الشراكات الفعالة والمجتمع عاملان أساسيان لتعزيز كفاءة الأمن الغذائي

  • 1/1/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل القدرة على مراعاة معايير الاستدامة عاملاً محورياً لنجاح مسيرة التنمية في جميع بلدان العالم، ويشير هذا في سياق الأمن الغذائي، إلى تمكين المواطنين وكل أفراد المجتمع من الحصول على القدر الكافي من الغذاء الآمن والصحي ذي القيمة الغذائية العالية بأسعار مناسبة في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات الطوارئ والأزمات، وذلك ليتسنى لهم عيش حياة مفعمة بالصحة والحيوية. ومن خلال مهمتي كوزيرة دولة للأمن الغذائي، تتمحور مسؤوليتي حول تمكين دولة الإمارات العربية المتحدة من توفير الغذاء بصورة مستدامة، على امتداد سلسلة القيمة الغذائية، بدءاً من مرحلة الإنتاج، وصولاً إلى المائدة داخل المنازل، وهو ما يؤدي بنا إلى تأمين الغذاء الكافي لتعداد سكان دولة الإمارات المتنامي، والذي يتوقع له أن يرتفع بنسبة 3% بصورة سنوية. وبالنظر إلى ظروف زراعة المحاصيل الصعبة في دولة الإمارات، بما في ذلك تراجع جودة التربة وتراجع مستويات المياه الجوفية وقلة الأراضي الصالحة للزراعة والمعدلات السنوية المنخفضة لهطول الأمطار، يمكن بسهولة معرفة أن هذه المهمة تنطوي على صعوبات تجعلها أقرب إلى التحديات. وبفضل القيادة الرشيدة التي تولي أهمية قصوى لبناء العلاقات الودية الوطيدة مع مختلف بلدان العالم، نجحت دولة الإمارات في تأسيس سلاسل واردات قوية تغطي 90% من إجمالي احتياجاتها الغذائية. وفي حين ساهمت هذه الجهود في حلولها بالمركز الـ 21 على مؤشر الأمن الغذائي العالمي مؤخراً، فإنه يعني أيضاً أنها ما زالت عرضة للاضطرابات التي قد تشهدها سلسلة التوريد العالمية. وسعياً إلى تحفيز الإنتاج المحلي المستدام والممكن بالتكنولوجيا في دولة الإمارات، عملت وزملائي على إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي» في نوفمبر 2018. ومن خلال محاورها المتعددة، تهدف الاستراتيجية إلى الارتقاء بدولة الإمارات إلى أفضل 10 دول في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول 2021، وإلى المركز الأول في المؤشر بحلول 2051. وقد أدركنا أثناء عملنا على إعداد الاستراتيجية، أن نجاحها مرهون بقدرتنا على بناء الشراكات الفعالة وتعزيز مشاركة المجتمع في هذه المهمة. واستدعى إطلاق الاستراتيجية، في غضون الأشهر الأولى، البحث عن شركاء مناسبين للمساهمة في تنفيذ مستهدفاتها على النحو الأمثل، وفق الخطة الموضوعة. فمن ضمن المحاور الرئيسية، تمكين الإنتاج الغذائي المحلي بالاستفادة من أحدث التقنيات، ونهدف من خلاله إلى رفع معدلات الإنتاج المحلي من المحاصيل بنسبة 30% بحلول عام 2021. بادرنا أولاً إلى إزالة المعوقات أمام تبني التقنيات في هذا القطاع الحيوي. وعلى هذا الصعيد، قمنا بالتواصل مع الأطراف المعنية من القطاع الخاص لإطلاق 10 مبادرات جديدة في غضون 100 يوم. وبعد إطلاق الاستراتيجية بنجاح، يولي فريق عملي جانباً أكبر من التركيز على تعزيز مشاركة المجتمع محلياً وعالمياً، في جهودنا الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي. ونتيجة لذلك، نسعى إلى تحويل أفراد مجتمعنا إلى شركاء في مسيرتنا نحو تحقيق أهدافنا. ففي سبتمبر من العام الجاري، وبالشراكة مع شركة «تمكين» في أبوظبي التي تنطوي مهامها على إنجاز مشاريع لتحقيق رؤية أبوظبي في التطور القائم على المعرفة، قمنا بالإعلان عن «تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي» الذي يهدف إلى رصد وتطبيق الحلول المستدامة والقائمة على التكنولوجيا، على امتداد سلسلة القيمة الغذائية التي من شأنها المساهمة في تعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي لدولة الإمارات. ويستقبل التحدي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، المشاركات من جميع أنحاء العالم، ويدعو الشباب ورواد الأعمال والمبتكرين إلى البحث عن الحلول على امتداد سلسلة القيمة الغذائية، للتصدي لتحديات إنتاج وإدارة الغذاء في دولة الإمارات. وتبلغ القيمة الإجمالية للجوائز التي يقدمها التحدي مليون دولار، مقسمة على أربعة فائزين، لتكون بذلك أكبر جائزة يتم تقديمها على الإطلاق لتحدٍ يعنى بتكنولوجيا الغذاء، كما سيحصل الفائزون على مجموعة من المزايا التي تشمل فرصة المشاركة في برنامج حاضنة للأعمال مدته ستة أشهر، مقدم من شركة «كاتاليست» في أبوظبي، ليتسنى لهم تحويل أفكارهم إلى مشاريع على أرض الواقع، والتواصل مع المستثمرين من مختلف أنحاء العالم. وعلى صعيد بناء مجتمع ينعم بالصحة والعافية، قام «مكتب الأمن الغذائي» و«البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة» بإطلاق «سياسة توسيم القِيَم الغذائية للمنتجات» في سبتمبر الماضي. وتتضمن السياسة تطبيق نظامٍ مبتكر، يعد بمثابة بوابة عبور للأغذية الصحية والأغذية ذات الفائدة الصحية الأقل تبعاً لمكوناتها ومحتواها من العناصر المغذية. وتشير ألوان الأحمر والأصفر والأخضر إلى كمية السكر والأملاح والدهون في المنتجات، حيث تستند السياسة إلى النتائج المجمعة من دراسة ميدانية نفذتها «مبادرة التصميم المجتمعي لجودة الحياة» والتي تعد أيضاً من أبرز شركائنا الذين يساعدوننا على تحقيق أهدافنا. وبدوره، يمثل «أسبوع أبوظبي للاستدامة» طرفاً أساسياً في هذا المفهوم للشراكات، لاسيّما أن «مدينة مصدر» تعتبر شريكاً مهماً في جهودنا الرامية إلى بناء قطاع زراعي قائم على التكنولوجيا، عبر مبادراتها مثل مشروع «حاوية الزراعة العمودية التجريبية» للزراعة المائية، و«معرض حلول الزراعة المنزلية المستدامة» (بستاني). وفي كل عام، يعمل «أسبوع أبوظبي للاستدامة» على تعزيز الوعي بأهمية الاستدامة، على اختلاف مجالاتها وجوانبها، بما فيها الأمن الغذائي، ونأمل لبرنامج هذا العام أن يحقق أعلى مستويات النجاح.

مشاركة :