إخلاء مدن بأكملها في أستراليا وسط مخاوف من اشتداد الحرائق غداً

  • 1/3/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وجّهت السلطات الأسترالية، أمس، بالإخلاء القسري لبعض السكان فيما فرّ آلاف السياح من المناطق الواقعة على الساحل الجنوبي الشرقي للبلاد تحسّباً لموجة حرّ جديدة يتوقّع أن تضرب المنطقة السبت، مما يهدّد بتأجيج الحرائق الكارثية الضخمة التي تلتهم منذ أسابيع مساحات واسعة من جنوب شرقي القارّة. وهذه الحرائق التي لا تزال خارج السيطرة تسببت خلال الساعات الـ48 الماضية بمقتل ثمانية أشخاص على الأقلّ، ومحاصرة العديد من السياح. أعلنت رئيسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، غلاديس بيريكليان، أمس حالة الطوارئ لمدة سبعة أيام للسماح بالإجلاء القسري ابتداء من الجمعة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وهذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها إعلان حالة الطوارئ في هذه الولاية، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في أستراليا. وأضافت «إننا لا نتخذ هذا النوع من القرارات باستخفاف، لكننا نريد ضمان اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمواجهة ما يمكن أن يحدث في يوم السبت الرهيب». ويأتي هذا الإعلان بعد أن طلبت إدارة الإطفاء في مقاطعة «نيو ساوث ويلز»، أمس، من السياح إخلاء منطقة ساحلية تمتدّ بطول 200 كيلومتر. والمنطقة المعنية بأوامر الإخلاء تبدأ شمالاً ببلدة «بيتمانز باي» الخلابة (نحو 300 كيلومتر جنوبي سيدني)، وتنتهي على بعد 200 كلم جنوباً. ونصحت السلطات السياح المعنيين بالتوجّه إلى الجنوب ومقاطعة فيكتوريا. وقتل 18 شخصاً على الأقل منذ بدء موسم الحرائق في سبتمبر (أيلول)، وقد ترتفع هذه الحصيلة مع تأكيد سلطات ولاية فكتوريا أن 17 شخصاً في عداد المفقودين على امتداد أراضيها. وبموجب توجيهات السلطات، يتعيّن على السياّح مغادرة هذه المنطقة قبل حلول يوم غد السبت، وهو يوم ينذر بأن يكون كارثياً لفرق الإطفاء إذ تتوقع الأرصاد الجوية أن يشهد هبوب رياح قوية، وأن ترتفع فيه درجات الحرارة إلى ما فوق 40 درجة مئوية، وهي ظروف مثالية لتأجيج الحرائق المستعرة أصلاً والمنتشرة على مساحات شاسعة. ويخشى أن يكون السبت يوماً أسوأ من يوم الثلاثاء، الأسوأ منذ بدء موسم الحرائق في سبتمبر، وقضى العديد من السياح ليلتين معزولين بدون كهرباء ولا اتصالات، ومعتمدين على مؤن غذائية شحيحة، لكنّ السلطات أمّنت بعض الطرق لإجلائهم. وقال أندرو كونستانس، وزير النقل في نيو ساوث ويلز، إنّ عملية إخلاء المنطقة السياحية المحظورة ستكون «الأكبر على الإطلاق في المنطقة». ويمتدّ صف طويل من السيارات على طول الطريق السريع المؤدي إلى سيدني. وقالت امرأة في سيارتها لوكالة الصحافة الفرنسية، إنها احتاجت لثلاث ساعات لقطع مسافة 50 كلم فقط. بدوره قال روب روجرز، نائب مفوّض دائرة الإطفاء في نيو ساوث ويلز، إنّ فرق الإطفاء لم تتمكّن من إطفاء الحرائق المستعرة أو حتى السيطرة عليها. وصرّح روجرز لشبكة «إيه بي سي» العامة أنّ «الرسالة هي أنّ لدينا الكثير من النيران في تلك المنطقة، وليست لدينا القدرة على احتواء هذه الحرائق. نحن بحاجة فقط للتأكّد من أنّ الناس ليسوا أمامها». وروى جون ستيل (73 عاماً) الذي يعيش قرب ميريمبولا على الساحل الجنوبي أن بعض الأشخاص أصيبوا «بالهلع» إثر دعوات إخلاء المنطقة، مشيراً إلى وجود العديد من «الأخبار الزائفة على فيسبوك والإنترنت». ووصف ستيل الوضع في الأيام الأخيرة بأنه «كارثي»، فيما بدأت احتياطات المواد الطازجة والوقود بالنفاد. ولم تتمكن السلطات من التواصل بعد مع كافة سكان المناطق النائية الأكثر عزلة. ودمّر أكثر من 400 منزل في أستراليا في الأيام الأخيرة، وهو رقم مرشح للازدياد حالما تتمكن السلطات من دخول القرى الأكثر عزلة، لتفقد الأضرار. وتمت تعبئة قوارب وطائرات عسكرية وعناصر إغاثة من أجل إرسال المساعدات الإنسانية وتقييم الأضرار في المناطق الأكثر عزلة. وصلت سفينة للبحرية صباح أمس إلى مدينة مالاكوتا الساحلية، حيث لجأ العديد من الأشخاص لساعات على الشاطئ هرباً من النيران التي وصلت إلى الأحياء. وأكد نائب مفوض خدمات الطوارئ في ولاية فكتوريا، كريس ستيفنسون، أنه تمت إغاثة العديد من الأشخاص، وسيجري إجلاء 500 آخرين خلال المرحلة الأولى من عملية الإنقاذ الطويلة. وقال ستيفنسون «اليوم، سنبدأ بالتحرك لإجلاء السياح في مالاكوتا والسكان الذين لا يرغبون في البقاء هناك»، مضيفاً «وبالأخذ بعين الاعتبار لعدد الأشخاص الموجودين هناك، سيحتاج الأمر لأيام، إن لم يكن لأسابيع». ومنذ بدء موسم الحرائق، أتت النيران على 1300 منزل و5.5 مليون هكتار من الأراضي، وهي مساحة تفوق مساحة بلد مثل الدنمارك أو هولندا. وأدّت الأزمة إلى تظاهرات لمطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لمكافحة الاحتباس الحراري، الذي يقول علماء إنه السبب الأبرز خلف هذه الحرائق التي بلغت درجة عنف غير مسبوقة. ويتعرض رئيس الوزراء سكوت موريسون الذي جدد دعمه لقطاع الفحم المربح والملوث في أستراليا، للكثير من الانتقادات. وقال في أول مؤتمر صحافي له منذ عودة اشتداد الحرائق، أمس، إن السلطات «تبذل أقصى جهودها» لتأمين المساعدة للسكان الأكثر حاجة إليها. ودعا السكان إلى «الثقة بكل من يعملون على مكافحة الحرائق»، مدافعاً في الوقت نفسه عن سياسته للتغير المناخي التي صنفها بـ«المعقولة».

مشاركة :