أدان خبراء ومسؤولون في سوريا، عمليات الاحتلال التركي للشمال الشرقي السوري بإعادة توطين السكان هناك، مؤكدين أن ما تقوم به تركيا من عمليات تهجير وإعادة توطين في شرق الفرات هو ممارسات أخطر من الاحتلال، فيما أعلنت تركيا، أمس، أنها لن تنسحب من نقاط مراقبة تحتلها في محافظة إدلب. واعتبر كمال عاكف، المتحدث باسم دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال سوريا، الإجراءات التي تتخذها تركيا والمرتزقة التابعة لها أعمالاً منافية للقانون الدولي وحقوق الإنسان والميثاق الدولي المتعلق بالتهجير القسري للأهالي من بلدانهم الأصيلة، موضحاً أن تركيا مارست التهجير القسري أيضاً قبل عامين في منطقة عفرين بتهجير السكان الأصليين الذي كان يشكل الأكراد نسبة 95 في المئة منهم، وأصبحوا الآن 20 في المئة. وشدد عاكف لـ «الاتحاد» على أن المناطق السورية المحتلة، خصوصاً رأس العين وتل أبيض، تشهد محاولات تركية لتوطين سكان غرباء عن هذه المنطقة وأيضاً عوائل من الأجانب لا يحملون جنسية سورية، وهؤلاء الذين فروا إلى تركيا أثناء الحملة العسكرية من قوات سوريا الديمقراطية على تنظيم «داعش» الإرهابي، خاصة في مناطق الرقة ومنبج وتل أبيض من 2015 حتى مارس 2019. وأكد المسؤول في الإدارة الذاتية أن هذه الممارسات مرفوضة، مناشداً الأمم المتحدة والدول الفاعلة في سوريا بوقف عمليات التغيير الديموغرافي في شمال سوريا، لأن هذه الممارسات تهدد وجود المكونات الأصيلة، وهي خطوة أخطر بكثير من الاحتلال. وبحسب مصادر ميدانية، بدأت تركيا في توطين مئات الآلاف من اللاجئين في الشمال السوري، بينما تقوم الميليشيات السورية التابعة لتركيا بمصادرة الممتلكات وتنفيذ تفجيرات لترهيب المدنيين في تل أبيض ورأس العين، وفقاً للخطة التركية التي تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية وتوطين عائلات الغوطة الشرقية بدلاً منهم. ومن جانبه، قال نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات في سوريا: «إن ما يجري الآن على مسمع ومرأى العالم هو أن الحكومة التركية تحتل مساحة شاسعة من الأراضي السورية وتسعى لاحتلال المزيد، وهو ما أدى إلى نزوح أكثر من 200 ألف فقط في منطقة رأس العين من العرب والأكراد والشيشان والأرمن وغيرهم». وشدد المحلل السوري لـ «الاتحاد» على أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال في حرب لم تنتهِ ضد «داعش»، وستواصل تركيا هذه الحملة ما لم يضع العالم حداً لها. وأوضح أنور المشرف، عضو الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أن تركيا تستغل قضية اللاجئين السوريين لكسب الأموال في صورة «مساعدات» أوروبية لها لمنع عبور اللاجئين إلى أوروبا، فيما احتلت أراضي أطلقت عليها «منطقة عازلة»، ورغم ذلك، ترفع عليها العلم التركي. إلى ذلك، أعلنت تركيا، أمس، أنها لن تنسحب من نقاط مراقبة تحتلها في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، حيث كثّفت قوات الحكومة السورية، بدعم من الطيران الروسي الضربات منذ 16 ديسمبر. ويحتل الجيش التركي في 12 نقطة مراقبة في إدلب بموجب اتفاق تم التوصل إليه في سبتمبر 2018 بين موسكو وأنقرة. ويهدف هذا الاتفاق إلى تجنيب المنطقة عملية عسكرية لقوات الحكومة السورية. وطوقت قوات النظام السوري في 23 ديسمبر إحدى نقاط المراقبة التركية، بعدما تمكنت من استعادة السيطرة على مناطق في المحافظة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
مشاركة :