انسحب أنصار فصائل عراقية مسلحة تدعمها إيران من محيط السفارة الأميركية بعد قيامهم باقتحامه ورشق المبنى بالحجارة في احتجاجات استمرت ليومين، ويأتي ذلك فيما أعلنت السفارة في بغداد تعليق كافة العمليات القنصلية حتى إشعار آخر. وجاء الانسحاب بعد هددت واشنطن بالانتقام من طهران التي حملتها مسؤولية التحريض على اقتحام السفارة من قبل أنصار ميليشيا الحشد الشعبي. كما أرسلت واشنطن قوات إضافية وهددت بالانتقام من طهران. ويرى مراقبون أن انسحاب أنصار الحشد الشعبي بأمر من وكلاء إيران لتفادي التصعيد مع واشنطن وامكانية الصدام مع القوات الأميركية بعد تلويح الخارجية الأميركية برد قاس تجاه حادثة اقتحام السفارة التي جاءت بدفع من إيران. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن العراق سيواصل تحمل مسؤوليته في تأمين الأفراد الأميركيين في البلاد. وأضاف "سنواصل التعاون لمساءلة إيران ووكلائها". وأوضح بومبيو في تغريدة له عبر حسابه على تويتر "تحدثت اليوم مع رئيس الوزراء العراقي، الذي وافق على أن العراق سيواصل الالتزام بمسؤوليته في تأمين الأفراد الأميركيين وإبعاد المهاجمين المدعومين من إيران عن السفارة الأميركية في بغداد". واتهم بومبيو النظام الإيراني بأنه "نسق الهجوم الذي نفذه الإرهابيون ضد سفارة الولايات المتحدة في بغداد". وشدد على أنه "لا ينبغي أن يختلط ذلك بالجهود المشروعة للمتظاهرين العراقيين الذين هم في الشوارع منذ (تشرين أول) أكتوبر لاستنكار الفساد الذي صدره النظام الإيراني للعراق". وشكلت محاولة اقتحام السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، منعطفا جديدا هو الأكثر خطورة في مسار التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران. من جانبه، قال الجيش العراقي في بيان له إن "جرى انسحاب جميع المحتجين ورفع السرادق وإنهاء المظاهر التي رافقت هذه الاحتجاجات، كما أمنت القوات الأمنية العراقية محيط السفارة بالكامل". وقالت قوات الحشد الشعبي في بيان "الحشد الشعبي يدعو الجماهير المتواجدة قرب السفارة الأميركية إلى الانسحاب احتراما لقرار الحكومة العراقية التي أمرت بذلك وحفاظا على هيبة الدولة ويقول للجماهير المتواجدين هناك إن رسالتكم وصلت". وتأتي الخطوات المناهضة للولايات المتحدة بعد أشهر من الاحتجاجات في العراق ضد الحكومة والجماعات المسلحة المدعومة من إيران. ويشير مراقبون إلى أن توتير الأجواء مع الولايات المتحدة من قبل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في مثل هذا التوقيت، هي محاولة من قبل طهران للتشويش على الاحتجاجات التي تهدد نفوذها في البلاد بشكل مباشر بعد وصول مساعيها لوضع شخصية موالية لنظامها على رئاسة الحكومة، إلى طريق مسدود. ولكن يبدو أن المخطط الإيراني قد فشل، فالمتظاهرون العراقيون أكدوا أن مقتحمي المنطقة الخضراء لا يمثلون الحراك العراقي السلمي الذي يطالب بمحاسبة الفاسدين واستقلالية القرار العراقي بعيدا عن النفوذ الإيراني. ويشكو كثير من العراقيين من أن بلادهم أصبحت ساحة قتال لحرب بالوكالة بين واشنطن وطهران وأن قادتهم يدينون بالولاء للقوى الخارجية، في إشارة إلى نظام ولاية الفقيه. وندد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالهجمات الأميركية. واستدعت إيران القائم بالأعمال السويسري بصفته راعيا للمصالح الأميركية في طهران وقدمت احتجاجا على ما وصفته بالتصريحات الأمريكية "الداعية للحرب". ويحظى رئيس الوزراء العراقي، الذي أعلن اعتزامه التنحي في مواجهة الاحتجاجات المناهضة للحكومة وقُتل فيها أكثر من 450 شخصا، بدعم إيران وحلفائها. وربما تكون الفصائل المسلحة قد قررت الانسحاب من السفارة لكي لا تجعله يبدو ضعيفا أو من أجل تجنب الاشتباكات مع القوات الحكومية.
مشاركة :