الرق ومِلْك اليَمين... و «داعش» | متفرقات

  • 5/24/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يخرج الإنسان إلى الوجود، وهو يعاني بالضرورة من الأسر والتبعية لمن حوله. فأفكاره الدينية التي لا تتجاوز حدود ما علمه والداه، وعاداته وقيمه التي ينطلق منها، والتي لا تتخطى ذلك الجدار البسيط الذي وجد فيه من العدم. لكن هذه ليس مشكلة في حدّ ذاتها، المشكلة تكمن حين يدافع وبقوة عن هذه الأشياء التي لم يصل إليها بجهده وبتفكيره، إنما هي مجرد أفكار أرضعها في صغره... جاءت هكذا اتفاقا. ما أريد التحدث عنه ليست التبعية أو العبودية الفكرية، التي نعاني منها كلنا، وهي بحد ذاتها تحتاج لمراجعات طويلة ومحاكمات لكل تلك الأفكار والقناعات التي نصدر عنها، والتي تأخذ صورة قدسية لا تحتمل الخطأ، والتي تفقدنا حريتنا لحد كبير. ما أريد التحدث عنه ليس العبودية للأفكار والقناعات، بل عبودية الذات أو ما يسمى بالرق والاسترقاق، امتلاك إنسان لذات إنسان آخر امتلاكا أبديا، يمنحه مطلق الصلاحية في التصرف في ذاته، بمعنى أن تجعل الإنسان شيئا، كالساعة والسيارة مثلا، فتشتريه، ويكون لك، ثم ربما تهديه لصديق تحبه، أو تعيره لآخر! الاسترقاق مشكلة اجتماعية أخلاقية قديمة، تتجلى فيها بشاعة الإنسان ونزواته التدميرية والسلطوية للآخر، بسلبه حريته ووجوده. وبالمناسبة، حرية الإنسان ليست مجرد حق يناله الإنسان، بل هي أمر مغروس في وجود الإنسان وماهيته كإنسان، فكون الإنسان إنسانا، يعني أن له رأسا وقدمين... وكذلك أن له حريته. نعم، الاسترقاق مشكلة قديمة جدا في تاريخ البشرية، فمن الحضارة الفرعونية إلى الإمبراطورية الرومانية، مرورا بالإسلام، إلى بدايات العصور الوسطى، لكن مع ذلك كله فقد تجاوزتها الإنسانية، منذ ثلاثة قرون تقريبا، ومنعتها وجرمتها، ووصمتها بأنها ممارسات لا إنسانية، فصارت تلاحق تجار أسواق النخاسة، وتصادر سفنهم، وتسجنهم. فهي إذاً مشكلة في التاريخ الإنساني، لكن تجاوزها الإنسان، والغريب أننا ما زلنا نرى من يحاول بعثها، وإعادتها من جديد، خصوصا ما يسمى بملك اليمين، أو استعباد المرأة، والاستمتاع بجسدها غصبا، الذي لا يؤشر إلا إلى شخصيات تعاني من هوس جنسي. وبالتأكيد، سهل جدا أن يغلفونه ويلصقونه بالدين، لمصالحهم الحيوانية. وملك اليمين الذي يمارسه الدواعش لا يتعدى كونه اغتصابا للمرأة، بل أشد، فهو اغتصاب باسم الله، ومباركة الله، (الله) بصورتهم المخفضة والمشوهة، لا (الله) الرحمن الرحيم. فهؤلاء لم يتوقفوا عند قطع الرؤوس بالتكبير، بل اغتصاب النساء بالتكبير كذلك، فباسم الله تستحل الأعراض وأرواح البشر. m_hersi@live.com

مشاركة :