يبدو أن الانتقادات التي طالت حلف شمال الأطلسي “الناتو” في الفترة الأخيرة والانقسامات التي طغت على أعضائه خلال قمة لندن التي انعقدت في ديسمبر من العام الماضي قد دفعت نحو الشروع في تنفيذ بعض الإصلاحات بهدف تعزيز قدرات الحلف العسكرية. وأعلن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أنه يتم تعبئة الآلاف من الجنود الألمان ومن دول أخرى بالحلف في حالة جاهزية قصوى اعتبارا من العام الجديد لأجل الحلف. ويطلق كذلك على هذه المبادرة، مبادرة حالة التأهب والاستعداد. وقال ستولتنبرغ في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إن هؤلاء الجنود سيكونون جزءا مما يسمى بمبادرة الجاهزية، التي تنص على تدريب وتسليح 30 وحدة من الجيش والسلاح الجوي والبحرية بحيث تكون جاهزة في حالة حدوث أي أزمة في غضون 30 يوما كحد أقصى. وأضاف أن الأمر يتعلق بشكل مباشر بنحو 25 ألف جندي و300 طائرة و30 سفينة بحرية. يذكر أنه تم إقرار مبادرة الجاهزية في عام 2018 في إطار توسيع نطاق قدرات الردع والدفاع التي تتمتع بها 29 دولة عضو بحلف “الناتو”. ولكن الأهداف التي حددها الحلف لنفسه تعد في حد ذاتها تحديات كبيرة بالنسبة لكثير من الحلفاء. وذكرت دوائر عسكرية أنه من المحتمل أن يستغرق الأمر بعض الوقت إلى أن يحقق جميع المشاركين الأهداف الجديدة للجاهزية. وبحسب بيانات من دوائر عسكرية بالحلف، فإن ألمانيا سجلت أنها جاهزة للمشاركة بنحو سبعة آلاف جندي مع 50 طائرة وثلاث سفن. وبذلك تنتمي ألمانيا لأهم الداعمين لمبادرة الجاهزية، إلى جانب فرنسا وبريطانيا. ويسعى أعضاء حلف الناتو إلى القيام بإصلاحات كبرى من أجل تعزيز قدرات الحلف العسكرية خاصة بعد الانتقادات التي وجهت إليه لاسيما تلك التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكان ماكرون قد اعتبر أن الحلف يعيش حالة “موت سريري” وذلك في تعليقات له على تحركات بعض أعضاء الناتو على غرار تركيا التي أقدمت على مغامرة التوغل العسكري في سوريا والولايات المتحدة التي يُنظر لها على أنها بدأت تبتعد عن الحلف. وتسببت تصريحات الرئيس ماكرون في تشنج كبير في قمة حلف الناتو في لندن الشهر الماضي بعد أن اتهم ساكن الإليزيه تركيا بدعم جماعات مسلحة، مؤكدا عدم وجود إجماع بشأن تحديد مفهوم للإرهاب بين أعضاء الحلف.
مشاركة :