أخو العلم حي خالد بعد موته وأوصاله تحت التراب رميم جُبلت النفوس البشرية على التراحم، وعدّ محاسن وأعمال من غاب عنهم من الأحياء، ومن لهم دور مشرق في الحياة.. ومن علماء ومعلمين يُضيئون صدور الناشئة من فيض علومهم النافعة مُحببين لهم الجد والمثابرة كي يكونوا قدوة ولبنة صالحة في بناء مجتمعهم مُحذرين من قرناء السوء.. لقوة تأثيرهم، ولقد أجاد القائل ناصحاً: ولا تركن إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تُعدي وهذا يذكرنا بالشيخ الأستاذ الفاضل الناصح الذي قضى أول حياته العلمية في حقل التدريس..، ثم في سلك القضاء، الذي ولد في بلدة (رغبة) عام 1345هـ تقريباً وقد ترعرع في أكنافها بين أحضان والديه، وبين أخوته، ولِداتِه الذين قضى معهم أحلى أيام طفولته وصباه في مرحٍ ولهو في هاتيك البلاد مهوى رأسه (رغبة) واسعة الجوانب رحبة الفضاء الذي يعبقُ أريج تلك الرياض الخضراء من روائح النفل والورود في مواسم الربيع، التي تُبهج النفوس وتُؤنس الأبصار: مثل روضة (أم الشقوق) الشهيرة: يا روضة طالما أجنت لواحظنا ورداً جلاه الصّبا غضاً ونسرينا ثم بدأ دراسته في مدارس (الكتّاب) لتحفيظ القرآن الكريم، حتى حفظه وأتقنه عن ظهر قلب، ثم قرأ في مبادئ العلوم الشرعية واللغة العربية على يد مشايخ فضلاء..، ومن أولئك العلماء سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم، وعلى شقيقه فضيلة الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وعلى الشيخ علي الرومي، والزميل الشيخ دكتور صالح بن عبدالرحمن الأطرم، والشيخ منّاع القطان -تغمدهم المولى بواسع رحمته-، وعلى فضيلة الشيخ صالح الفوزان -حفظه المولى- وغيرهم من المعلمين الأفاضل..، أما الدراسة النظامية ففي معهد الرياض العلمي، مُواصلاً الدراسة حتى نال الشهادة العالية بكلية الشريعة بالرياض، بكل جدٍ ونشاط..، وكان جم التواضع محبوباً لدى زملائه ومعلميه لما يتمتع به من خلق كريم، وأدب جمّ رفيع: وأحسن أخلاق الفتى وأجلها تواضعه للناس وهو رفيع وبعد تخرجه من كلية الشريعة..، عُين مدرساً بالطائف فترة من الزمن، ثم انتقل إلى محافظة حريملاء مدرساً في المعهد العلمي، وقد تخرج على يديه أجيال من خيرة الشباب، وما زالوا يذكرونه بالخير والدعاء له: قم للمعلم وفيه التبجيلا وانفح هامه طيباً وتقبيلا ثم انتقل إلى مدينة الرياض، وقام بالتدريس في المعهد العلمي سنة كاملة، ثم جاء أمر إبّان رئاسة سماحة الشيخ عبدالله بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء -رحمه الله- بأن يعين الشيخ عبدالله بن مساعد بن قطيان السهلي قاضياً في مدينة «رنيه»التي تقع جنوب المملكة العربية السعودية، وكان ذلك في عهد الملك فيصل -رحمه الله- ثم انتقل إلى مدن... عُين فيها قاضياً حتى استقر قاضياً في محافظة حريملاء..، فقد خدم القضاء مدة ثلاثين عاماً حتى وصل إلى مرتبة (أ) وهي الدرجة الممتازة أعلى درجة في السلك القضائي، حميدة أيامه ولياليه، وكان إماماً لمدة عشرين سنة في المسجد الذي يقع في حلة القصمان قرب شارع المرقب بالرياض المسجد الذي يطلق عليه مسجد السّهلي، كما سعد بصحبة الملك فهد حيث طلبه لمرافقته للحج، وإمامته أثناء سفره، وذلك لمكانته لديه..، وكان لنا معه بعض الذكريات الجميلة وتبادل الزيارات في حريملاء إلى أن توفي فجراً يوم السبت الموافق 29- 1-1441هـ وعن عمر يناهز 95 عاماً قضاها لخدمة دينه تغمده المولى بواسع رحمته ومغفرته وألهم أبناءه وبناته ومحبيه الصبر والسلوان. هنيئاً له قد طاب حياً وميتاً فما كان محتاجاً لتطييب أكفاني
مشاركة :