مشتقات نفطية مهربة تباع في وضح النهار

  • 5/24/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تقف الشاحنات المحملة بالديزل المهرب في الصباح بإحدى المناطق الصناعية، وهناك من ينتظرها من التجار والمستهلكين، فيما يمتد طابور الشاحنات لعدة أمتار، ينتظرون دورهم للحصول على حاجتهم من الديزل بسعر يقل كثيراً عن مثيله في الأسواق، وتتم عملية البيع بسهولة ويسر عن طريق السماسرة والوسطاء الذين يقومون ببيع الديزل إلى المستهلكين وأغلبهم من الجنسيات الآسيوية مستفيدين من فارق السعر. الخليج اخترقت دائرة السماسرة، والبائعين، وتواصلت مع أحد الوسطاء، الذي كشف أن الديزل يأتي من إحدى الدول الخليجية المجاورة عن طريق سائقي الشاحنات والتجار، تأكيداً منه على جودة ما يبيعه، مشدداً على أنه ليس مواد كيميائية ضارة بالسيارات، وأوضح أن عمليات البيع تتم في الصباح ونادراً ما تبقى أي كمية حتى المساء، نظرا لكثرة قبول المشترين عليه، وبالتالي فإن أردتم أية كمية عليكم بالتواجد مبكرين. وأشار أحد العاملين مع بائعي الديزل إلى أن أفضل ساعات البيع وتوافر الديزل هي ساعات الصباح، وقال تنتهي عملية البيع خلال 3 إلى 5 ساعات كحد أقصى نظرا لكثره الزبائن. وأضاف ساعات المساء غالبا يتم تخصيصها للترتيب والتنظيم والاستعداد لليوم التالي، بالإضافة إلى جرد الحساب. وبينما لم يتسن لنا الحديث مع التجار الكبار القائمين على عمليات البيع، الذين يعرفون زبائنهم، ولديهم حذر شديد من لقاء أي شخص غريب، كشفت لقاءات متفرقة لالخليج مع بعض المستهلكين، أنهم يعرفون أن الديزل يأتي مهربًا من إحدى الدول المجاورة، وأن السعر فيها أرخص كثيراً من سعر الديزل في الإمارات، الأمر الذي جعل حركة الإقبال على شراء الديزل المهرب كبيرة وقوية، نظرًا لفارق السعر الكبير الذي يوفر لهم أكثر من 50%، بينما رفض بعضهم الإدلاء بأي معلومات إضافية عن طريقة لقائهم مع البائعين، أو معرفتهم بمكان البيع. وسائل التهريب وأكد مصدر مسؤول بالجمارك وجود ما يسمى بتهريب مشتقات نفطية بمسميات مختلفة عن طريق سائقي الشاحنات وتجار، وقال معلقًا: نظراً لمعرفتهم بفارق الأسعار بين الديزل في الإمارات وباقي الدول المجاورة، يبتكر بعضهم وسائل جديدة من أجل تهريب الديزل مستغلين فكرة السماح ببيع مشتقات نفطية أخرى مسموح بعبورها مثل زيت الهيدروليك أو زيت محروق أو زيت طعام وبعدها تتم عملية فصل كيميائية للزيوت عن الديزل ويتم بيعه، حيث يتم أخذ عينات وتحليلها في مختبرات، فإن زادت نسبة الديزل في التحليل تتم مصادرته ويعتبر تهريباً، وأوضح أن الإمارات تعتبر من أكثر الدول التي يتم التهريب إليها حيث يصل سعر الديزل والكيروسين فيها إلى ثمانية أضعاف سعره في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال. وتابعت الخليج رحلتها لمعرفة كيف يمكن للمهربين سائقي الشاحنات، إجراء عمليات كيميائية معقدة لإخفاء الديزل، حيث أكد الدكتور أحمد علي أستاذ الكيمياء بجامعة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية أن عملية فصل الزيوت المحترقة عن الديزل تتم عن طريق إضافة مادة كيميائية متاح شراؤها في كل دول العالم ويتم وضعها في الصهاريج المحملة بالديزل قبل عملية المرور من المنافذ الحدودية بساعات قليلة بالإضافة إلى إجراء عملية تقطير للزيوت حتى 120 درجة مئوية ثم زيادة الحرارة حتى 240 درجة مئوية، يضاف إليها أحد المركبات الكيميائية الذي يتحد مع الزيت فتتم عملية الفصل الكيميائية ليصبح زيت الهيدروليك المسموح بعبوره من ضمن المشتقات البترولية عالميًا. وقال إن بعض الطرق تم كشفها عالميًا من قبل المنافذ الحدودية، موضحًا أنه توجد وسائل عديدة متعارف عليها دوليًا في عملية تهريب الديزل وإعادة استخدام الزيوت، وأضاف بعض الطرق التي يلجأ إليها المهربون لا تحتاج إلى كيميائي. من جانبه، أكد محمد جودة، الخبير الأقتصادي بإحدى شركات النفط، أن عملية بيع الديزل المهرب تعتبر غشا وتزويرا وتحايلا على القانون ولا بد من محاربتها ووضع حد لها والتخلص منها نهائياً، مطالبا بوضع قانون رادع وعدم الاكتفاء بالمخالفة المادية فقط، نظرًا لمدى الخطورة والتأثير الذي يمكن أن تسببه عملية بيع الديزل المهرب في حال انتشار الظاهرة بشكل أوسع ما يمثل تهديدًا للاقتصاد. وفى إطار الجهود المبذلة للقضاء على الظاهرة كشفت بلدية الشارقة لالخليج عن ضبط نحو 45 شاحنة تبيع ديزلا مهربا خلال الفترة من بداية العام الماضي إلى شهر فبراير من العام الحالي، بالإضافة إلى تغريم أصحاب تلك الشاحنات، وفقاً لمخالفة نصها ممارسة نشاط تجاري من دون ترخيص، إذ وصلت قيمة المخالفة 20 ألف درهم للشاحنة الواحدة. وحذّرت البلدية مما وصفته سوق سوداء لبيع مشتقات النفط، إذ تجوب شوارع الإمارة شاحنات لبيع ديزل مهرّب بشكل عشوائي، بسعر أقل من أسعار محطات البترول المحلية، ويتم تبليغ زبائنهم عن طريق الاتصال بهم بشكل يومي لتحديد مكان البيع ولذلك يتم تكثيف حملات يومية بجميع المناطق الصناعية. وأكد عمر الشارجي، مساعد مدير بلدية الشارقة، أن معظم أصحاب هذه السيارات غير مختصين، وليسوا مؤهلين للتعامل مع تلك المواد، إضافة إلى جهلهم بمخاطر بيع تلك المواد الخطرة بهذه الطريقة غير المشروعة، خصوصاً مع انعدام اشتراطات الأمن والسلامة، وقد يعرض تلك السيارات للحريق، مشيرًا إلى أن أكثر المستفيدين من شراء الديزل هم سائقو سيارات شركات المقاولات، والمصانع، وشركات النقليات. وأكد إبراهيم الريس، رئيس قسم السلامة والتفتيش البلدي، ببلدية الشارقة، أن السيارات المخالفة التي يتم ضبطها تتم مصادرتها وتفرض غرامات على أصحابها، لافتاً إلى أن بلدية الشارقة تكثف حملاتها وتشن حملات بشكل عشوائي على كل الطرق، وتتحرك أيضاً وفق بلاغات ترد من بعض الأشخاص، إضافة إلى تنفيذ مفتشي البلدية حملات استطلاعية لمعرفة أماكن وجود تلك السيارات في إطار الإعداد لحملات المداهمة على مدار 24 ساعة. وقال إن البلدية تخالف البائع والمشتري أثناء عملية نقل الديزل، حيث تدخل العملية تحت مسمى تداول مواد خطرة في الأماكن العامة. وذكرت تقارير سابقة، أن مديري إدارات المرور في الدولة ضبطوا 87 سيارة محملة بمشتقات بترولية مهربة خلال العام 2013، موزعة بين ابوظبى ودبي والشارقة وعجمان، ما يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية صارمة وعدم الاكتفاء بالمخالفة المادية للقضاء على الظاهرة.

مشاركة :