الدوحة - الراية: لا تزال حركة النزوح مستمرّة من قِبل سكان المناطق تجاه الحدودية السورية - التركية هرباً من جحيم القصف الذي تشنه قوات النظام والميليشيات الموالية لهما، وبهذا الخصوص نشرت صحيفة «الديلي تليغراف» البريطانية، تقريراً عن مخيمات اللاجئين السوريين، مبينةً أنها أصبحت مكتظة ويعاني سكانها ظروفاً بالغة القسوة. وقالت مراسلة الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط جوزي إينسور في تقريرها، إن هناك أكثر من 235 ألف شخص هجروا منازلهم في إدلب خلال الأسابيع القليلة الماضية. وذكرت أن سبب التهجير هو القصف العنيف من المقاتلات الروسية الموالية لنظام الأسد. وأشارت المراسلة إلى أن السوريين المهجَّرين يحتمي أغلبهم وسط أشجار الزيتون شمال غربي المدينة، لافتةً النظر إلى أن كل شجرة تحوّلت إلى خيمة؛ بعدما عجزت مخيمات الإيواء بطول الحدود التركية عن استيعابهم، بسبب اكتظاظها. وأضافت المراسلة في تقريرها، إن أغلب سكان المحافظة من الفارّين من مناطق أخرى مثل حلب، بعد سقوطها بين أيدي النظام بشكل مشابه، ويُشكلون الأغلبية العظمى من بين سكانها الذين وصل عددهم إلى أكثر من 3.5 مليون شخص. وتشير إينسور إلى أن ذلك يحدث في الوقت الذي حذَّر فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أوروبا «من موجة نزوح جديدة للمهاجرين، بسبب تنكُّر أوروبا للشعب السوري». وتابعت تقول إن عدد القتلى نتيجة القصف، المستمر منذ أبريل الماضي، يصل إلى نحو 5300 قتيل، بينهم أكثر من 246 طفلاً. فضلاً عن هذا تشير إلى أن 47 عيادة ومستشفى تعرضت ل65 غارة جوية وصاروخية خلال الفترة نفسها، حسب إحصاءات الجمعية الطبية السورية - الأمريكيّة. ومن جانب آخر، حملت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها أمس الأول كلاً من رئيس النظام السوري بشار الأسد، وحلفاءه بالتسبب في المعاناة الأخيرة للسوريين. وقالت الصحيفة إن “الديكتاتور السوري وحلفاءه مارسوا سياسة دموية واستراتيجية منظمة للسيطرة على مناطق المعارضة من خلال قصف المستشفيات والمدارس والأسواق. وعندما واجهوا ضغوطاً دوليّة وافقوا على شكل من أشكال وقف إطلاق النار. ليعودوا مرة أخرى وبعد توقف أشهر لنفس الإستراتيجية. ومن هنا عاد النظام السوري وحلفاؤه الروس إلى قصف محافظة إدلب، شمال سوريا ودفع آلاف المدنيين للهروب من صوب الحدود مع تركيا”. وأضافت الصحيفة إن “الهجوم هو استئناف للحملة العسكرية التي بدأت في أبريل وأدّت إلى تشريد 500 ألف شخص قبل التوصّل إلى وقف إطلاق النار في آب”. وتحذّر المنظمات الإنسانية من تضاعف أعداد النازحين بحيث سيترك آلاف منهم يعيشون في ظروف البرد القاسية. وقالت الصحيفة إن إدلب مشكلة معقدة للدول الغربية وتركيا، لا سيما أن الأخيرة يعيش فيها ثلاثة ملايين نسمة بمن فيهم آلاف اللاجئين الذين فرّوا إليها من مناطق سوريّة أخرى. وحذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة له سوريا وحلفاءها من مواصلة قتل المدنيين في منطقة إدلب. وكما برز في تغريدة ترامب، فإن تركيا تقوم بجهد كبير لوقف هذه المذبحة. ولدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الفرصة الكبيرة لمنع الكارثة الإنسانية، ويبدو أنه يسعى بجد للقيام بذلك، حيث ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدداً من العربات العسكرية التركية اجتازت الحدود التركية إلى سوريا. والجدير بالذكر أن الكونغرس أقر قانوناً جديداً يعاقب حكومة النظام السوري وكل من يتعامل معها، وعلى المشرّعين التأكّد من تطبيق هذا القانون كما تقول الصحيفة. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سيطرة الفصائل المعارضة على المحافظة بالكامل في عام 2015، تصعّد قوات النظام بدعم من حلفائها، قصفها للمحافظة أو تشن هجمات بريّة تحقق فيها تقدماً، وتنتهي عادة بالتوصّل إلى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا. وسيطرت قوات النظام، خلال هجوم استمر أربعة أشهر وانتهى بهدنة في نهاية أغسطس، على مناطق واسعة في ريف المحافظة الجنوبي، أبرزها بلدة خان شيخون الواقعة على الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق. وحققت قوات النظام تقدماً ملحوظاً خلال الأيام الماضية، بسيطرتها على عشرات القرى والبلدات في الريف الجنوبي، كما حاصرت نقطة مراقبة تركية شرقي معرة النعمان. وقال محمد حلاج، مدير جمعية «منسقي الاستجابة المدنية في الشمال السوري» المعنيَّة بجمع البيانات عن النازحين، إن عدد النازحين من قرى ومناطق إدلب بلغ 47 ألفاً خلال ثلاثة أيام فقط؛ من جرّاء التصعيد العسكري الأخير في محافظة إدلب.
مشاركة :