«يسّر الله لجنود الدولة الاسلامية المجاهدين بتمكّنهم من قتل القائد أمين الله مع اثنين من مساعديه، وهما القائد عبد الرحمن كوشي والقائد عبد الله محافظ». وبهذا لم يعلن ابراهيم عواد السامرائي البغدادي، زعيم التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم «الدولة الاسلامية» (المعروف باسم داعش) الحرب على القوات الأميركية وحلفائها من قوات الحلف الشمالي الاطلسي، بل اعلن الحرب على «طالبان» وزفّ بافتخار وسرور قتل ثلاثة من القادة الذين لم تستطع الولايات المتحدة قتلهم وشهدت لهم افغانستان بقتالهم ضمن الحركات الجهادية وهم ليسوا من صحوات العراق ولا «الرافضة» (شيعة) بل هم قادة صعدوا من معسكر الفاروق الذي تخرّج منه اسامة بن لادن وايمن الظواهري وعبدلله عزام وكانوا من القادة الذين عُينوا على محافظات «سبين عز» و«نازيان» و«دور بابا» من قبل «الدولة الاسلامية» التابعة للملا عمر، حسب بيان تنظيم «داعش» الذي يكشف من دون حياء ان هدفه الحقيقي هو «سلطة الدولة الاسلامية» وبسط الخلافة فوق أجساد المسلمين وليس على منهاج النبوة كما يدّعي هذا التنظيم. ففي سورية وحدها، قتل «داعش» 2157 مدنياً سنياً و2911 سنياً من «القاعدة» وعشائر الشعيطات والتنظيمات السورية المعارِضة للنظام الحالي، حسب ما نشره أحد الاعلاميين المتابعين لنشاط «داعش» العسكري، وقتل الآلاف من سنّة الأنبار من عشائر الدليمي والبونمر والبوفهد والجبوري وغيرهم، وهو يقاتل «القاعدة» اليوم في القلمون بينما يقاتل «حزب الله» والنظام السوري في القمم والجرود الصعبة، ويقاتل «الجيش السوري الحر» في درعا على الحدود السورية - الاسرائيلية لان هدفه هو «العدو القريب». والظاهر أن «داعش» غفل عن اضافة كلمة المسلم لتصبح مقاتلة «العدو القريب المسلم» كإحدى أولوياته الأولى بعد بسط السلطة والنفوذ على مساحات جغرافية شاسعة ليتلقى الثناء والدعم من عشرات آلاف الآسيويين وغيرهم من الشباب احداث السنان المناصرين له على مواقع التواصل الاجتماعي والذين لا يتعدى علمهم الديني بالاسلام حدود كلمات قليلة تعلموها مثل «مرتد، منافق، كافر، مشرك، خارجي، طاغوت، مرجئي، سروري، جميل، أخونجي» وغيرها من مفردات الاتهام التي يطلقها هؤلاء من مناصري «الدولة» ليس فقط على كل مَن ينتقدها بل تكال الإهانات لتطول شيوخ «الجهاد» الاوائل من دون ان يسلم اسامة بن لادن والظواهري من التكفير (انظر الى ايمن الظواهري والقاعدة – المقاتلون على مفرق الطريق في مسائل التوحيد لأبو حمزة الأفغاني ص 29) والمسائل الشرعية وكذلك ابو محمد المقدسي الذي اعتُبر منظر الجهاد السلفي وتخرّج من بين يديه ابو مصعب الزرقاوي وأكثر قادة داعش اليوم - ما عدا البعثيين السابقين منهم - فهو يهان من مناصري «داعش» لأنه لم يدعم اعلان «الدولة الاسلامية» في هذا التوقيت والظروف غير الملائمة لإعلان «الخلافة الإسلامية» التي لم يأت بها البغدادي بل وجدت في صلب مشروع «الاخوان المسلمين» من حسن البنا الى سيد قطب الى اسامة بن لادن ويحلم بها كل مسلم ضمن شروط التعايش السلمي والامان والازدهار والعلاقات الطيبة مع دول الجوار ومعاهدات الأمان التي اعطاها الرسول الاكرم للعيسويين والموسويين ولم يذبح المسلمين عبر الاعلام ويلعب بالرؤوس المقطعة ويمثل بالأعداء. فصحيح ان «داعش» تسجل انتصارات تكتيكية في العراق الا انها تقاتل وتدمّر وتهجّر السنّة في الأنبار ويعيش تحت كنفها المسلمون في ظل القصف والخوف باستمرار، وهي تربح معركة اليوم لتخسر اخرى غداً، وهي لا تقدم اي مستقبل لمَن يلتحق بها سوى الحرب المتواصلة، لان هذا التنظيم اعلن حربه على جميع مَن يخالفه لكنه لا يستطيع حماية امرأة من الخطف، كما حصل في العملية العسكرية الأميركية في دير الزور حيث حطت في قلب «الدولة» المروحيات التابعة لوحدة دالتا الخاصة لتقتل الوالي أبو سياف وتأسر زوجته وتعيد الحرية لامرأة عراقية ايزيدية كان قد اتخذها جارية له وتقتل العشرات. الا ان المعركة التي يعتقد أنه يديرها هذا التنظيم ببراعة فهي على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فهنيئاً له هذه الغنيمة الالكترونية التي تصوّر اليوم المسلمين بأبشع صورة ليصبح كل موحّد مذنبا الى ان يثبت العكس.
مشاركة :