قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، إن الكنيسة الكاثوليكية تهتم بالعائلة البشرية واحتياجاتها أيضا على الصعيدين الاجتماعي والمادي، ومع ذلك لا يسعى الكرسي الرسولي إلى التدخل في الشئون الداخلية للدول، بل يطمح لأن يُسمع صوته، لا سيما في القضايا المتعلقة بخير كل كائن بشري، بعدها سلط البابا الضوء على الحدث الذي طبع بداية الدبلوماسية الحديثة المتعددة الأطراف ألا وهو إنشاء عصبة الأمم مع التوقيع على معاهدة فيرساي لمائة سنة خلت، ما مهد الطريق أمام نشأة منظمة الأمم المتحدة في العام 1945.وشدد فرنسيس خلال كلمته التي ألقاها مع أعضاء السلك الدبلوماسي، بالفاتيكان، اليوم الإثنين، على ضرورة أن يستمر الحوار الصادق والبنّاء بين الدول، على الرغم من الصعوبات الراهنة والتي تتبين من خلال عجز الجماعة الدولية عن إيجاد حلول لبعض الصراعات المستمرة ومواجهة العديد من التحديات الراهنة، ولم تخل كلمة البابا من الإشارة إلى بروز بعض النزعات القومية والشعبوية، على غرار ما حصل بين الحربين العالميتين، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تُضعف تدريجيًا المنظومة المتعددة الأطراف وتُفقد الثقة وتولّد أزمة مصداقية على صعيد السياسة الدولية، وتهميشًا لبعض مكونات العائلة البشرية.تطرق البابا فرنسيس إلى أهمية العمل من أجل الدفاع عن الأشخاص الأكثر ضعفًا، لافتا إلى أن الكنيسة كانت وما تزال ملتزمة من أجل مساعدة المحتاجين، وأشار على سبيل المثال إلى المعونات المقدمة إلى أوكرانيا، لا سيما إلى السكان المنكوبين في شرق البلاد، مؤكدا أيضا أن الكنيسة تشجع الجميع على البحث عن دروب سلمية وضمان العدالة والشرعية، هذا ثم ذكر فرنسيس بضحايا الحروب التي يشهدها عالمنا اليوم، لاسيما في سورية، وقال: إني أوجه مرة جديدة نداء إلى الجماعة الدولية كي تعمل في سبيل حل سلمي للصراع. وطالب بوضع حد لانتهاكات القانون الإنساني، مشيرا أيضا إلى موجة النزوح الكبيرة وليدة الحرب السورية والتي أثّرت على الدول المجاورة لاسيما الأردن ولبنان البلدين اللذين استقبلا أعدادا هائلة من النازحين بروح الأخوّة، ما تطلب تضحيات جمة، على أمل أن يعود هؤلاء النازحون إلى ديارهم عندما تتوفر الظروف الملائمة.وتناول البابا الأوضاع التي يعاني منها المسيحيون في الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة أن ينعم المسيحيون بمستقبل في المنطقة، وحثّ السلطات على ضمان أمن وسلامة المسيحيين كي يستمر هؤلاء في العيش بأوطانهم ليكونوا فيها مواطنين بكل معنى الكلمة. ولم تخل كلمة البابا من الإشارة إلى التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في مختلف مناطق الشرق الأوسط. ثم انتقل البابا إلى الحديث عن الخطوات المهمة التي تم تحقيقها على الصعيد العالمي فيما يتعلق بجهود السلام، فأشار إلى الاتفاق السلمي الذي وُقع بين أثيوبيا وإريتريا، فضلا عن الاتفاق بين قادة جنوب السودان الذي شكل بصيص أمل بالنسبة للقارة الأفريقية برمتها، وقال إنه يتابع باهتمام التطورات الراهنة في جمهورية الكونغو الديمقراطية معربا عن أمله بأن يجد هذا البلد المصالحة ويسير في درب النمو، وعبّر أيضا عن قربه من السكان المتألمين في مالي، النيجر، نيجيريا والكاميرون، تابع البابا معربا عن أمنيته باستئناف الحوار السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من أجل التوصل إلى اتفاق يأخذ في عين الاعتبار التطلعات المشروعة للشعبين.
مشاركة :