يحذر مراقبون من أن الهجوم على السفارة الأميركية في بغداد، سيترك تداعيات طويلة الأمد على العراق وعلاقاته الدبلوماسية وقد يدخله في عزلة طويلة. فالهجوم كشف مدى قوة الحشد الشعبي الموالي لإيران وتغلغله في مفاصل الدولة. يرى مراقبون أن الهجوم على السفارة الأمريكية ستكون له تداعيات خطيرة. رأى الخبير في مركز كارنيغي للشرق الأوسط حارث حسن أن الهجوم على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصنة، التي تركت القوات العراقية مداخلها مفتوحة، كشف عن مدى نفوذ وقوة "الحشد الشعبي" في العراق. إذ استطاع فصيل واحد فرض إرادته، متوقعا أن "يكون العام الجديد بداية سنوات العراق العجاف، ما يؤدي إلى عزلته". وتأسست قوات "الحشد الشعبي" الموالية لإيران عام 2014 وباتت الآن ضمن قوات الامن العراقية. ويشغل رئيسها فالح الفياض منصب مستشار الأمن القومي في الحكومة العراقية. لكن الولايات المتحدة تعتبر أن وحدات الحشد الشعبي ذات الغالبية الشيعية، تخدم مصالح إيران أكثر مما تخدم مصالح العراق. وتتهم واشنطن بالتحديد كتائب حزب الله العراقي، إحدى فصائل الحشد الشعبي، بالوقوف خلف هجوم صاروخي الجمعة على قاعدة في شمال العراق، أدى إلى مقتل متعاقد أميركي. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية لوكالة فرانس برس إن القوات العراقية تبدو "غير قادرة أو غير راغبة" في وقف الهجمات الصاروخية. وأوضح "نخشى أن تكون البنية الأمنية مخترقة. الحشد اليوم له السيطرة الكبرى على قوات الأمن العراقية (...) والعراقيون يقولونا لنا ماذا يمكننا أن نفعل؟". إدارة ترامب استقدمت المئات من جنود المارينز لحماسة سسفارتها في بغداد. "الحشد يسيطر فعليا على المنطقة الخضراء" ويرى العديد من المسؤولين العراقيين والأميركيين أن الخطر بدأ يلوح قبل بضعة أسابيع. فحين كانت ساحة التحرير في بغداد تغص بالمتظاهرين ضد السلطة وداعمها الإيراني في خضم الحراك المطالب بـ"إسقاط النظام"، انتشرت قوات من الحشد الشعبي في المنطقة الخضراء القريبة. وفي علامة واضحة على سيطرة الحشد الفعلية على المنطقة، لم تتدخل قوات الأمن العراقية التي دربتها الولايات المتحدة فيما كانت أعمال تخريب تجري في محيط السفارة. وقال عنصر أمن عراقي يحرس المنطقة الخضراء إنه اضطر إلى السماح لأنصار الحشد بالمرور لأنه لم تكن لديه "أوامر" بالتدخل، وأضاف "الحشد أصبح الآن القوة العراقية الأكثر نفوذا لأن القادة العسكريين والسياسيين يسمحون له بالقيام بهذا الدور". وكان من بين من شاركوا المتظاهرين المتوجهين إلى السفارة الأميركية شخصيات بارزة في الدولة مثل فالح الفياض، رئيس الحشد الشعبي. وفي هذا السياق علق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على الفور في تغريدة واصفهم بأنهم "إرهابيون" و"وكلاء إيرانيون". وتشير تصريحات بومبيو إلى تحول كبير في الموقف الأميركي. ويعتبر فيليب سميث المتخصص في الجماعات الشيعية المسلحة أن عرض القوة الثلاثاء ومشاركة مسؤولين كبار فيه "يظهر مدى نفوذ طهران في بغداد، يجب ألا يكون هناك أي أوهام بهذا الصدد". "الهجوم على السفارة سيكلف العراق غاليا" ويؤكد مسؤولون ومحللون أن الهجوم على السفارة، الذي أحيا في الولايات المتحدة صدمتي أزمة الرهائن في السفارة الأميركية في طهران في 1979 والهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي عام 2012، قد يكلف العراق غاليا على الصعيد الدبلوماسي. وسبق أن رفضت واشنطن دعوة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لزيارة الولايات المتحدة، لاعتبار الكثيرين في الولايات المتحدة أنه "قريب جدا" من إيران. كما أدرجت الولايات المتحدة شخصيات سياسية عراقية ووحدات من الحشد الشعبي وحتى مصارف عراقية على قائمة سوداء، ولوحت بعقوبات أخرى لاحقا. وقال دبلوماسي عراقي رفيع المستوى لوكالة فرانس برس "العراق في خطر أن يصبح دولة منبوذة، معزولة عن بقية العالم مثل فنزويلا وكوريا الشمالية وغيرهما". بدوره قال الخبير العراقي هشام الهاشمي إن "العزلة والعقوبات الدبلوماسية والاقتصادية وفقدان الثقة، هذا ما حدث للأنظمة الإيرانية والسورية والليبية وكذلك للنظام العراقي القديم". وختم "من الممكن أن تقلب الطاولة على العراق مثلما هي الحال بالنسبة لتلك الدول." أ.ح/ ع.ج.م (أ ف ب)
مشاركة :