ما بني على باطل فهو باطل.. هذا هو مصير الوضع السياسي الراهن في العراق، فالطبقة السياسية التي تحكم العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 حتى الآن أصلا تم اختيارها من قبل (واشنطن) و(طهران)، وأسهمت فيه بريطانيا ودول أوروبية أخرى بدعمها الأحزاب الطائفية التي كانت تسمى آنذاك (معارضة)، ولكنها في الحقيقة كانت أحزابا موالية لإيران وولاية الفقيه الإيراني.. وقد لعب الرئيس الأمريكي السابق (باراك أوباما) دورا كبيرا في إخضاع القرار السياسي العراقي لصالح النفوذ الايراني، بل وضعت هذه الاحزاب الموالية لإيران، وتحديدا (المالكي) عندما كان رئيسا للوزراء، الأرضية الطائفية التي انبثق منها تنظم (داعش) الارهابي، وتسهيلات (المالكي) لسيطرتهم على مدينة (الموصل)، بل وترك السلاح العراقي ليصل إليها الدواعش. صناعة (داعش) كانت طريقا للأحزاب الطائفية العراقية الموالية لإيران لتبرير انشاء فصائل (الحشد الشعبي) الموالية للمرشد الأعلى الإيراني (خامنئي) كجهاز عسكري موازٍ للجيش العراقي الوطني الرسمي.. وفي كل مرة تصدر توجيهات بحل (الحشد الشعبي) بعد القضاء على حكم (داعش) في الموصل كانت (إيران) هي التي ترفض حل فصائل (الحشد الشعبي) لأنها تعرف أنه جيشها الحقيقي في العراق، ويمكن استخدامه في أي وقت ضد (القوات الأمريكية) بالعراق وضد الدول العربية والخليجية المجاورة للعراق جغرافيا. وهكذا أصبح الصدام مباشرا بين هذه الفصائل المسلحة الموالية لإيران والقواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في العراق، وقد يزداد شراسة في المستقبل كلما أدركت (طهران) أن صناعة الرجل الذي سوف يتولى (رئاسة الحكومة) في بغداد سوف تخرج من يدها هذه المرة.. وخصوصا أنها تعودت على رؤساء حكومات كانوا يدينون (بالولاء السياسي والطائفي بالكامل). إذن فصائل (الحشد الشعبي) صنعتها إيران، وهي الآن تستخدمها ضد (القوات الأمريكية) في العراق.. ولن يكون مسرح الصراع سهلا للطرفين إلا بحل جميع المليشيات الطائفية المسلحة، واعتماد (الجيش الوطني العراقي) بأنه المؤسسة العسكرية الوحيدة التي بيدها السلاح كأي دولة متحضرة في العالم.
مشاركة :