تكنولوجيا الغد .. الزجاج مستودع لتخزين البيانات

  • 12/31/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على مدى العقد الماضي أصبح الوثوق بسحابة شركات التكنولوجيا الكبرى وإيداع صورنا وملفاتنا فيها جزءا من الحياة اليومية، بالكاد يتعين علينا التفكير فيه. خدمات مثل "دروبوكس" Dropbox و"آي كلاود" iCloud و"جوجل فوتوس" Google Photos تنقل البيانات بصمت من هواتفنا إلى الأثير. لكن الحفاظ على مراكز البيانات التي تخزن كل هذه المعلومات يحتاج إلى جهود كبيرة. إضافة إلى بناء هذه المرافق الضخمة وتشغيلها وتبريدها، تتطلب الوسائط المادية التي يتم تخزين البيانات فيها اهتماما مستمرا. عادة ما يلزم استبدال محرك الأقراص الثابتة، على غرار محرك الأقراص الموجود على جهاز كمبيوتر سطح المكتب، كل ثلاثة إلى خمسة أعوام، في حين أن الشريط - الذي لا يزال يستخدم على نطاق واسع لتخزين مواد الأرشيف ويستغرق وقتا أطول بكثير للنسخ - يمكن أن يتحلل خلال بضعة أعوام. مع إضافة سعة تخزينية إضافية في كل وقت، تصبح صيانة كل هذا التخزين عبئا متزايدا على مزودي الحوسبة السحابية. تتحدث شركة مايكروسوفت الآن عن تقدم كبير في شكل تخزين جديد تماما: الزجاج. على عكس الشريط أو القرص الصلب، يمكن أن يستمر التخزين في الزجاج لمئات أو آلاف السنين. فهو لا يتحلل ومقاوم لفساد البيانات - المعروف باسم "تعفن البت" - بسبب الحرارة أو الفيضانات، أو حتى التوهج الشمسي الذي يمكن أن يؤثر في بعض الأحيان في التخزين المغناطيسي. مشروع "سيليكا" Silica، الذي طورته شركة مايكروسوفت للأبحاث في كامبريدج بالشراكة مع جامعة ساوثهامبتون، هو محاولة عمرها ثلاثة أعوام لتطوير التخزين لمتطلبات الحوسبة السحابية، بدلا من الأجهزة الشخصية. قال آنت روسترون، الباحث الرئيسي ونائب مدير المختبر في شركة مايكروسوفت للأبحاث في كامبريدج: "إذا بدأنا من نقطة الصفر ووجدنا شيئا مناسبا للسحابة (...) يمكنك التفكير في كل شيء على نطاق مختلف تماما. استنتجنا أننا فعلنا كل ما بوسعنا من خلال رفوف (الخادم) الحالية ووسائط التخزين الحالية". في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، عرضت شركتا "مايكروسوفت" و"وارنر براذرز" مشروع "سيليكا" من خلال تخزين فيلم "سوبرمان"، إنتاج عام 1978، على لوح زجاجي أبعاده 7.5 في 7.5 سنتمتر - أصغر بكثير من شرائط أفلام السليلويد التي يحتفظ بها الاستوديو في الأرشيف اليوم. أجرت شركة مايكروسوفت أيضا اختبارا من خلال وضع قاعدة برنامج نظام التشغيل "ويندوز 10" على قطعة من زجاج الكوارتز أبعادها 2.5 في 2.5 سنتمتر. هذه التكنولوجيا بدأت تصبح ممكنة اليوم فقط بفضل تحسينات في الأشعة تحت الحمراء. ما يسمى ليزر الـ"فيمتوثانية" femtosecond، على غرار الليزز المستخدم في جراحة العيون، أسرع بكثير وأكثر دقة. إذا كان نبض الليزر كبيرا وقويا أكثر من اللازم، فقد يؤدي إلى تشقق الزجاج. تعمل تكنولوجيا مشروع "سيليكا" على بناء عشرات الطبقات من البيانات في الزجاج على وحدات voxels - على غرار البكسل الثلاثي الأبعاد. شبهها روسترون بجبال جليدية تجلس داخل الزجاج نفسه. تتم "قراءة" البيانات من خلال تسليط الضوء، في مجموعة متنوعة من عمليات الاستقطاب، من خلال الزجاج. خوارزميات تعلم الآلة يمكن أن تجعل هذه العملية العثور على البيانات الصحيحة أسرع بكثير من التخزين عبر لفائف الشرائط. لا تزال هناك عوائق تحول دون توسيع نطاق التكنولوجيا إلى المستوى الواسع للسحابة. يمكن كتابة كل قطعة من الزجاج مرة واحدة فقط، لذلك لا يمكن إعادة استخدام هذا الشكل مثل محركات الأقراص الصلبة. كما أنها عملية بطيئة. أوضح روسترون أن إدخال فيلم واحد طوله ساعتان، مثل سوبرمان، في الزجاج قد يستغرق عدة أيام. أضاف: "لكن قبل ثلاثة أعوام كان الأمر سيستغرق شهورا إلى سنوات. الآن بعد أن أصبحنا نفهمها، من السهل التفكير في كيفية تسريعها". كما أنها أغلى بكثير من أنظمة التخزين الحالية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تكلفة أشعة الليزر. ومع أن كثافة التخزين لا تزال منخفضة اليوم، يعتقد الباحثون في ساوثامبتون أن قطعة من الزجاج بحجم قرص DVD يمكن أن تحتوي في النهاية على 360 تيرابايت من المعلومات. لكن على الرغم من هشاشة الزجاج، يبدو أن روسترون واثق من أن "سيليكا" سيتحول في نهاية المطاف إلى شكل جديد دائم من التخزين في السنوات المقبلة. قد يؤدي الافتقار إلى الحساسية للتأثيرات البيئية إلى جعل مراكز البيانات أقل كثافة في استخدام الموارد، من خلال تخفيض متطلبات التبريد والطاقة التي تجعل الحوسبة السحابية اليوم جزءا مهما من الأثر البيئي لصناعة التكنولوجيا. قال روسترون: "لتدمير البيانات، يجب أن يطحن الزجاج على شكل مسحوق أو يذوب عند درجة حرارة 1400 مئوية. إذا تم تقسيمه إلى شظايا، ستظل البيانات داخله".

مشاركة :