أجواء رمادية تخيم على سماء «قوس قُزح»

  • 10/26/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حين سعت مجموعة ويب هِلب الفرنسية للعثور على وجهة لمركز اتصالات باللغة الإنجليزية، نظرت أولاً في مواقع من قبيل الفلبين والهند. لكنها قررت في النهاية اختيار جنوب إفريقيا، ولديها خطط لخلق ألف وظيفة هناك، في بلد ذي حاجة ماسة إليها إذ يعاني معدل بطالة بنسبة 25 في المائة. يقول ديفيد تيرنز، الرئيس التنفيذي لشركة ويب هِلب: تفوقت جنوب إفريقيا تفوقاً كبيراً على الفلبين والهند. قبل بضع سنوات، كان يمكن للخطط المعلنة أن تمضي دون أن يلاحظها أحد، وسط الاستثمارات الكبيرة في قطاعات تمتد من التصنيع إلى التعدين. لكن جنوب إفريقيا في هذه الأيام تعاني معترك اجتذاب صفقات كبيرة جديدة، بفضل النمو الاقتصادي الفاتر، إلى جانب تضرر الصورة الاستثمارية. تبلغ قيمة استثمار شركة ويب هِلب 20 مليون دولار، وسيمتد إلى طوال خمس سنوات، وسيقدم تعزيزاً لبارفين جوردهان، وزير المالية في الوقت الذي يقدم فيه بيان الميزانية النصفية، ساعياً لإثبات أن الاقتصاد يسير على الطريق المرسوم. مشكلته هي أن مشاكل العلاقات العمالية وجوانب اللبس التنظيمي تعمل على الإضرار بالمشاعر الاستثمارية لدى الأجانب، في وقت تسعى فيه إفريقيا إلى لفت وجلب انتباه المستثمرين. في السنة الماضية هبط تدفق الاستثمار المباشر الأجنبي إلى جنوب إفريقيا بنسبة 24 في المائة ليصل إلى 4.6 مليار دولار. من جانب آخر، ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى إفريقيا ككل بنسبة 5 في المائة خلال الفترة نفسها، وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية الأونكتاد. على هذه الخلفية، من المتوقع أن يعدِّل جوردهان إلى الأدنى تقديراته للنمو لهذا العام والعام المقبل. وقد توقع في شباط (فبراير) نسبة نمو مقدارها 2.7 في المائة عن السنة المالية 2013-2014، لكن من المتوقع أن تهبط هذه النسبة إلى نحو 2 في المائة. وقال جوردهام في مقابلة مع فاينانشيال تايمز، وهو يجادل بأن الاقتصاد اجتاز المراحل الصعبة: أعتقد أننا خرجنا من المنطقة الأسوأ. نسبة 2 في المائة أو أكثر من النمو، ستظل مع ذلك أفضل من أي شيء يمكن أن تحققه أوروبا. لكنه يقر كذلك بأن هناك حاجة إلى: إعادة إشعال النمو، مضيفاً: مشكلتنا الوحيدة هي أن لدينا عجزاً تاريخياً هائلاً من حيث خلق الوظائف وجوانب التباين الاجتماعي، وبالتالي نحن في حاجة إلى مستويات أعلى من النمو. يبدو الطريق أمام الاقتصاد في المرحلة المقبلة مليئاً بالمطبات. في الأسابيع الأخيرة، توسع العجز في الحساب الجاري وفي الميزان التجاري، ما أضاف الضغط في سبيل اجتذاب استثمارات مشابهة لاستثمار شركة ويب هِلب. لكن شركات الإنشاء والتعدين وصناعة السيارات تضررت بفعل الإضرابات، ما ينطوي على إمكانية تثبيط المستثمرين الأجانب على الرهان على أكبر اقتصاد في إفريقيا. في مراجعته السنوية لاقتصاد جنوب إفريقيا، يحذر صندوق النقد الدولي من أن المشاكل الهيكلية، التي تعرقل النمو وخلق الوظائف، برزت إلى المقدمة. وقال التقرير: كان أداء الاقتصاد أدنى من أداء الأسواق الناشئة والبلدان الأخرى المصدرة للسلع، ما عمق من المستويات العالية أصلاً من البطالة والتباين الاجتماعي في جنوب إفريقيا، وساهم في تصاعد التوترات الاجتماعية. وفي تحذير مباشر إلى بريتوريا من أن الحكومة بحاجة إلى اتخاذ إجراءات، يقول الصندوق: نتوقع أن تكون الآفاق هي استمرار النمو المتراخي، وارتفاع مستوى العجز في الحساب الجاري. وأضاف: يميل ميزان المخاطر بصورة قوية إلى الجانب السلبي. يشعر المحللون بالقلق من أن الحكومة ستعاني في سبيل السيطرة على العجز في الحساب الجاري، الذي توسع إلى 6.5 في المائة من الناتج المجلي الإجمالي في الربع الثاني، بمجرد أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الانسحاب التدريجي من برنامجه لشراء الأصول. تم تمويل العجز جزئياً بالمحافظ الداخلة، والتي يمكن أن تتأثر بالانسحاب التدريجي الأمريكي. وكان الراند قد علِق سابقاً في جيشان عملات الأسواق الناشئة الذي وقع في الأشهر الأخيرة، حيث هبطت تداولاته إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات مقابل الدولار. عمل ضعف العملة على تعزيز شركات التصنيع، لكن ذابت العوائد بسبب القلاقل الصناعية. على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن الإضراب الأخير في صناعة السيارات، الذي استمر لمدى سبعة أسابيع، كلف أكثر من 20 مليار راند (ملياري دولار) في الإيرادات الضائعة، وأدى إلى أن يخسر معمل BMW في جنوب إفريقيا عرضه لإنتاج موديل جديد. تقول نزميرا مولا، وهي اقتصادية ومحللة استراتيجية في شركة إنفستك لإدارة الأصول، إن الأولوية بالنسبة لجنوب إفريقيا هي: العثور على طريق لحل إشكالات العلاقات العمالية، وهذا أمر يسهل قوله ويصعب فعله. وقد تعقدت المشاكل بسبب فقدان الثقة بين الحكومة والشركات. وتضيف مولا: أنت بحاجة إلى فتح حوار وأنت في حاجة إلى أن تحمل مخاوف الشركات على محمل الجد، من جانب الحكومة والعكس بالعكس، لأن هناك إحساساً في الوقت الحاضر بين الشركات، بأن آراءها ومواقفها يتم تجاهلها. إذا تمكنتَ من حل هذه القضية، فهذا سيساعد بصورة هائلة في تحسين المناخ الاستثماري. يوضح استثمار شركة ويب هِلب أن البلاد لا تزال تتمتع بجاذبيتها، وأن بنيتها التحتية وقطاعها المالي هما حتى الآن الأكثر تطوراً في إفريقيا. يقول تيرنر إن مركز الاتصالات لم يتأثر بالمشاكل العمالية. ويقول: تشعر بالمخاوف في كل مكان تكون فيه في العالم، ونحن ننظر إلى جنوب إفريقيا على أنها بلد يمر بطور النمو. مع ذلك في الوقت الذي تقترب فيه البلاد من الذكرى السنوية العشرين لنهاية حكم الأقلية البيضاء، فإن العبء يقع على الحكومة لتحسين المناخ الاستثماري، والمساعدة في تعزيز معدلات النمو اللازمة للتصدي للضغوط الاجتماعية.

مشاركة :