده ما يجعل وجوده مجددا مع الفريق كافيا كي يساهم في بث بذور الثقة المهزوزة، حتى وإن لم يكن قادرا على الركض طيلة ردهات المباراة. فمن يحظى بالموهبة والحس التهديفي وقوة الشخصية ويملك السلطة المعنوية يحق له أن يكون الأسد والسلطان، وهكذا كان دوما زلاتان. اليوم، وتحديدا بدءا من 2 يناير القادم، سيحق للميلان أن ينزع رداء الخجل ويفخر أيضا بوجود لاعب "أسطورة" بقيمة السلطان زلاتان في كلماته وتصريحاته النارية والمستفزة دوما “أسلحة” أخرى خفية، لديه من العتاد والثقة الكبيرة في النفس ما يساعده على تقديم الإضافة وقيادة الميلان إلى تحسين نتائجه وتمركزه وسط “وجهاء” الدوري الإيطالي. الأكثر من ذلك أن الميلان وعكس بقية الفرق الكبرى الأخرى في إيطاليا، لا يملك اليوم في صفوفه لاعبا يملك صفات القيادة والريادة والنجومية المطلقة وقوة الشخصية. ففي الوقت الذي يزهو خلاله “اليوفي” بوجود النجم الكبير كريستيانو رونالدو، ويفتخر الإنتر بضمه المهاجم الهداف روميلو لوكاكو، بدا الميلان تائها ومستكينا وخجولا أيضا لأن كتيبته ينقصها لاعب برتبة قائد، لاعب يملك صفات نجومه السابقين الذين صنعوا مجده في حقبة التسعينات. أما اليوم، وتحديدا بدءا من 2 يناير القادم، سيحق للميلان أن ينزع رداء الخجل ويفخر أيضا بوجود لاعب “أسطورة” بقيمة السلطان زلاتان. هذا السلطان تعاقد مع الميلان لفترة وجيزة قد تمتد لموسم آخر، لكنها فترة ستكون بلا شك حاسمة في تاريخ النادي، فالفريق بحاجة ماسة لزيادة منسوب الثقة، واستعادة القليل من ثوابته، هو كمن فقد كلّيا “مخالبه وأنيابه”، ولا سبيل للخلاص إلا بعودة أسد حتى وإن أصابته عوارض الشيخوخة. قوته وجبروته وإصراره صفات تبدو كافية كي ينجح في تجربته الجديدة مع الميلان مثلما نجح في تجربته الأولى في صفوف هذا الفريق في الفترة الممتدة من 2010 إلى 2012. ربما لن يكون بمقدور النجم الأسطوري للسويد تسجيل عدد هائل من الأهداف مثلما كان يفعل في السابق، ربما لن يجرأ على الإتيان بتصرفات مبهرة والقيام بحركات أكروباتية خرافية مثل السابق، لكنه رغم ذلك سيضطلع بدور القائد المنقذ، سيكون الأسد الذي هجر الغابة قبل أن يعود. ففي الغابة عندما يرحل الأسد ويختار تغيير مكان الصيد، تتوغل بقية الوحوش وتصبح أكثر قوة، لكن بمجرد عودة الأسد ترتعب بقية الضواري، على الأقل تحترم وجوده فتخشاه، هي تدرك جيدا أن الأسد قد يتقدم في السن وقد يمرض لكنه لا يموت. أما زلاتان فإنه سيحارب ويكافح كي لا يموت الأمل في الميلان، سيعمل على الردّ بكل قوة على المشكّكين، سيثبت أنه يبقى دوما قويا حتى في لحظات الضعف، فكبرياء الأسود وشموخها يجعلانها ترفض الخنوع.
مشاركة :